26-أكتوبر-2023
الإطار التنسيقي

كتل سياسية لا تؤيد إخراج القوات الأجنبية (فيسبوك)

بالتزامن مع عمليات "طوفان الأقصى" في غزة المحاصرة من قبل الاحتلال الإسرائيلي، وتصاعد الهجمات على قواعد عسكرية تضم قوات أمريكية في العراق، وظهور حديث أنها أحرجت رئيس الحكومة محمد شياع السوادني، خرجت العديد من المطالب أيضًا من الجهات السياسية الداعمة للسوداني، بطرد القوات الأمريكية من البلاد، ما أدى إلى طرح أسئلة حول جدوث هذا الأمر. 

قال نائب عن دولة القانون إن القوى السياسية لا تصعد مع الولايات المتحدة وتغامر بـ"الاستقرار" الموجود حاليًا 

واستبعد النائب عن دولة القانون، محمد الزيادي، ما وصفها بـ"مغامرة القوى السياسية باستقرار الحكومة الحالية مقابل إخراج القواعد العسكرية الأمريكية المتبقية في العراق، معتبرًا أنّ "ما لم تفعله إيران ودول في المنطقة بقطع علاقاتها ودبلوماسيتها مع الولايات المتحدة، لن يفعله العراق أيضًا ولا خيار غيره".

ويقول الزيادي لـ"ألترا عراق"، إنّ "التاريخ الملموس للسياسة الأمريكية مع الدول فهي تطبق مقولة جورج بوش الابن دائمًا بأن لا تكون رمادية ولا وسط، بمعنى أما المقابل يكون معها أو ضدها".

ولهذا، ـ والكلام للزيادي ـ فإنّ حكومة السوداني الآن "بين فخين لا ثالث لهما، أما الذهاب باتجاه لا يحمد عقباه، أو ما لا يمكن تقبله من الشارع".

وأضاف الزيادي أنّ "المأساة التي تحصل في فلسطين ويشاهدها كل العراقيين دفعت إلى محاولات عاطفية اندفع إليها الكثير من الأطراف في العراق لضرب الوجود الأمريكي، فيما يقابله خطوات لجهات تسعى إلى لملمة الشتات وعدم الوقوع في مشاكل، لأنّ الولايات المتحدة لها تأثيرات في العراق أبرزها اقتصادية ولا يستطيع أي أحد نكران ذلك"، مبينًا أنّ "قيام واشنطن بغلق منصة الدولار في العراق مثلًا سيجعل الحكومة عاجزة عن دفع الرواتب للموظفين، ولذلك فالحكومة بين طرفين، أولهما الإرادة الأمريكية، والرغبة الداخلية في العراق".

ورأى الزيادي أنّ "كل دول المنطقة خاصة الأكثر استقرارًا من العراق والأقوى اقتصاديًا لم تستطع المغامرة بالعلاقات والدبلوماسية مع أمريكا، بما فيها إيران التي تحمل من القوة العسكرية الشيء الكبير الذي يجعلها بمصاف الدول المتقدمة عسكريًا، مستدركًا: "لكنها مستمرة بالصمت وتنظر للخطوات القادمة".

وزعم الزيادي أنّ "واشنطن غازلت الإيرانيين كثيرًا بقضية عدم مشاركتها في العملية العسكرية الأخيرة في فلسطين مقابل إنهاء وتصفية قضايا مشتركة أخرى ولتجنب حصول حرب شاملة".

وأكد أنّ "البيانات العراقية من الممكن استمرارها بمواقفها من الوجود الأمريكي وارتباطه بما يحصل في غزة كوجود عام في المنطقة، مستدركًا: "ولكن قرارًا سياسيًا أو برلمانيًا عراقيًا من الصعب تحققه تجاه هذا الوجود، لأن العراق ليس قرية أو دولة، بل أمة تجتمع بها مختلف القوميات والأديان وبمزاجات مختلفة ما يؤدي لعدم توفر الإجماع على مثل قرار إخراج الأمريكان".

وصف نائب عن دولة القانون ضرب الوجود الأمريكي في العراق بـ"المحاولات العاطفية" 

وبالنسبة للزيادي، فإنّ "من الصعب خروج قرار من البرلمان، وبحال أصدره فهو انتحار بكل صراحة"، لافتًا إلى أنّ "القرار السابق من البرلمان بإخراج القوات الأمريكية لم يطبق بسبب غياب بعض القوى السياسية عن الجلسة، وعدم مشاركتها به، ولم يؤخذ به".

ودعا النائب عن دولة القانون، كل السياسيين العراقيين إلى "التريث وعدم العجلة، أسوة ببقية السياسات والحكومات في الدول المجاورة وتعاملها بهذا الملف، سواء الدول التي لها مصلحة مع العراق أو المرتبطة بقرار الأوضاع في فلسطين".

وفي الأثناء، قال النائب عن كتلة "صادقون" النيابية، محمد البلداوي، إنّ البرلمان سبق له وأن اتخذ قرارًا بإخراج القوات الأمريكية من العراق بعد طلب قدمته حكومة عادل عبد المهدي التي أكدت عدم حاجة البلاد لها، معتبرًا أنّ "العملاء حينها اجتمعوا على إسقاط الحكومة التي رفضت الوجود الأمريكي".

