منذ انطلاق الاحتجاجات في مطلع تشرين الأول/أكتوبر هرب العديد من الصحفيين والناشطين من بغداد والبصرة والناصرية وكربلاء، إثر تلقيهم تهديدات لهم ولعوائلهم بالتصفية الجسدية والاعتقال من جهات مجهولة، فيما حدث فعلًا اختطاف واغتيال العديد من الصحفيين، كما حصل بالبصرة في حادثة اغتيال الصحفيّين، أحمد عبد الصمد وصفاء غالي.
تقول مفوضية حقوق الإنسان إن 50 عملية اغتيال نفذت منذ انطلاق الاحتجاجات، و51 عملية تهديد بحق صحفيين ومؤسسات إعلامية
يعمل غالبية الصحفيين لصالح مؤسسات تليفزيونية أو مواقع الكترونية معروفة، وطالتهم الكثير من التحذيرات، وبعدها، التهديدات من قبل "فصائل مسلحة" في محافظاتهم، وهو الأمر الذي حصل مع النشطاء المعروفين الذي لهم خيام معروفة في ساحة التحرير وساحات الاحتجاج الأخرى.
اقرأ/ي أيضًا: فتاوى تصفية الصحفيين في العراق.. من لا يعمل معنا "مشروع أمريكي"
تشير الإحصائيات إلى أن أكثر من 600 شخص قتلوا خلال الاحتجاجات، يوجد منهم الكثير ممن هم في الأساس، نشطاء مدنيون، فيما تم اعتقال واختفاء العشرات، بينهم فتيات، بسبب دعم الاحتجاجات قبل الإفراج عنهم لاحقًا، وبقاء العديد منهم مغيبون إلى الآن.
تقول مفوضية حقوق الإنسان إنه "منذ انطلاق الاحتجاجات في تشرين الأول/أكتوبر، نفذت 50 عملية اغتيال، و51 عملية تهديد بحق صحفيين ومؤسسات إعلامية، كما أشرت استمرار عملية الاختطاف بحق الناشطين.
يتحدث صحفي بصفة مراسل تلفزيوني، انتقل للعيش مع عائلته من الناصرية إلى أربيل في إقليم كردستان، عن سبب تركه الجنوب، رغم أنه قام بتغطية غالبية الاحتجاجات، وما زالت مستمرة، حيث يقول إن "الخوف على أطفاله دفعه للنزوح نحو أربيل"، مشيرًا إلى أن "آخر تهديد تلقاه هو أن أطفاله صاروا عرضة للخطف والقتل في حال لم يجدوه في المنزل ولم يترك العمل في القناة التلفزيونية التي يعمل بها منذ سبع سنوات".
قال الصحفي بعد أن طلب عدم نشر اسمه لأسباب تتعلّق بسلامة أهله، إن "أحد النواب عن محافظة ذي قار اتصل به وأبلغه بأن هناك محاولات لاعتقاله من قبل السلطات المحلية، خلال اليوم الثاني من احتجاجات تشرين الأول/أكتوبر، وطلب منه الحذر، وبعد انطلاق التظاهرات الحاشدة في 25 تشرين الأول/أكتوبر، تلقى تهديدًا من شخص معرف له ويتبع لأحد الفصائل، ما دفعه للنزوح إلى محافظة مجاورة، وبعد وقوع مجزرة جسر الزيتون، عاد مجددًا إلى الناصرية، ولكنه تعرض لتهديد ثالث من فصيل آخر، ولحقه التهديد الأخير لعائلته بتصفية أطفاله".
أضاف لـ"ألترا عراق"، أنه "انتقل مؤقتًا إلى أربيل واستأجر منزلًا، لكنه في انتظار عودة الاستقرار في محافظة ذي قار ليتمكن من العودة مجددًا".
