أعلن الحزب الديمقراطي الكردستاني، يوم الإثنين 18 آذار/مارس 2024، عدم مشاركته في انتخابات برلمان إقليم كردستان محذرًا ائتلاف إدارة الدولة، وهو التحالف الذي شكّل الحكومة الحالية، من الانسحاب من العملية السياسية ما لم تطبق اتفاقيات تشكيل حكومة محمد السوداني.
المحكمة الاتحادية تريد بقرارات سياسية وغير دستورية أن تسلب مكاسب شعب كردستان
واتهم البارتي، المحكمة الاتحادية التي يرأسها جاسم العميري، بالتجاوز على قضاء الإقليم وانتهاك مبدأ الفصل بين السلطات، ومحاولة "سلب مكاسب" كردستان.
وقال الحزب في بيان موجه إلى "جماهير شعب كردستان والعراق" واطلع عليه "ألترا عراق"، إنه "بعد نقل ملف انتخاب برلمان كردستان إلى المحكمة الاتحادية العليا وقيام المحكمة المذكورة بتأخير النظر في الدعوى لمدة طويلة دون مسوغ قانوني ودون مراعاة الحقوق الدستورية لشعب إقليم كردستان في ضرورة الإسراع في إجراء انتخاب مؤسسة هامة كالبرلمان، ومن ثم إصدارها لقرارها (..) في 21 شباط/فبراير 2024، وتحديدًا بعد صدور القرار بحيثياته حول قانون انتخاب برلمان كردستان والذي تضمن تفاصيل الخروقات الدستورية بحق الإقليم وهو امتداد لسلسلة من قراراتها غير الدستورية ضد الإقليم وذلك خلال السنوات الأربع الماضية، وفي نفس الوقت فإن الذي لاحظناه في القرار، وهذا ما حذرنا الرأي العام منه في حينه، إنه عبارة عن خرق فاضح وخطير للدستور وإجهاض للنظام الديمقراطي في الإقليم، ومحاولة للعودة بالعراق إلى نظام الحكم المركزي، وهذه الخروقات يمكن ملاحظتها في الأمور التالية:
- قيام المحكمة الاتحادية بتعديل المحاور الأساسية الهامة لقانون انتخاب برلمان كردستان وذلك في المواد الخاصة بتحديد نظام الدوائر الانتخابية وكوتا المكونات وعدد المقاعد والجهة المشرفة على الانتخاب والجهة المختصة بالبت في الطعون الانتخابية إضافة إلى خرقها للمادتين (117 و 121) من الدستور الخاصتين باستقلالية المؤسسة التشريعية في الإقليم، وفي نفس الوقت خرقها الفاضح للمادة (6) من الدستور التي تؤكد على التداول الديمقراطي للسلطة وفق الأسس والطرق الدستورية في الوقت الذي تعتبر هذه التعديلات سببًا لتشويه النظام الديمقراطي.
- قيام المحكمة الاتحادية بإلغاء مقاعد كوتا المكونات في قانون انتخاب برلمان كردستان أدت إلى خرق إحدى ضمانات إجراء انتخابات حرة ونزيهة، تؤمن فرص المساواة والعدالة في الاقليم، لأنه إضافة إلى كونه خرقًا لرغبة وإرادة مواطني الإقليم في التعامل مع أمر حساس كالتعايش وقبول الآخر الذي أصبح سمة مميزة لحالة الاستقرار والسلم الاجتماعي في الإقليم، فإنه من جانب آخر يتعارض مع المواد (49/ فقرة أولًا) و(125) من الدستور وقانون انتخاب مجلس النواب ومجالس المحافظات في العراق والمادتين (2) و(25) من العهد الدولي للحقوق المدنية والسياسية (ICCPR) الذي وقع عليه العراق في عام 1971 وملزمة له، وجميع تلك المواد المنوه عنها تؤكد على مراعاة تمثيل جميع مكونات الشعب في المجالس المنتخبة ومشاركتهم في إدارة الأمور العامة، سواء كان ذلك مباشرة أو عن طريق ممثليهم المنتخبين.
- إقصاء السلطة القضائية في الإقليم عن البت في الطعون الانتخابية التي جاءت في (الفقرة الرابعة من المادة السادسة/ مكرر) من قانون انتخاب برلمان كردستان وإناطة هذه الصلاحية إلى هيئة قضائية تتبع (مجلس القضاء الأعلى) الاتحادي، تجاوز خطير على السلطة القضائية في الإقليم ويعتبر خرقًا لاستقلالية الأقاليم من جهة وخروجًا على ما كان يتبع سابقًا من قبل المفوضية العليا المستقلة للانتخابات التي كانت تركن إلى محكمة تمييز الإقليم للبت في الطعون الانتخابية.
