أعرب عدد من أعضاء مجلس النواب التابعين للإطار التنسيقي الحاكم في البلاد، عن رفضهم لأي اتفاق يعقده قادة الإطار من أجل تمرير جداول موازنة 2024 المرسلة من الحكومة، بدعوى "ظلم" المحافظات في الوسط والجنوب، عبر تقليل تخصيصاتها.
نواب ينتمون لكتل الإطار التنسيقي يرفضون تمرير جداول موازنة 2024 بعد تلميحات من قادة الإطار لتمريرها
وعقد قادة الإطار التنسيقي، مساء الثلاثاء 29 أيار/مايو 2024، اجتماعًا في مكتب رئيس ائتلاف النصر حيدر العبادي، بحضور رئيس الحكومة محمد السوداني وعدد من الوزراء والنواب ذوي الاختصاص. وتداول قادة الإطار، وفق بيان رسمي جداول الموازنة المالية.
وأضاف البيان: "حيث أكد الإطار بعد مراجعة بنود الموازنة وبعد أن تم التأكد من وجود تخصيصات كافية للمحافظات لعام 2024 على ضرورة إقرار الجداول لتحقيق مصالح المواطنين ودعم الوضع الاقتصادي".
ويأتي بيان قادة الإطار التنسيقي الذي ألمح للقبول بصيغة الجداول، بعد أيام من الجدل والانتقادات الموجهة لجداول موازنة 2024، والتي تركزت على توزيع التخصيصات بين المحافظات، وإقليم كردستان، ودعاوى وجود "ظلم" للمحافظات الوسطى والجنوبية.
وأعلنت اللجنة المالية النيابية، في 27 أيار/مايو 2024، أنها تناقش جداول موازنة 2024 بحضور وزيري المالية طيف سامي، والتخطيط محمد تميم. وسبق أن كشفت المالية عن استضافة طيف سامي لمناقشة "أسباب زيادة النفقات التشغيلية فضلًا عن ملف التمويل".
"ظلم الحكومة الفاحش"
انتصار الموسوي، النائبة عن تحالف "نبني" الذي يضم مجموعة من الفصائل بقيادة هادي العامري، كشفت عن اتفاق نواب المحافظات الجنوبية على عدم تمرير جداول الموازنة لعام 2024 بشكلها الحالي".
ترغب حكومة السوداني بالسيطرة على الصرف لتدفع هي الأموال وليس المحافظات
وقالت الموسوي في حديث لـ"ألترا عراق"، ردًا على بيان الإطار التنسيقي، إن "أي اتفاق لقادة الإطار لن يكون ملزمًا للنواب بسبب الظلم الحاصل"، مبينة أن "الحكومة ظلمت المحافظات الجنوبية بشكل فاحش وخفضت تخصيصاتها مقارنة برفع تخصيصات الإقليم"، لكن "النواب لن يقبلوا بذلك وسيعملون على تعديل الجداول بما هو ملائم".
وأكدت الموسوي أن "محافظة البصرة هي المتضرر الأكبر وتم تخفيض حصتها من 2 تريليون دينار إلى 800 مليار وهذا لا يعتبر عادلًا بالنظر لما تمنحه البصرة من واردات للعراق"، مشيرة إلى أن "سبب التخفيض لكل المحافظات هو رغبة الحكومة بالسيطرة المركزية على الصرف ومنح الأموال للوزارات كي تكون هي التي تدفع اللأموال وليس المحافظات".
وكان محافظ البصرة أسعد العيداني أرسل كتابًا إلى محمد السوداني، اطلع عليه "ألترا عراق"، قال فيه إن البصرة "استلمت فقط 30% من استحقاقها في 2023"، وإنها "لم تستلم حقها من فائض سعر النفط حسب قانون الموازنة"، كما "لم تستلم دينارًا واحدًا عام 2024"، مؤكدًا أن "الوضع ينذر بتوقف المشاريع واندثارها"، مع "ضرورة معالجة جداول موازنة 2024".
وبحسب النائبة عن "نبني"، فإن "الوزارات لا تعلم بكل حاجات المحافظات ومشاريعها المتوقفة والمتعطلة بسبب صعوبة الصرف والإجراءات الروتينية الكبيرة الموجودة منذ سنوات"، مشددة على أن "الجداول لن تمرر بشكلها الحالي إطلاقًا".
وأجرت حكومة السوداني تخفيضًا على التخصيصات المالية للمحافظات في جداول موازنة 2024، مع زيادة لوزارتي الإعمار والتخطيط، مع حديث عن زيادة لتخصيصات إقليم كردستان أيضًا.
