قال له الطبيب لن تستطيع أن تمشي على قدميك إلى الأبد. جلس محمد البالغ من العمر تسعة عشر عامًا بصعوبة على عربة المعاقين، محاولًا جمع ذاته للخروج من عيادة الطبيب بعد أن كُسر أمله اليائس، فقد كان هذا آخر اختبار يُجريه.
سيبقى هذا الشاب جالسًا على مقعده المتحرك طيلة حياته
شارك محمد في انتفاضة تشرين وأصيب في قدمه إصابة مباشرة.هو نموذج واحد مما جرى في تلك الانتفاضة، ولن ينفع محمد لا الحكومة ولا الأحزاب ولا البرلمان ولا حتى كلمات المبعوثة الأممية بلاسخارات التي قالت إن "الأحزاب تتقاتل على البقاء في السلطة".
سيبقى هذا الشاب جالسًا على مقعده المتحرك طيلة حياته،وقد يتحول إلى متسول. أكثر من خمسة آلاف شاب لديهم قصص تشبه قصة محمد، استغلها المتصيدون في الماء العكر للوصول إلى السلطة والشهرة.
استغل هؤلاء تضحيات الشباب الطامحين إلى الحرية والكرامة، وأصبحوا فعلًا في البرلمان؛ لكن وعودهم سرعان ما فضحتها طموحاتهم السريعة إلى الثروة والشهرة.
يدعو اليوم الكثير من الأحزاب والتحالفات والمستقلين والماسكين بالسلطة إلى عودة الانتفاضة من جديد وفي مقدمة هؤلاء أسماء جديدة من المتصيدين في الماء العكر.
الكل يهدد بصيغة ضمنية بانتفاضة جديدة من أجل البقاء في السلطة أو الوصول اليها حتى على أشلاء الشهداء.
أكثر من خمسة آلاف شاب لديهم قصص تشبه قصة محمد
في حال عادت الانتفاضة من جديد ماذا يريد المنتفضون هذه المرة؟ هل يريدون فرص عمل وخدمات وكهرباء؟ هل ستقتصر على مطالب اصلاحية وستكتفي بكونها احتجاجات مطلبية؟ أم يريدون إزاحة النظام السياسي برمته؟ - الوعي بالثورة هو الذي يصنع ثورة كما يقول ماركس، فهل سيفكر المنتفضون بمفهوم الثورة وأهدافها ونتائجها قبل أن تتكرر المسرحية السحريّة المُعادة؟
هناك أطراف كثيرة ستستغل الانسداد السياسي وستحرض على الانتفاضة من جديد بزج مجموعة من الناس إلى الشارع مقابل مبلغ تافه من المال لإقناع الفريق الآخر من الناس أن الشعب سئم من هؤلاء القتلة واللصوص والمتسلقين على الأكتاف.
سيضع كل واحد من هؤلاء شعارات مزيفة لن تنطلي على الشعب المظلوم. فماذا تريدون اليوم أيها المنتفضون من شباب تشرين؟
تذكروا أن جميع من في السلطة بلا استثناء يفكر اليوم قبل غد بالقيام بانتفاضة، وسيحاولون سرقة أحلامكم بوطن وتضحياتكم ودمائكم من جديد؛ ولكي لا تتكرر قصة محمد ورفاقه فكروا بوضوح ماذا تريدون؟ هل تريدون وظائف وتعينات أم الاتيان بنظام جديد تضعونه أنتم بأيديكم ويحقق أحلامكم التي صادرها هذا النظام التابع لدول الجوار ولمن يدفع أكثر؟