أجرى وزير الخارجية الأوكراني ديمترو كوليبا حوارًا صحفيًا في بعد زيارته إلى العاصمة العراقية، تطرق فيه إلى دعم حكومة محمد شياع السوداني لخروج القوات الروسية من أراضي أوكرانيا، وكذلك دعم ما وصفه بـ"وحدة الأراضي الأوكرانية"، كما تطرق إلى مبادرة السلام وتوقع انسحابًا روسيًا قريبًا.
قال الوزير الأوكراني إن مبادرات السلام لن تنجح وإن الحكومة العراقية تدعم خروج قوات روسيا من بلاده
وفي المقابلة التي أجرتها معه الصحيفة الرسمية، وتابعها "ألترا عراق"، قال كوليبا إن بلاده "ترى دعمًا سياسيًا من بغداد كما نلاحظ أن الحكومة العراقية تدرك أهمية وحدة الأراضي الأوكرانية" معللًا ذلك بأن العراق "اجتاز حروبًا مدمرة ويدرك ما تمر به أوكرانيا حاليًا"، وأضاف أن الحكومة العراقية "تدعم خروج القوات الروسية من أراضينا".
وكان العراق امتنع عن التصويت لقرار في قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة يطالب روسيا بوقف استخدام القوة في أوكرانيا، وسحب قواتها.
وفي كانون الثاني/يناير، مطلع العام الحالي، أعلنت وزارة الخارجية العراقية تعليق العمل القنصلي لسفارة العراق في أوكرانيا "بسبب التصعيد العسكريّ هناك" ولأجل "الحفاظ على أرواح أبناء الجالية العراقية".
وفي شباط/فبراير، اجتمع فؤاد حسين مع ديمترو كوليبا على هامش مؤتمر ميونخ للأمن وأكد حرص العراق على "وقف إطلاق النار وإنهاء الحرب واللجوء إلى التفاوض وحل الخلافات عبر الوسائل السلميَّة مع روسيا".
زيارة بغداد
وصل وزير الخارجية الأوكراني ديمتري كوليبا إلى بغداد بعد 11 عامًا من الانقطاع، منذ آخر زيارة أجراها وزير بهذا المنصب إلى العاصمة العراقية سنة 2012، وقد أكد كوليبا ذلك بأنه "أول وزير خارجية أوكراني يزور العراق منذ عام 2012" وأن 11 عامًا "مدة طويلة. نحن بحاجة إلى إعادة إحياء العلاقة بين البلدين، كما أنه لا توجد معوقات لتحقيق هذه الغاية".
كوليبا تحدث عن الزيارة بأنها جاءت استكمالًا لمكالمة هتافية بين رئيسه فلاديمير زيلينيسكي ورئيس الحكومة العراقية محمد شياع السوداني "ولفتح الباب أمام باقي الوزراء في الحكومة الأوكرانية، وكذلك الشركات الأوكرانية، لإعادة تأسيس العلاقات مع نظرائهم العراقيين، وتدشين مشاريع مشتركة في مجالات التجارة، الأمن الغذائي، وكذلك في مجال التكنلوجيا، والتعليم، وأي مجال آخر يمكننا التعاون ضمنه".
زار وزير الخارجية الأوكراني بغداد بعد انقطاع منذ العام 2012 وتحدث عن ضرورة تدشيع مشاريع التجارة المشتركة وغيرها
وفي 10 نيسان/أبريل أعلن السوداني تلقيه اتصالًا من زيلنسكي أكد فيه "أهمية الوصول إلى حلّ سلمي في أوكرانيا، واتخاذ الحوار سبيلًا لإنهاء هذه الأزمة التي تسببت بالكثير من المآسي" فيما قال الرئيس الأوكراني، إن "العراق دولة محورية ومهمة" وإنه "حريص على تطوير العلاقات مع العراق في جميع المجالات، انطلاقًا من هذه الأهمية".
