قبيل انتهاء العام الجاري، وبالتأكيد على تحديد موعدها، ترفع القوى السياسية وتيرة جهودها استعدادًا للمشاركة في انتخابات مجالس المحافظات في العراق التي من المقرر أن تجرى في 18 كانون الأول/ديسمبر، حيث تشكل تحالفات جديدة على أمل حصد نسبة جيدة من عدد المقاعد.
قوى الإطار التنسيقي ستدخل الانتخابات المحلية بثلاثة تحالفات
وتتوزع دائرة التحالفات الجديدة بين قوى سياسية كبيرة وقديمة اعتادت على خوض غمار الانتخابات مقابل قوى ناشئة جديدة تحاول الوصول إلى أروقة مجالس المحافظات وتعيد تجربة الدخول إلى السلطة التشريعية.
تجربة جديدة للقوى الناشئة
وتخوض القوى المستقلة الناشئة، لاسيما المنبثقة عن حراك تشرين الاحتجاجي انتخابات مجالس المحافظات لأول مرة، لكن تلك القوى المشكلة حديثًا ستدخل الانتخابات في قائمتين منفصلتين هما "تحالف القيم الديمقراطي" وائتلاف "الأساس العراقي"، مما قد يزيد عليهم صعوبة منافسة القوى الكبيرة في محافظات الوسط والجنوب، كما يقولون.
ويقول المتحدث باسم حركة "نازل أخذ حقي"، خالد وليد لـ"الترا عراق"، إنّ "قوى التغيير الديمقراطية وبعد أكثر من 15 شهرًا من العمل المتواصل، تمكنت من إكمال مشروعها السياسي المعارض للطبقة السياسية التقليدية وأعلنت تحالف قيم المدني للمشاركة في الاستحقاق الانتخابي القادم".
وأضاف وليد أنّ "عدد من القوى المدنية والناشئة تمكنت من وضع أسس واضحة لمشروعها الوطني برفض المحاصصة والفساد والسلاح المنفلت وتقديم برنامج رقابي داخل مجالس المحافظات بملفات السكن وخدمات البنى التحتية الصحة والبيئة التربية والتعليم".
ولفت إلى أنّ "القوى المدنية وتحالفها قيم المدني، هو ضد نوعي لقوى المحاصصة وينافس في 15 محافظة عراقية بمحاولة لإعادة الأمل بإمكانية تصويب المسار الخلل والأخطاء المستمر منذ 20 عامًا".
تحالف القيم المدني
وتعول التحالفات الناشئة، على النواب المستقلين في كسب الأصوات التي حصدوها في الانتخابات التشريعية الأخيرة، لكن التخوفات حاضرة من "التشتت" الذي تعانيه هذه القوى منذ سنوات.
ويقول عضو التيار الديمقراطي العراقي، علي مهدي، إنّ "قوى الإطار التنسيقي ستدخل الانتخابات المحلية بثلاثة تحالفات كما ستدخل القوى الكردية بأكثر من تحالف، كما هو الحال بالنسبة للقوى السنية وحتى القوى المدنية والناشئة".
قال عضو في التيار الديمقراطي إنّ القوى المدنية تعاني من التعددية الزائدة
وأضاف مهدي لـ"ألترا عراق"، أنّ "القوى المدنية المنبثقة عن حراك تشرين تحاول النزول إلى انتخابات مجالس المحافظات باسم تحالف القيم المدني والذي يضم نازل أخذ حقي والبيت المدني والتجمع الجمهوري والحزب الشيوعي العراقي والتيار الاجتماعي الديمقراطي إضافة إلى شخصيات تابعة للحراك الاحتجاجي التشريني والديمقراطي".
ويستهدف "تحالف القيم" جمهور احتجاجات تشرين من خلال النائبين المستقلين سجاد سالم ومحمد عنوز، وفق ما يقوله مهدي الذي يؤكد أنّ "النائبين سيدخلان الانتخابات ضمن هذا التحالف".
وتعاني "القوى المدنية" ـ والكلام لمهدي ـ من التعددية الزائدة وكان "المفترض عليهم أن يكونوا في قائمة واحدة حتى يضمنوا الفوز بعدد أكبر من المقاعد وعدم تشتيت أصوات جمهورهم".
ويرى مهدي أنّ "التأقلم والانسجام بين القوى المدنية الديمقراطية وقوى تشرين إيجابي ونتطلع لأن يحقق أهدافه".
