أثار بيان المكتب الخاص للمرجع الديني الأعلى في النجف علي السيستاني، يوم الإثنين 4 تشرين الثاني/نوفمبر 2024، موجة من البيانات والتعليقات من قبل سياسيين ومعلقين وأعضاء برلمان فضلًا عن الكتل السياسية.
قال السيستاني إن أمام العراقيين مسار طويل إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه
وفي وقت سابق من اليوم، استقبل المرجع الديني الأعلى في النجف، علي السيستاني، بعثة الأمم المتحدة في العراق، مؤكدًا على أن تقدم البلاد لا يكون دون "منع التدخلات الخارجية، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات".
وقال النائب عن كتلة اشراقة كانون النيابية باسم الغرابي في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "خطاب السيد السيستاني اليوم خلال استقباله المبعوث الأممي ليس بالجديد فالمرجعية دائمًا ما تخاطب الكفاءات والنخب الوطنية للتصدي وتحمل المسؤولية خصوصًا بشأن المناصب العليا والحساسة في الدولة".
وأضاف: "في كانون الأول 2019 دعت المرجعية لتقوم النخب الوطنية بتنظيم صفوفها من أجل خوض الانتخابات وتطبيق إصلاحات مهمة للنهوض بالبلد ولكن ذلك يحتاج لوقت، فمتى ما أصبحت هناك ثقافة سياسية وانتخابية وإدراك الشعب لأهمية صوته في الانتخابات ليقوم باختيار من هم يمتازون بالنزاهة والكفاءة بدون فائدة سياسية وحزبية وفئوية وتأثيرات عشائرية ومجتمعية وأيضًا ضغوطات المال السياسي، فحينها سيكون هناك قادة للبلد يخرجون من صناديق الانتخابات ويحاربون الفساد المالي والإداري".
وأشار، إلى أن "أعلى سلطة رقابية وتشريعية في العراق هي مجلس النواب وهي تتحكم بباقي السلطات من خلال انتخاب رئيس الحكومة ورئيس الجمهورية وذلك يجب إدراك أهمية اختيار ممثلي الشعب، وحتى بالنظر للعلاقات الخارجية للعراق مع دعوة المرجعية ليكون العراق سيد نفسه فيجب على اللجان الرقابية المعنية بالملف الخارجي البحث عن مسؤوليتهم وتطبيقها باختيار وزير الخارجية وتنضيج عمله وهي كلها أمور تتطلب ثقافة نيابية وانتخابية وسياسية من أجل الحفاظ على الهوية لنصل حينها لمرحلة من الوعي السياسي بأن يكون هناك نواب منتخبون بنزاهة ويقودون دفة البلد باتجاه السلم المجتمعي الصحيح".
ترى كتلة إشراقة كانون أن الحل باختيار كفاءات في البرلمان
من جانبه، قال استاذ الإعلام في الجامعة المستنصرية والمحلل السياسي غالب الدعمي في حديث لـ""ألترا عراق"، إنه "واضح جدًا أن رؤية السيد السيستاني تعطي بناء الدولة وتطبيق القانون ومحاربة الفساد الأهمية القصوى في هذا الجانب وبالتالي هذا لا يتفق مع كل من يحمل السلاح خارج إطار الدولة ولا يمكن لأي دولة بناء نفسها عبر تعدد رؤوس مصدر القرار وخروج مجموعات عن قرار الدولة".
وأضاف: "بالنتيجة شاء من شاء وأبى من أبى فالدولة التي فيها رأس واحد يتكون من برلمان ومحاكم ورئيس وزراء ورئيس جمهورية فقط هو البلد الذي سوف يسمو ويقدر على مواجهة كل التحديات والصعوبات في أي وقت، أما التعدد لما أكثر من ذلك فلا يمكن الخروج منه بشيء".
وكان المرجع السيستاني تحدث عن "التحديات الكبيرة التي يواجهها العراق في الوقت الحاضر وما يعانيه شعبه على أكثر من صعيد، وقال إنه ينبغي للعراقيين - ولا سيما النخب الواعية - أن يأخذوا العِبر من التجارب التي مرّوا بها ويبذلوا قصارى جهدهم في تجاوز اخفاقاتها ويعملوا بجدّ في سبيل تحقيق مستقبل أفضل لبلدهم ينعم فيه الجميع بالأمن والاستقرار والرقي والازدهار". لكن استدرك بالقول: "ذلك لا يتسنى من دون إعداد خطط علمية وعملية لإدارة البلد اعتمادًا على مبدأ الكفاءة والنزاهة في تسنّم مواقع المسؤولية، ومنع التدخلات الخارجية بمختلف وجوهها، وتحكيم سلطة القانون، وحصر السلاح بيد الدولة، ومكافحة الفساد على جميع المستويات"، مستدركًا بالقول: "ولكن يبدو أن أمام العراقيين مسار طويل إلى أن يصلوا إلى تحقيق ذلك، أعانهم الله عليه".
وأصدر الإطار التنسيقي الحاكم بيانًا مقتضبًا حول موقف المرجع الأعلى، قال فيه: "نرحب بالبيان الصادر عن مكتب السيستاني عقب استقبال رئيس بعثة يونامي بالعراق ونؤكد التزامنا الكامل بترجمة توجيهاته إلى خطوات عملية تعكس تطلعات شعبنا".
يقول أستاذ العلوم السياسية الدعمي إن رؤية السيستاني لا تتفق مع حمل السلاح خارج الدولة
وأصدر تحالف "العزم" بيانًا أعرب فيه عن دعمه لما صدر عن المرجع الديني حول "إدارة البلد بمبادئ الكفاءة والنزاهة وتحكيم سلطة القانون وحصر السلاح بيد الدولة ومكافحة الفساد"، مؤكدًا "تأييده التام" لمواقف السيستاني" وأهمية "التزام القوى الوطنية بهذه التوجيهات".
وقالت كتلة تيار الفراتين النيابية، التابعة لرئيس الحكومة محمد السوداني، إن اللقاء "يعكس هذا اللقاء حرص سماحته على تعزيز دور الأمم المتحدة في دعم العراق واستقراره ومساندة شعبه في مواجهة التحديات الراهنة".
وأكدت كتلة السوداني، وفق بيان نشرته رئيسة الكتلة رقية رحيم النوري واطلع عليه "ألترا عراق"، أن "هذا البيان الكريم يعكس جوهر برنامج العمل الذي تتبناه حكومة الخدمة الوطنية، حيث تواصل تنفيذ توجيهات سماحته المباركة بخطوات عملية ملموسة لخدمة الشعب العراقي وتحقيق المصلحة العليا للبلاد"، على حد تعبيرها.
بدوره، أعلن حزب الدعوة الإسلامية "التزامه الكامل بالتوجيهات التي وردت في بيان مكتب السيستاني"، معتبرًا أنها "تعد خارطة طريق واضحة ومرشدة لبناء دولة المؤسسات وفق معايير الكفاءة والنزاهة ولحفظ الأمن والاستقرار في البلاد".