01-أغسطس-2023

تجاهل الأسباب الحقيقية والانشغال بالإعلام (فيسبوك)

منذ أن قفزت أسعار صرف الدولار قبل أيام لتلامس الـ1600 دينار لكل دولار، على خلفية حرمان 14 مصرفًا عراقيًا إسلاميًا من الوصول للدولار، تتعامل الجهات الحكومية والسياسية على أنّ مسألة ارتفاع الدولار "إعلاميّة" أكثر من كونها واقعية، أو نابعة من خلل في الأرقام فيما يخص المعروض والمطلوب للعملة الصعبة في السوق.

هيئة الإعلام والاتصالات وجهت إعمامًا إلى المؤسسات الإعلامية المرخصة "تُلزمها" بعدم نشر أية معلومات مظللة تضر بالاقتصاد الوطني

هذه القناعة وردت قولًا وفعلًا في أوساط حكومية وتشريعية، وعلى سبيل المثال، اعتبرت لجنة الثقافة والإعلام في البرلمان العراقي، أنّ ارتفاع الدولار مؤخرًا سببه "الشائعات"، دون تحديد ما هو نوع هذه الشائعات وكيفية تأثيرها على سعر الصرف.

وفي ذات السياق، كانت هيئة الإعلام والاتصالات قد وجهت إعمامًا إلى المؤسسات الإعلامية المرخصة "تُلزمها" بعدم نشر أية معلومات مظللة أو غير دقيقة تسيء إلى "سمعة أشخاص أو مؤسسات أو الإضرار بالاقتصاد الوطني". 

لكنّ الصحفي الاقتصادي إسلام أمير، يرى أنّ "هذه الإعمامات غير مفهومة، مشيرًا إلى أنّ "المؤسسات الإعلامية تصر على أن لا تكون عرضة للانتقاد المهني، فإذا نشرت معلومة خاطئة أو غير دقيقة، فهي غالبًا ما تكون ضحيّة عدم إمكانية التحقق منها، وليست على علم مسبق بأنها غير دقيقة". 

ويعتبر أمير خلال حديثه لـ"ألترا عراق"، أنّ "هذا الإعمام مقصده على الأغلب عدم الانغماس بقضية حظر المصارف الـ14 من التعامل بالدولار والغوص بقضيتها معلوماتيًا أو تحليلًا، حيث "تتعامل الجهات المختصة فيما يتعلق بالإعلام في العراق، على أنّ المشاهد بسيط ولا يفهم شيئًا وأن أي خوض في قضايا تشبه هذا الحدث أو مجرد نقل الخبر، سيؤدي إلى اختلال السوق".

وفي سياق التعامل مع مسألة ارتفاع الدولار "إعلاميًا"، هو توجه وكالة الأنباء الرسمية لنشر أسعار صرف الدولار، وبأسعار غالبًا ما تكون أقل من الأسعار الحقيقية الموجودة في السوق، مع حجب كامل لتطبيق بورصة أسعار الدولار، التي تعطي صورة حقيقية عن ما يجري في الأسواق.

ويرى الباحث في الشأن الاقتصادي مقداد الأسدي أنّ "التعامل بهذه الطريقة البوليسية عبر حجب تطبيق أسعار الدولار واحتكار معلومة أسعار الصرف وحصرها بالإعلام الحكومي، غير ممكن ولا يعبّر عن عقلية اقتصادية"، مشيرًا إلى أنّ "هنالك زبائن أو تجّار فقدوا نافذتهم للحصول على الدولار والمتمثلة بالمصارف الـ14، وهؤلاء سيحاولون الحصول على الدولار بأي طريقة ومن خلال السوق الموازي".

ويقول الأسدي لـ"ألترا عراق"، إنّ "هذه المصارف كانت توفر 8% من حجم الطلب اليومي على الدولار، أي ما يقارب الـ20 مليون دولار يوميًا، وهو رقم يقارب المبيعات النقدية اليومية، ما يعني أنّ المبيعات النقدية ستكون عرضة للشراء بأي سعر من قبل زبائن هذه المصارف لتلبية احتياجهم والتزاماتهم بالدولار".

قال الاقتصادي نبيل المرسومي إنّ أزمة الدينار أمام الدولار ليست إعلامية بل أزمة حقيقية

 

ويضيف الأسدي أنّ "على الدولة إيجاد حل حقيقي لكيفية تلبية الطلب على الدولار من قبل التجار الذين يستوردون من الدول المحظورة والمعاقبة من قبل الخزانة الأمريكية"، مشيرًا إلى أنّ "إيران لوحدها تحصل من العراق على 30 مليون دولار يوميًا لتغطية تجارتها مع العراق البالغة 10 مليار دولار سنويًا، وهذا الرقم يعادل 15% من كمية مبيعات مزاد العملة بالكامل".

وبالنسبة للأسدي، فإنّ "هذه الأرقام، تذهب إلى إيران عبر السوق الموازي بالنهاية وليس من خلال المنصة، فبالتأكيد ترتفع أسعار الدولار في السوق لمتطلبات واقعية وليست إعلامية كما تعتقد و تتعامل الجهات المختصة".

"لا الارتفاع ولا الانخفاض بطله الإعلام"

"أزمة الدينار أمام الدولار ليست إعلامية بل أزمة حقيقية"، يقول الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، ويشير إلى أنّ أسبابها هي "العقوبات الأمريكية على إيران وعدم إمكانية تسوية المعاملات التجارية بين البلدين، ولذلك بدلًا من تمويل التبادل التجاري عبر الاعتمادات المستندية، أصبح تمويل هذه التجارة عبر الدولار النقدي في السوق الموازي".

ويقول  المرسومي لـ"ألترا عراق"، إنّ "التجارة مع إيران هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع الدولار أمام الدينار وليست المضاربة".

ولفت إلى أنّ "الارتفاع الأخير جاء بعد حظر 14 مصرفًا من الوصول للدولار، مما تسبب بشحة الدولار النقدي خصوصًا مع وجود عشرات شركات الصرافة التي تعتمد على هذه المصارف لتلبية الطلب على الدولار".

قال خبراء اقتصاديون إن التجارة مع إيران هي السبب الرئيسي وراء ارتفاع الدولار

وأكد المرسومي أنّ "لا ارتفاع أسعار الصرف ولا حتى انخفاضها منذ يومين بسبب الإعلام بل لحوادث ومؤشرات حقيقية، فالانخفاض أيضًا جاء على خلفية تغريدة السفيرة الأمريكية التي طمأنت بعدم فرض عقوبات على مصارف عراقية".