منذ أيام، يتحدث صحفيون ووسائل إعلام عن عودة بعض المطلوبين للقضاء العراقي، ممن قيل إن "أيديهم تلطخت بدماء الأبرياء". عودة سياسية، لإضعاف خصم سياسي آخر، تنازلات عن عهود لضحايا أبرياء من قصاص لمرتكبي الجرائم بحقهم، وتنازلات أخلاقية عن مسببين لمجازر ومحرضين على قتل العراقيين، فقط لأجل المصالح السياسية.
يرفض الناشطون المغتربون العودة بشروط الميلشيات وشروط السلطة التي تريد إجبارهم على السكوت
تلك المصالح السياسية التي أودت بحياة أكثر من ٨٠٠ شاب عراقي طالب بحقوق العراقين. غُيب العشرات ليومنا هذا، والمئات من المعاقين، بسبب وسائل القمع التي مورست بحقهم، وآخرون الآن خارج العراق، مبعدين قسرًا بعد أن تعرضوا للتهديد بالتصفية، أو ناجون من محاولات اغتيال فعلية، أو مختطفون إبان انتفاضة تشرين.
"رمق" مثالًا على ذلك. عشرات الشباب المبعدين قسرًا منتشرون في كردستان العراق، تركيا، لبنان، وغيرها. صحفيون ومدونون وناشطون، البعض منهم متهم بدعاوى كيدية، وبمصير مجهول، تاركين أشغالهم، ويصارعون ظروفًا معيشية صعبة، وغربة الوطن. يواجهون الحنين لذويهم، الذين ما زالوا يتعرضون للتهديد من قبل الفصائل المسلحة، لأجل الضغط على إسكات أبنائهم المبعدين قسرًا.
عراقيون، والبعض منهم بلا سكن، ويرتصف الشارع لأجل المنام، والآخر لم يأكل منذ أيام سوى وجبة واحدة!
رفض هؤلاء العودة بشروط الميلشيات. شروط السلطة التي تريد إجبارهم على السكوت، وتجريدهم من حقهم الدستوري في التعبير عن الرأي، أو الاحتجاج. شروط الذل التي تحددها السلطة.
لو قارنّا، بين من تسبب بمجازر بحق الأبرياء، والمبعدين قسرًا بسبب انتفاضة تشرين، من له حق العودة، لأهله وعمله، ودراسته؟ .. هل من هو متهم بالقتل والذي عاد لأجل مصلحة سياسية تخدم حزبًا سياسيًا لديه فصيل معين، وهو نفسه المتهم بإبعاد الشباب قسرًا؟ أم شباب العراق الطامحون بوطن تسود فيه العدالة؟