- تشكل القرارات المتتالية للمحكمة الاتحادية العليا انتهاكًا لمبدأ الفصل بين السلطات، فقد وضعت نفسها مقام السلطتين التشريعية والتنفيذية، وأناطت لنفسها من السلطات والصلاحيات مالم ينص علیە الدستور. خاصة حينما قررت إلغاء قانون النفط والغاز لإقليم كردستان رقم (22) لسنة 2007 مستندة إلى المادة (110) من الدستور رغم عدم ورود نص خاص بالثروة النفطية فيها، مع كون الدستور قد أفرد مادة خاصة بالنفط والغاز وهي المادة (112) تؤكد صراحة كيفية إدارة الثروة النفطية بصورة مشتركة بين السلطة الاتحادية والأقاليم، كما نصت المادة (115) على صلاحية الأقاليم بالتشريع في الاختصاصات المشتركة بين الحكومة الاتحادية والأقاليم وتكون الأولوية فيها لقانون الأقاليم في حالة الخلاف بينهما.
- عدا هذه الخروقات الدستورية في قرارات المحكمة الاتحادية فإن بعض الإجراءات الأخرى غير الصحيحة في مجريات العملية الانتخابية للدورة السادسة لبرلمان كردستان تضع كامل العملية أمام علامات استفهام جدية ومنها حرمان (400) ألف ناخب والذي يعادل ما يقارب 20% من مجموع الناخبين في الإقليم والذين تم تسجيلهم عن طريق منظومة البايوميتري، من حق التصويت وذلك بحجة عدم قراءة الأجهزة الإلكترونية لبصماتهم، وكذلك عدم احتساب مقاعد محافظة حلبجة بصورة عادلة.
- بعد زوال النظام السابق، ثبت أن العراق، المتعدد القوميات، الأديان والطوائف لا يمكن أن يدار بصورة صحيحة وصحية من قبل مكون واحد لذا فإن (الشراكة، التوافق والتوازن) أصبحت أساسًا لاتفاق جميع الأطراف كي يصبح العراق ملكًا للجميع ويشعر فيه المواطن بالمسؤولية، ولكن للأسف فإن سياسة الإقصاء والتدخل والتجويع وقطع الميزانية والرواتب وتطبيق مواد الدستور بصورة إنتقائية، خطوات تهدف إلى تحجيم مكانة الإقليم الدستورية وأصبحت أساسًا لإدارة هذه الدولة ولكن وبالرغم من ذلك لم يتوقف حزبنا عن جهود لتعديل هذا الانحراف وشكل الحكم الذي هو مخالف للدستور ولكن حكام بغداد لم يظهروا حرصهم على تعديل هذه الانحرافات الدستورية.
وأضاف البارتي: "عليه وكنتيجة للحقائق الآنف ذكرها في الأعلى وخرق بعض المواد الدستورية والأخذ بعين الاعتبار أن التشكيلة الحالية للمحكمة الاتحادية العليا غير دستورية وتريد بقرارات سياسية وغير دستورية أن تسلب المكاسب، التي نالها شعب كردستان بنضاله وكفاحه ودماء شهدائه والمؤنفلين وضحايا الأسلحة الكيمياوية".
لن نضفي الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي
وتابع: "هنا نضع أطراف تحالف إدارة الدولة أمام مسؤولياتهم الوطنية في تطبيق الدستور وجميع بنود الاتفاق السياسي والإداري الخاصة بتشكيل الحكومة الحالية برئاسة محمد شياع السوداني.و بعکسە لا یمکننا الاستمرار في العملیە السیاسیة".
وختم بالقول: "ومن هنا نعلن للرأي العام الداخلي العراقي والدولي ومن منطلق الثقة بالنفس ودعم شعب كردستان لنا، حيث ومنذ عام 1992 وحتى الآن وفي جميع الانتخابات التي جرت، كان حزبنا محل ثقة أكثرية شعب كردستان، فإننا الآن أيضًا لنا الثقة المطلقة بأنفسنا وبشعبنا بأننا القوة الأولى في كردستان، ولكن ومن منطلق فهمنا لموقعنا ومسؤوليتنا التاريخية في المحافظة على الحقوق المشروعة لشعب كردستان ونظامه الديمقراطي والاتحادي للعراق، وعدم إضفاء الشرعية على انتخاب غير دستوري وغير ديمقراطي والوقوف أمام جميع الخروقات الدستورية التي تمارس من قبل المحكمة الاتحادية ضد إقليم كردستان ومؤسساته الدستورية عامة والتعديلات غير الدستورية لقانون انتخاب الدورة السادسة لبرلمان كردستان خاصة، نرى أن من مصلحة شعبنا ووطننا عدم امتثال حزبنا لقرار غير دستوري ونظام مفروض من خارج إرادة شعب كردستان ومؤسساته الدستورية، وعدم الاشتراك في انتخاب يجري خلافًا للقانون والدستور وتحت مظلة نظام انتخابی مفروض".