ألترا عراق - فريق التحرير
لم تقتصر مضار الحرب الروسية على أوكرانيا، في مجالات المواد الغذائية وما يتعلق بها، لناحية ارتفاع الأسعار وشحة التصدير على مستوى العالم، بل امتدت إلى سلع ترفيهية لا يتوقع الكثيرون أن تطالها الأزمة، مثل "السِبح".
والمِسبحة، عبارة عن سلسلة من مجموعة (خرز) أو حبات صغيرة مثقوبة يشقها خيط لتشكل قلادة، تجمع طرفيها قصبة.
ولا تقتصر المسبحة أو السبح على الأغراض الدينية كالصلاة والتسبيح والتذكير، كما في الديانة الإسلامية والمسيحية، بل هي وسيلة إلهاء في بعض الأحيان وللزينة في أحيان أخرى، كما لا تقتصر على فئات دون أخرى، فهي تشتهر لدى المجتمعات العشائرية، والأوساط البغدادية القديمة، وغيرها.
وتنقسم السِبح إلى أنواع عدة من بينها المصنوعة (أو المجروخة) باللهجة العراقية، من الأحجار الكريمة كالعقيق والفيروز واللازورد، وكذلك اليسر والكهرمان، بالإضافة إلى السنلدس ونارجين (أو نارجيل بلفظ مختلف)، وغيرها.
ويقول تجار عراقيون إن العراق يأتي في المرتبة الأولى على مستوى الدول العربية لناحية "أصل المسبحة الكلاسيكية (أو الأنتيكة) والغالية والتي تعتبر من التُحف، وتحديدًا في منطقتي الكاظمية ومنطقة الميدان" في بغداد.
ويروي أحد التجار في مزاد تابعه "ألترا عراق" أن السبحة الأغلى تم بيعها في دولة قطر "بسعر 360 مليونًا ووزنها كيلو غرام، تعود لشخص يدعى سعد المشهداني في منطقة الميدان".
ويعد العراق من أكثر البلدان، إن لم يكن أكثرها، شهرة بتجارة واقتناء لـ"المسابح" كما تنطق باللهجة العامية، أو السبح، أو المِسبحة.
ويفترض باحثون أن فكرة السبحة بدأت في العراق عند السومريين قبل 5 آلاف عام، أو بداية الألفية الثالثة قبل الميلاد، ثم انتقلت إلى الحضارات الأخرى مثل الفارسية والفرعونية والهندية.
ويقول بائعون ومشترون إن الأسعار بدأت بالارتفاع بالتزامن مع الأزمة الأوكرانية، والغزو الروسي لأراضي الجارة.
وارتفع سعر المسبحة "العطش 101" في العراق إلى الضعف، "من دولار إلى دولارين"، مع اندلاع الحرب في أوكرانيا، بحسب أحد البائعين.
والسبب في ارتفاع الأسعار بشكل عام، أن التجار "وضعوا أسعارًا محددة لكل الخامات المشتراة مؤخرًا"، بالتزامن مع الأزمة الأوكرانية.
أبرز الخامات المتعلقة بالأزمة الروسية هي "الكهرب" أو الكهرمان بأنواعه، والتي يبدأ سعر الغرام الواحد منها من دولار إلى 700 دولار استنادًا إلى نوعية ونقاوة المادة، بحسب متخصصين.
ويتداول بائعون ومشترون سِبحًا يقولون إنها "بولونية" أو "ألمانية" أو "بولوندية" أو "ليتوانية"، لكن تجارًا متخصصين، وعلى عكس ما يشاع في الأسواق، يؤكدون أن الدول المذكورة "ليس لديها مناجم".
ويؤكد متجارون بالسِبح، أن مصدر الخامات يتركز في دولتين هما: أوكرانيا، وروسيا التي تحتوي على "خام أجمل وبتشجيرات".
ورغم وجود أنواع من "السبح الكهرب" بأسعار مناسبة، بالإضافة إلى "الكهرب المعالج" الذي يُعاد تصنيعه من "بقايا مادة الكهرب"، إلا أن الأسعار، وبحسب مزاد لأحد البائعين تابعه "ألترا عراق"، ستشهد "ارتفاعًا خلال الفترة المقبلة".
والسبب بحسب أصحاب الشأن، هو أن "معامل الجراخة" كما يطلق عليها، وفي مختلف الدول، بدأ رصيدها من الخام ينفد بعد "جرخه وبيعه"، مع استمرار الحرب الروسية - الأوكرانية، والتي تعني أزمة في استيراد المواد الخام من البلدين المشتبكين في الحرب.
ويؤكد محمد فخر الدين، أحد الهواة المقتنين للسِبح، أن "سوق الكهرب في العراق بمختلف أنواعه شهد ارتفاعًا ملحوظًا في الأسعار، وقد يكون ذلك ناجمًا عن الحرب الروسية كما يقول أصحاب المزادات؛ أو ربما بسبب محاولات احتكار مادة الكهرب من قبل التجار خشية صعوبة الحصول على المادة الخام مستقبلًا في حال طال أمد الحرب الروسية الأوكرانية".
ويضيف فخر الدين الذي يفضّل "مسبحة الكهرب" على غيرها، أن "الإقبال على شراء سبح الكهرب شهد تراجعًا خلال الفترة الماضية بسبب ما شهدته الأسعار من قفزات".