الوزير الأوكراني أكد خلال الحوار أن بلاده "بحاجة إلى مضادّات الطائرات لأن روسيا تقصف مدننا الآمنة"، وكذلك بحاجة إلى "استيراد الطاقة من الخارج" بعد أن كانت "أوكرانيا قبل الحرب المصدر الأول للطاقة إلى اوروبا" وذلك قبل "استهداف هذه المنشآت وتدميرها".
وقبل أسابيع، انتهى اتفاق دولي يسمح بتصدير الحبوب من موانئ أوكرانية، وسط ماخوف من أزمة غذاء عالمية في حال غلق الموانئ الدولية عن تصدير الحبوب الأوكرانية.
مبادرة السلام.. العرب لا يحرزون تقدمًا
في مؤتمر صحفي عقده وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين مع نظيره الأوكراني ديمتري كوليبا في بغداد قبل يومين، أعلن الوزير العراقي استعداد حكومته "للتوسّط لإحلال السلام بين روسيا وأوكرانيا"، لكنّ الوزير الأوكراني نفى إمكانية الوصول إلى السلام حاليًا.
المُحاور في الصحيفة الرسمية سأل كوليبا عن مصير "مبادرة سلام طرحتها جامعة الدول العربية في أوكرانيا"، وأجاب الوزير بأنها "غير فعّالة"، وأن "العرب لا يحرزون أي تقدم لكنهم يحاولون"، والسبب في ذلك من وجهة نظر الوزير هو أن "روسيا تريد الحرب" وهي "الجهة المعتدية" وما زالت ترسل "المزيد من الدبابات والجنود".
مبادرات الجامعة العربية من أجل السلام بين روسيا وأوكرانيا غير فعالة والعرب لا يحرزون تقدمًا
وفي سياق الحديث المبادرة العربية قال إن "من الضروري على جامعة الدول العربية تسمية الأمور بمسمياتها، وبناء مساعيها على مفهوم واضح مفاده أن روسيا تمثِّل الجانب المعتدي، وأنها الطرف الذي خرق قواعد القانون الدولي" مؤكدًا أن أي مبادرة "لا تنطوي على أننا لسنا الطرف المعتدي في هذه الحرب" وأن "روسيا هي التي تمثل الجانب المذنب" فأنها مبادرة "منافية للحقيقة والواقع".
وعلى الرغم من حديث الوزير الأوكراني غير الإيجابي عن المبادرة العربية، إلا أنه وصف استمرار جامعة الدول العربية في مبادراتها لإنهاء الحرب بأنها "مساعٍ جيدة"، مستدركًا بالحديث مرة أخرى عن ضرورة "تحميل روسيا ذنب الحرب" وأن "لأوكرانيا الحق في استعادة أراضيها كاملة" وهي نقطتان قال إنه يمكن من خلالهما "التوصل إلى نتائج".
استسلام روسي؟
الوزير الأوكراني، وفي سياق حديثه عن رفض المبادرات التي لا تحمّل روسيا مسؤولية الحرب وكذلك حق بلاده في الدفاع عن نفسها بحسب وصفه، قال إنه سيجلس مع نظيره الروسي لافروف في حالة واحدة فقط وهي "لإنهاء الحرب" مبينًا أن "أفضل سيناريو لفعل ذلك هو أن نجتمع على توقيع استسلام القوات الروسية في أوكرانيا".
وتوقع كوليبا أن يحدث ذلك، والسبب أن "روسيا خسرت الحرب بالفعل"، مبينًا أن روسيا "اعتقدت أن بإمكانها السيطرة على الأراضي الأوكرانية خلال عدة أيام فقط، لكن الحرب للأسف استمرت لأكثر من عام"، وختم الحديث عن هذا الموضوع بالقول إن "لحظة السيطرة على كامل أراضينا ستتحقق ليس فقط لصمودنا وإنما نتيجة لجهدنا الدبلوماسي أيضًا".
وشهدت الحرب الروسية - الأوكرانية تطورات لافتة في الفترة الماضية، منها تحطم مروحية استطلاع أمريكية مسيرة فوق البحر الأسود، بفعل مقاتلتين روسيتين، وفق الرواية الأمريكية.