لا فرض لإرادة القيادات
ليس من جهة نواب كتل الإطار التنسيقي فحسب، بل اعتبر عضو مجلس النواب "المستقل" عن محافظة واسط، باسم نغيمش، الحديث عن تمرير موازنة 2024 بشكلها الحالي مستحيل.
لا يمكن للقيادات السياسية فرض إرادتها على حساب المحافظات الجنوبية
وقال نغيمش، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "محافظة واسط ظُلمت بشكل كبير في جداول الموازنة ويجب تعديل حصتها في الجداول بما يلائم الاحتياج"، لافتًا إلى أن "القيادات السياسية لا يمكنها فرض إرادة على مصالح المحافظات المتضررة والتي تنتظر هذه التخصيصات المالية".
ومن بين المحافظات التي شهدت تخفيض موازناتها "تعتبر المثنى والديوانية هي الأقل حصة بالتخصيصات"، وفق الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي الذي اعتبر أن "موازنة 2024 ستكون الأكثر جدلًا بتاريخ البلاد بسبب البنود والمواد الملغومة فيها، إضافة للنفقات التشغيلية الكبيرة جدًا".
وأكد النائب نغيمش أن "الجداول ستعدل بما يناسب احتياجات المشاريع في الجلسات المقبلة من قبل اللجان المختصة"، مبينًا أن "البرلمان هو من ستكون له الكلمة الفصل".
وسبق أن قالت وزارة التخطيط، في بيان للرد على الشكاوى من "ظلم" المحافظات الجنوبية والوسطى، إن "هناك مبالغ أخرى ستخصص للمحافظات، تتأتى من إيرادات المنافذ الحدودية (...) وكذلك التخصيصات المالية المخصصة للصناديق بمختلف تخصصاتها، وهي صناديق إعمار ذي قار وسنجار، والمناطق المتضررة، ودعم المناطق الأشد فقرًا، والبالغة حوالي (2) ترليون دينار".
"السفارة الأميركية تضغط"
وفي إشارة لافتة، تحدث ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، أحد أبرز قادة الإطار التنسيقي، عن ضغط تمارسه السفارة الأميركية في بغداد على حكومة محمد السوداني لتخفيض تخصيصات المحافظات الجنوبية.
ائتلاف المالكي يقول إن السفارة الأميركية تضغط على حكومة السوداني لتخفيض تخصيصات المحافظات الجنوبية
وعلق القيادي في ائتلاف دولة القانون، حيدر اللامي، بشأن وجود اتفاق بين قادة الإطار التنسيقي والحكومة حول جداول موازنة 2024، وتحدث عن "عدم رضا قادة الإطار على صيغتها الحالية".
وقال اللامي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "السفارة الأميركية قد ضغطت بشكل كبير على الحكومة العراقية لمواصلة تخفيض تخضيصات المحافظات الجنوبية وجعلها تستمر بالمعاناة مقابل فتح الأموال الاتحادية أمام إقليم كردستان وإصلاح الأوضاع"، لافتًا إلى أن "وضع الوزارات هي المسيطرة على المحافظات وأموالها فيه غاية خارجية أميركية كما هو الحال بملف خروج القوات العسكرية".
وأقدمت حكومة محمد السوداني على تقليل تخصيصات المحافظات مقابل زيادة في تخصيصات وزارات مثل الإعمار والإسكان، ووزارة التخطيط.
وأوضح حيدر اللامي أن "قيام الحكومة بهذا الفعل وتخفيض تخصيصات الجنوب سيتم مواجهته في البرلمان من قبل ممثلي الشعب"، مشددًا على أن "قرار قادة الكتل السياسية ليس مع الجداول بصيغتها الحالية، وبنفس الوقت هم لايستطيعون فرض ارادتهم بحال ارادوا قبولها على النواب لان ذلك سيحدث شرخا كبيرا وتهميشا لدور ممثلي الشعب الذين عبروا عن رفضهم القاطع للتخفيض".
وبحسب القيادي في ائتلاف المالكي، فإن "قادة الكتل يعون جيدًا أهمية التوافق في أي قرار مع رغبة النواب وصوتهم الذي يمكن تغيير أي قرار في المجلس ولذلك من الواضح سيتم تعديل جداول الموازنة بما يمكن من خلاله منح الحقوق العادلة أو إرضاء المحافظات الجنوبية وإزالة الظلم الحاصل".