النائب عن "صادقون"، وهي الجناح السياسي لـ"عصائب أهل الحق"، قال إنّ "من التغيرات في المنطقة والوضع الأمني الحاد والدعم الأمريكي السافر والشنيع للاحتلال الاسرائيلي وجرائمه في غزة، يدعو إلى تصديق حقيقة عدم حاجة هذا التواجد العسكري، خاصة في العراق، لأنها ستسخدم أرضه للاعتداء على أي دولة"، ملمحًا إلى "إمكانية إشراك أي دولة تتواجد بها القوات الأمريكية بالحرب في فلسطين أو أي مكان، فهي تريد القتال دائمًا في غير أرضها".

وبالنسبة للبلداوي، فإنه يختلف مع عضو دولة القانون، محمد الزيادي، ما يؤشر إلى خلاف داخل "الإطار التنسيقي"، حول هذا الملف، حيث يؤكد البلداوي أنه "يجب حصول تحرّك سريع وجاد لإخراج القوات الأمريكية بأي صفة كانت من العراق، لاسيما قد اتضح عدم تأثيرها في إبراز دور أو تطوير أي قوات عراقية وتلبية متطلباتها بل لحماية الكيان الصهيوني فقط"، مذكرًا بـ"تجارب الوجود الأمريكي في أفغانستان وكوبا ودول الخليج التي أصبحت منقسمة وخلافاتها كبيرة داخليًا"، على حد تعبيره. 

قال نائب عن "العصائب" إنّ التواجد الأمريكي سبب نشر المخدرات في العراق

البلداوي عدّ التواجد الأمريكي، "سببًا لخراب المجتمع وشيوع الفساد والمبادئ الغربية وتفكك الكثير من الأخلاقيات ونشر المخدرات"، داعيًا إلى "اتخاذ قرارات موحدة سياسيًا وعسكريًا وبمختلف الأصعدة لتنفيذ الرؤية العراقية بسلامة البلد وإبعاد الخطر الأمريكي وانعكاساته".

وفي ذات السياق، عبّر أمين عام حركة حقوق، سعيد السراي، عن "إصرار" كتلته على المطالبة بالإسراع في اتخاذ قرار إخراج المستشارين الأمريكان من العراق، مبينًا أنّ "التقييم الحالي للوجود الأمريكي فائدته صفر منذ عام 2003 ولغاية الآن". 

وقال السراي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "في كل مكون سياسي توجد انقسامات ومصالح تؤدي إلى عدم إجماع القرار، ففي الكرد انقسام حول التواجد الأمريكي، وبداخل كل حزب أيضًا وجهات نظر، ونفس الحال للشيعة والسنة وغيرهم".

وأضاف أمين حركة "حقوق"، وهي تابعة لـ"كتائب حزب الله"، أنّ "أمريكا لم تقدم شيئًا للقوات العراقية طوال سنوات 2003- 2014، بل العكس بعد الاتفاقية الأمنية قد انهارت القوات أمام جماعات بسيطة من الإرهابيين وسقطت المحافظات".

وبالنسبة للسراي، فإنّ "العراق ليس بحاجة لمستشارين عسكريين، وفي وقت احتاج مساعدة أمريكا لم تمنحه ما يريده ببداية حرب داعش بقدر المنح الروسية التي مثلت الاستجابة السريعة لتجهيز القوات وتوفير الغطاء الجوي"، مؤكدًا أنّ "هناك نحو أو أكثر من 10 آلاف مستشار أمريكي ليس لهم أي دور في تطوير القدرات القتالية".

وأوضح السراي أنّ "المصالح الآن ربما تجبر بعض الأطراف السياسية حتى من الشيعة وأيضًا السنة على عدم المغامرة بالحكومة الحالية أو الانضمام لطلب خروج الأمريكان، مستدركًا بالقول: "لكن من لم يشارك بالحكومة مثل حركة حقوق ليس لديه ما يخسره"، مبينًا أنّ "الضربات الأخيرة من المقاومة العراقية لقواعد الأمريكان لا بدّ منها، لأنها تمثل صوت الشارع والفقراء في العراق وفلسطين".

قال أمين عام حركة "حقوق" إن هناك نحو أو أكثر من 10 آلاف مستشار أمريكي في العراق

ودعا السراي إلى "الحد من دور البعثات الدبلوماسية الأمريكية، بالإضافة للنفوذ العسكري، حيث باتت تتدخل في المجتمع وتزرع الأفكار فيه كالمثلية والتحرر وغيرها، كما وصلت لغاية الاجتماع بشباب ليس لهم علاقة به".

وقال السراي أيضًا إنّ "العراق دولة ذات سيادة ولن يقبل بفرض النفوذ، لأن لديه من يملك القدرة حكوميًا على فرض رأيه في اجتماع اللجنة العراقية- الأمريكية واعتماد الحوار في بقاء العلاقات الدبلوماسية وضرورة اتباعها السياقات القانونية".

وفي وقت سابق، اعتبر القيادي في حركة "حقوق"، حسين مؤنس، وجود القواعد الأميركية في العراق "يتعارض مع القانون الدولي والدستور العراقي، ولا بد من تكييف هذا الوجود دبلوماسيًا عبر ملحقية عسكرية تابعة للسفارة الأميركية في العراق".