لا يبدو الوضع أكثر استقرارًا في بغداد، حيث يتحدث الناشط عمر الأعظمي عن ورود تهديدات عبر "فيسبوك"، فيما تخبره الرسائل النصية بمكان منزله وعدد أفراد أسرته
صحفي آخر يعمل في التلفزيون وفر من كربلاء، بعد أن تلقى تهديدات واضحة من فصيل مسلح معروف وله انتشار في المحافظة، وقال إنه "لم يعد يستطيع الخروج لشراء الخبز من الفرن القريب لمنزله أصلًا".
اقرأ/ي أيضًا: التغطية تحت أزيز الرصاص.. كيف وثق الصحفيون احتجاجات تشرين؟
أضاف الصحفي الكربلائي الذي يتحذر من نشر اسمه لذات الأسباب الأمنية، أنه "كان بإمكانه السكن مع أخوانه، لكن كنت متخوفًا عليهم من أي رد فعل، مع استمرار نقل الأخبار، عبر التلفزيون".
وفي بغداد، لا يبدو الوضع أكثر استقرارًا، حيث يتحدث الناشط المدني عمر الأعظمي عن ورود تهديدات عبر "فيسبوك"، والرسائل النصية تخبره، بمكان منزله وعدد أفراد أسرته في بغداد.
يقول الأعظمي إن "ساحة التحرير ببغداد، ظلت مكانًا آمنًا للناشطين والمتظاهرين، مستدركًا "لكن عندما سيطرة إحدى الجهات المعروفة مؤخرًا على الساحة، أصبح التهديد والوعيد يأتي مباشرة من أشخاص معلومين أو غير ذلك، يطالبونه برفع خيمة الاعتصام".
يؤكد الاعظمي لـ"ألترا عراق"، أنه "فعلًا يبحث الآن رفع الخيمة من ساحة الاعتصام، والتوجه نحو نشاط ضغط آخر، خصوصًا أنه أصبح الآن خارج بغداد ويسكن كنازح في أربيل".
يقول الأعظمي إن "عشرة ناشطين تقريبًا من بغداد، خرجوا معه، وإن آخرين يقدر عددهم بعشرين من محافظات الجنوب، وبينهم صحفيون، وصلوا أربيل، وإن غيرهم ذهبوا نحو السليمانية".
ناشط مدني لـ"ألترا عراق": أربعة من ناشطي بغداد فروا قبل عدة أيام لأربيل، لم يكن لهم مكان سكن ولم يتمكنوا من توفير مبلغ لإيجار فندق من الدرجة الخامسة
يقول مصطفى أسعد، وهو ناشط مدني في أربيل، ومهتم في إيجاد مأوى للناشطين، إن "أربعة أشخاص من ناشطي بغداد فروا قبل عدة أيام، لم يكن لهم مكان سكن ولم يتمكنوا من توفير مبلغ لإيجار فندق من الدرجة الخامسة، لذلك تبرعت عائلة مسيحية في بلدة عينكاوة بمنزلها لسكن الشباب حتى وجود الحل لهم".
اقرأ/ي أيضًا: جمعية الدفاع عن حرية الصحافة: تشرين هو الأسوأ للصحفيين منذ 16 عامًا!
أضاف أسعد لـ"ألترا عراق"، أن "بعض المنظمات تكفلت بدفع تكاليف منازل الصحفيين مع عائلاتهم، لكن الناشطين الآخرين الذي فروا وحدهم كان من الصعب إيجاد مساكن منفردة أو توفير دفعات مالية لهم".
يؤكد مصدر في داخلية إقليم كردستان لـ"ألترا عراق"، أن "أي نازح يأتي الآن أو أي شخص يريد السكن بإمكانه البحث عن منزل واستئجاره وفتح ملف في مراكز الأسايش (الأمن الكردي)، كما أن الدخول هو طبيعي إلى مدن الإقليم ولم تصدر أي توجيهات، كما أن جميع القادمين يتم التعامل معهم بشكل طبيعي".
اقرأ/ي أيضًا:
وثق الانتهاكات وشخّص الطرف الثالث.. لماذا قتل عبدالصمد فورًا بعد هذا الفيديو؟
"درّاجة الموت" تغتال والداخلية تبرّر.. كاتم الخط الأحمر في مواجهة النشطاء