لم تمض سوى ساعات قليلة على انتهاء استضافة رئيس الحكومة محمد شياع السوداني لزعماء القوى السياسية في مكتبه، حتى أعلن تياره السياسي قرارًا قاطعًا بعدم المشاركة في الانتخابات المحلية علنًا أو في "الظل".
تشير معلومات أطراف متعددة مطلعة إلى أنّ قرار السوداني نجم عن ضغط من زعماء الإطار التنسيقي
واختلفت قراءة القرار بين وجهتي نظر تقول الأولى إنّ السوداني ليس مستعجلاً لتحقيق قاعدة جماهيرية لاستثمارها بعد نهاية ولايته، على نهج رئيس الحكومة الأسبق وزعيم ائتلاف دولة القانون نوري المالكي، وثانية تعتقد أنّ قوى الإطار الشيعي ضغطت لمنع رئيس الوزراء من المشاركة لمنع منافس صاعد قد يقضم كثيرًا من رصيدها الانتخابي في المحافظات، في ظل قبول ما زال ينعم به السوادني خاصة في وسط وجنوب البلاد.
الزعامة للصقور فقط!
وتهدف قوى الإطار إلى إبقاء حلقة الزعماء الشيعة في إطارها الراهن، وبشكل يحفظ تأثير من يعرفون بـ "الصقور"، المسؤولين عن شكل السلطة منذ أول انتخابات في البلاد بعد عام 2003، كما يرى المقتنعون بوجهة النظر الثانية، مستندين إلى ما حدث مع رئيس الحكومة السابقة مصطفى الكاظمي.
كما يستندون إلى "تذمر" بعض الشخصيات في تيار "الفراتين" بزعامة السوداني، من ضغوط أطراف في الإطار لمنع السوداني من المشاركة في الانتخابات.
بالمقابل تؤكّد شخصيات على اطلاع أنّ السوداني اتخذ القرار بمحض إرادته. ويقول المحلل السياسي حيدر الموسوي، إنّ "السوداني ليس من الصقور، ولا يجيد كثيرًا الدور السياسي، لكنه يجيد العمل التنفيذي".
جغرافيا الشيعة مكتظة
ويؤكّد الموسوي في تصريح تابعه "الترا عراق"، أنّ "كلّ قوى الإطار طلبت منذ الحديث عن الانتخابات ولأكثر من مرة، مشاركة رئيس الوزراء، لكنه رفض بشكل قاطع".
في ذات الوقت يقول الموسوي القريب من أطراف الإطار، إنّ السوداني "لا يريد أن يدخل في تنافس في مساحة الجغرافيا الشيعية"، ويرى في هذا القرار تعبيرًا "عن نهج مختلف عن رؤساء الحكومات الذين استثمروا السلطة التنفيذية لتحصيل نفوذ سياسي لاحقًا".
تقول العصائب إنّ قرار زعماء الإطار بإبعاد السوداني عن الانتخابات له مبررات عدة منها "منع هدر موارد الدولة"
لكن أطراف أقرب إلى الإطار تقر باتفاق سياسي منع السوداني من المشاركة. ويقول القيادي في حركة "عصائب أهل الحق" علي الفتلاوي لـ "الترا عراق"، إنّ "القرار السياسي للإطار التنسيقي حال دون اشتراك تيار الفراتين، على عكس كلّ رؤساء الحكومات الماضية الذين أسسوا اتجاهًا سياسيًا خاصًا بعد استلام السلطة".
ويعزو الفتلاوي منع تيار السوداني إلى أسباب، أبرزها "إبعاد رئيس الوزراء عن التنافس في المحافظات، وضمان عدم هدر موارد الدولة في الدعايات الانتخابية، بوصف رئيس الوزراء المتصرف الأول، وكذلك التوجه إلى عرف جديد يمنع استئثار رؤساء الحكومات بالمناصب".
استبعاد مؤقت
ولا يشمل اتفاق الإطار مع السوداني، وفق الفتلاوي، الانتخابات العامة، ويقول إنّ الخطوة مؤقتة لـ "استعادة ثقة الشعب"، خاصة وأنّ انتخابات المحافظات لن تؤثر على حظوظ السوداني في ولاية ثانية.
ويوضح القيادي في العصائب، أنّ "الإطار لن يقع في خطأ كبير مثل استبعاد السوداني من الانتخابات البرلمانية، بالنظر إلى ما يحظى به من صورة إيجابية شعبيًا"، ويرى أنّ قواعد اللعبة البرلمانية "تختلف تمامًا" عنها في المحافظات.
في ذات الوقت، يعتبر الفتلاوي قبول السوداني بالتنحي عن الانتخابات المحلية "خطوة تاريخية تعبر عن الإيثار، والاقتناع بالتفرغ للعمل الحكومي في ظل الملفات التي تثقل كاهل السلطة التنفيذية".
"ليس خطأ"!
وترفض أطراف الإطار البارزة اعتبار الخطوة "خطًأ استراتيجيًا" حيث كان من المتوقع أن تستثمر القوى الشيعية القبول الشعبي بالسوداني لتعزيز قاعدتها الجماهيرية بعد الهزيمة المدوية في انتخابات 2021.
ويقول النائب عن ائتلاف دولة القانون عبود العيساوي في هذا الصدد، إنّ "الأهم في هذه المرحلة استعادة ثقة الجمهور بتفريغ السوداني لتنفيذ البرنامج الحكومي"، مبينًا أنّ "الإطار لن يتأثر انتخابيًا بتنحي تيار الفراتين الفتي".
وعلى العكس، يرى العيساوي، أنّ ابتعاد السوداني قد يساهم في "تخفيف النقمة الشعبية من كثرة الأحزاب التي تزيد من حجم الأزمات والصراعات".
لا تعير قوى الإطار كثيرًا من الاهتمام لما قد يشكله انسحاب تيار السوداني من تأثير انتخابي سلبي
ويقول النائب عن ائتلاف المالكي، إنّ "السوداني لا يريد دخول أجواء المنافسة في مجالس المحافظات لتجنب حساسيات معينة لدى بعض الأطراف السياسية، أو إثارة حفيظة بعض الكتل".
كما يشير إلى أنّ "محدودية جماهير تيار الفراتين ساهم بشكل كبير في قرار السوداني، الذي لا يستند إلى حزب بتاريخ طويل كما هو الحال مع رؤساء الوزراء السابقين باستثناء الكاظمي".