ائتلاف الأساس العراقي
التحالف الثاني الذي شكلته القوى المدنية لخوض انتخابات مجالس المحافظات هو "ائتلاف الأساس العراقي"، والذي أعلن عن تشكيله مطلع الأسبوع الجاري، ويضم في صفوفه أكثر من 20 حزبًا، فضلًا عن عدد من النواب المستقلين، على رأسهم نائب رئيس مجلس النواب الأول، محسن المندلاوي، الذي رشحه للمنصب "الإطار التنسيقي" الحاكم.
عضو ائتلاف الأساس العراقي كتاب الميزان، يقول لـ"ألترا عراق"، إنّ "ائتلاف الأساس العراقي يضم في صفوفه أكثر من 20 حزبًا وهي قوى ناشئة جديدة ولديها الرؤية المدنية".
وسيدخل ائتلاف الأساس العراقي، الانتخابات المحلية بـ12 محافظة، كما يوضح الميزان أن أهدافه هو "إنتاج بديل سياسي ولون جديد للعملية السياسية يؤمن بمدنية الدولة وإدارة المؤسسات بطريقة صحيحة ودعم المؤسسات الأمنية والعسكرية وحصر السلاح بيد الدولة".
يخشى العديد من المستقلين وجود "أحزاب ظل" للقوى القديمة والتقليدية
ويشير الميزان إلى "نواب مستقلين موجودين في الائتلاف الجديد وعلى رأسهم نائب رئيس مجلس النواب محسن المندلاوي".
وفي أيلول/سبتمبر 2022، قام "الإطار التنسيقي" الذي يعتبر الجناح السياسي للجماعات والفصائل المسلحة في العراق، بترشيح محسن المندلاوي لمنصب النائب الأول، لرئيس مجلس النواب العراقي، وذلك نتيجة استقالة نواب التيار الصدري.
"تحالفات الأجنحة المسلحة"
ويتحدث عضو "تحالف قيم" محمد المحمودي، عن وجود تحالفات وأحزاب سياسية شكّلت حديثًا، تدعي الاستقلالية لكنها "ترتبط بقوى تقليدية وتمتلك أجنحة مسلحة".
ويقول المحمودي لـ"ألترا عراق"، إنّ "التحالفات التي تدعي المدنية كثيرة، مستدركًا "لكن الجذر الأساس في تحديد هوية القوى المدنية هي البنية التي تشكلت عليها تلك التحالفات".
وهناك تحالفات ـ والكلام للمحمودي ـ تعاني من خلل بنيوي، وهي "لم تتشكل وفق معايير ومبادئ وقيم الجماهير"، مبينًا أنّ "بعض التحالفات شكلها المال السياسي والسلاح، فضلًا عن أن "أموالها جلبت قبل أن تعرف الأطراف المشكّلة لها".
وبحسب المحمودي، فإنّ "بعض القوى المتشكلة حديثًا وتدعي الاستقلالية، تنتمي إلى أحزاب قديمة وجهات مسلحة وهدفها الحصول على المناصب".
يتحدث مستقلون أن بعض التحالفات تدعي الاستقلال لكن تشكلت بالمال السياسي والسلاح
ويزعم المحمودي أنّ "تحالف قيم ونوابه وأعضائه دفعوا ثمن استقلاليتهم بفقدان مقاعدهم في اللجان النيابية ولكنهم حافظوا على استقلاليتهم".
"ظل الأحزاب".. قلق للمستقلين
وتخشى القوى المستقلة، من "خداع" شخصيات تدعي الاستقلالية للدخول معها في الانتخابات وتكرار ما حصل في الدورة التشريعية الحالية، وذلك بعد أن انقسم النواب المستقلين بين صفوف "الإطار التنسيقي" و"التيار الصدري" و"القوى السياسية القديمة".
ويحذر الأمين العام للبيت الوطني العراقي حسين الغرابي، من وجود "أحزاب ظل" قد تدخل الانتخابات بمسمى المدنية، كما يقول إنّ "القوى السياسية تحركت مسبقًا لتفريق صفوف القوى المنبثقة من حراك تشرين".
ويقول الغرابي لـ"ألترا عراق"، إنه "منذ توجه الحراك الشعبي لاحتجاجات تشرين نحو تشكيل أحزاب سياسية تمثل هذا الحراك الاحتجاجي في العملية السياسية تحركت الأحزاب الفاسدة أو أحزاب السلطة لتشكيل أحزاب ظل لها".
قال أمين عام البيت الوطني إنّ أحزاب السلطة لديها أحزاب ظل من المستقلين
وأشار إلى "تشخيص أحزاب الظل وامتنعنا عن الدخول معها في المعترك الانتخابي"، كما يقول أيضًا إنّ "حزبه لن يقبل أن يكون ضمن أحزاب تمثل صدى للقوى الفاسدة".