29-ديسمبر-2023
الضربات الأمريكية

أسلوب جديد في الهجمات الأمريكية على فصائل داخل العراق

في 26 كانون الأول/ديسمبر،  قصفت القوات الأمريكية ثلاثة مواقع عراقية داخل مدن مختلفة، قالت إنها تستخدم من قبل فصائل إيرانية، وذلك ردًا على هجوم من قبل فصائل مسلّحة على قاعدة أمريكية في أربيل، لكن الطريقة الأمريكية في الرد، اعتبرت حينها "سلوكًا جديدًا" للولايات المتحدة في التحرك العسكري، فضلًا عن تغيّر في السياسة تجاه العراق. 

رأى مراقبون أن  الرد الأمريكي الأخير على الفصائل يعبّر عن إصرار واشنطن على عدم سحب قواتها أو تهاونها وحتى عدم تخفيفها من حدة المواجهة في العراق

وبالنسبة للباحث والأكاديمي، عقيل عباس، فإنّ الضربات الأمريكية الجديدة للفصائل في مراكز المدن، تشير إلى تغير في السياسة الأمريكية التي "تجنبت بعد اغتيال الجنرال بالحرس الثوري الإيراني قاسم سليماني قرب مطار بغداد، أية مواجهة عسكرية مع تلك الفصائل، مبينًا أنّ "واشنطن أساسًا بعد تلك الحادثة تركت الأمور للحكومة العراقية حتى لا تحرجها وتجبرها بنفس الوقت على اتخاذ الإجراءات". 

ويقول عباس لـ"ألترا عراق"، إنه "مؤخرًا قد انهارت طريقة ترك الأمر للحكومة، ولم يعد هناك تفاهم بين الإدارة الامريكية والعراق حول هذا الملف لتقوم القوات الأمريكية بالرد على أي استهداف يطالها من الفصائل بذات المكان"، مشيرًا إلى "عدم قناعته بأن الرد الأمريكي مرتبط بالعراق تحديدًا أو تغير وجهة النظر الأمريكية، بل بوجهة نظرها في الإطار الإقليمي واعتقادها بأن الحرب في غزة سوف تمتد". 

وبحسب عقيل، فإنّ "نوعية الضربات التي تقوم بها فصائل المقاومة للقوات الأمريكية يعتبر أكثر تقنيةً بصواريخها وطائراتها، وبالتأكيد مصدرها معلوم وهذا ما أثار الإدارة الأمريكية مع تزايد العمليات، ما جعلهم ينفذون عمليات ردع بأنفسهم بلا مشورة الحكومة العراقية"، مبينًا أنّ "ذلك ربما سيدفع الحكومة العراقية لاتخاذ موقف أكثر حزمًا مع الفصائل، ولو بشكل مبدئي، لكنها وعلى ما يبدو قد عادت لمسك العصا من الوسط، فهي تتحدث لواشنطن بشيء، وللفصائل بشيء آخر، كما تقوم بتوزيع اللوم على الطرفين في وقت يجب تحليها بلحظة وضوح بنهاية المطاف".

أما وقوف الحكومة بالوسط ـ والكلام لعباس ـ "فهي تقحم نفسها بإحراج كبير ستحاول من خلاله إقناع ايران بإيقاف أعمال الفصائل، وأيضًا خوض مفاوضات جدية مع الجانب الأمريكي لجدولة انسحاب قواته الموجودة في العراق"، مؤكدًا أنّ "ذلك سيحصل بحال استمرار حرب غزة، أما إذا انتهت على نحو قصير وهذا ما يأمل به الأمريكان، لأن تصاعد أنشطة الفصائل مرتبط بما يحصل في فلسطين، وليس لأشياء تحصل في العراق، وكي تعطي صورة بكونها تدعم نشاط حركة حماس بشكل وآخر". 

وفي الرد على القصف، أدانت الحكومة العراقية، ما وصفته بـ"الاعتداء الأمريكي"، قائلة إنه "فعل عدائي واضح، وغير بنّاء، ولا يصبّ في مسار المصالح المشتركة طويلة الأمد، في بسط الأمن والاستقرار، ويعمل بالضدّ مما هو معلن من رغبة الجانب الأمريكي في تعزيز العلاقات مع العراق".

لكنّ البيان الحكومي لم يكن كافيًا بالنسبة للفصائل داخل العراق، فيما تطالب الأجنحة السياسية لتلك الفصائل، الحكومة العراقية بإنهاء وجود القوات الأجنبية داخل العراق. 

وفي تصريح جديد، قال السوداني إنّ "الحكومة العراقية ماضية باتجاه إنهاء وجود قوات التحالف الدولي الذي يضم مستشارين أمنيين يدعمون القوات الأمنية في مجالات التدريب والمشورة والتعاون الاستخباري".

وفي الأثناء، اعتبر الكاتب والصحافي، سامان نوح، تغيّر أسلوب الرد الأمريكي بتوجيه ضرباته للفصائل، تعبيرًا عن إصرار واشنطن على عدم سحب قواتها أو تهاونها، وحتى عدم تخفيفها من حدة المواجهة في العراق. 

يتحدث مراقبون عن "حرج" تسببه الهجمات الأمريكية داخل قوى الإطار التنسيقي  

وقال نوح لـ"ألترا عراق"،إنّ "الضربات الأمريكية رسائل واضحة بأنها سترد على كل هجوم، ولن تنسحب أو تتهاون أو تخفف من حدة المواجهة، وإذا كانت الهجمات ضد القواعد والمصالح الأمريكية أو المعسكرات العراقية التي تضم مستشارين أمريكيين لا توقع في الغالب إصابات ولا تخلف أضرارًا، فإنّ الضربات الأمريكية التي تزداد قوة وتركيزًا تخلف ضحايا من الجماعات المتهمة بتنفيذ الهجمات وتخلف الأضرار غير القليلة".

وأشار إلى أنّ "الأمريكيين يقولون إنه مع أي هجوم دعائي لفصائل عراقية سيكون هناك هجوم أمريكي قوي بغض النظر عن رسائل العتب والتنديد والتهديد التي تطلقها فصائل عراقية".

وبالجانب الأمني، يتحدث نوح عن أنّ "هذه المعادلة ستستمر، ومع أي زيادة في الهجمات ضد الأمريكيين ورفع مساحة وحجم تأثيرها، ستكون هناك هجمات أمريكية أقوى وفي بؤر تمثل مراكز ثقل الفصائل".

أما في الجانب السياسي، يعتقد الكاتب بأنّ "تداعيات هذه الهجمات تسبب حرجًا لدى قوى الإطار التنسيقي، وهي تخلق إرباكًا وحيرة بشأن كيفية التعاطي معها، فالحكومة التي يقودها الإطار تدين الهجمات على القوات الأمريكية وتعلن أنها ستلاحق المهاجمين وتصفهم بالمخربين المسيئين للبلد، لكن قوى الإطار في الجانب الآخر وفي بيانات يبدو أنها مرسلة للداخل تندد بالهجمات الأمريكية، وتطالب بخروج تلك القوات سريعًا، وبإنهاء ملف وجود قوات التحالف، وهذا يمثل تناقضًا فاضحًا".