زعيم ائتلاف دولة القانون وصاحب المقاعد الأكبر في الإطار التنسيقي الأقرب إلى إيران، نوري المالكي، اقتحم شخصيًا جدلاً حول منشور على فيسبوك، أعاد الإعلامي صالح الحمداني نشره قبل ساعات، وهي سابقة غير مألوفة في مسار تغريدات رئيس الوزراء الأسبق.
وحاول المالكي إخراج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، من "صمت إعلامي" فرضه على نفسه وأنصاره منذ السبت الماضي، احتجاجًا على تعطيل حلفاء إيران المستمر للحياة السياسية عبر كسر نصاب جلسات انتخاب رئيس الجمهورية.
حاول المالكي إخراج زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر من "صمت إعلامي" فرضه على نفسه وأنصاره منذ السبت الماضي
وكتب المالكي للمرة الأولى، بيانًا هاجم فيه الإعلامي صالح الحمداني، المتعاقد مع شبكة الإعلام العراقي، ووصفه بـ "البعثي المنحرف السيء" وذلك ردًا على منشور للحمداني يعود للعام 2012، ينتقد فيه التفاوت المالي بين الطبقات الفقيرة في الشعب العراقي، ومن بينهم جامعو القمامة، وطبقة الأحزاب السياسية التي تقيم المآدب والمآتم بدعوى إحياء ذكرى الشخصيات الدينية وضحايا النظام السابق، وعلى رأسهم المنظر الإسلامي محمد باقر الصدر، الذي أعدمه رئيس النظام السابق صدام حسين، مع شقيقته آمنة، الملقبة بـ "بنت الهدى" أواخر السبعينات.
ويصوّر المنشور، الذي أعاد الحمداني التذكير به قبل ساعات، سيّدة عراقية من جامعي القمامة، تعبّر عن سعادتها بتكاثر القناني البلاستيكية خارج قصر حكومي وذلك بعد حفلٍ تأبيني في ذكرى إعدام "الصدر الأول"، وهي مناسبات دأب حزب الدعوة الإسلامية بزعامة نوري المالكي على إقامتها داخل المنطقة الخضراء المحصنة، إبان حكمه مابين عامَي 2006 و2018.
ويسلط منشور الحمداني الضوء على المستوى التعليمي والثقافي الذي دُفع إليه العراقيون بسبب الفقر والفساد قبل وبعد العام 2003، إلى الدرجة التي تجهل فيه السيدة العراقية جامعة القمامة، إسم شقيقة المرجع محمد باقر الصدر، وتلفظه خطًأ "أخت الهدى" بدل "بنت الهدى"، وهو ما قدّمته الخلايا الإعلامية للفصائل، ثم المالكي، بوصفه "إساءة" للصدر الأول وشقيقته.
وهيمنت الأحزاب العراقية الحاكمة طيلة سنوات على شبكة الإعلام العراقي الرسمية، قبل أن تتعرض الشبكة إلى حملة ساخرة، إثر تجاهلها الأحداث الدامية في تظاهرات تشرين الأول 2019.
وحاولت حكومة مصطفى الكاظمي إجراء تعديلات طفيفة على سياسة التحرير، في محاولة لاستعادة ثقة المتابعين بالمؤسسة الإعلامية شبه الحكومية.
وأجرى الكاظمي سلسلة تغييرات شملت استبدال بعض المناصب، من بينها مدير عام الشبكة، الذي أجرى بدوره تعديلات طفيفة سمحت بتغطية التظاهرات وبعض وجهات النظر المناهضة للحكومة والفصائل المسلحة، إلاّ أنّ الشبكة واجهة عدة مرات، هجمات شنتها خلايا إعلامية على صلة بالفصائل والأحزاب الحاكمة.
وتداولت أوساط على صلة بالفصائل، نبأ إنهاء عقد الإعلامي صالح الحمداني من شبكة الإعلام، إلا أن مصادر في الشبكة نفت صدور أية تعليمات من إدارة الشبكة أثناء يوم العطلة.
المالكي توّج حملة قادتها مجاميع على صلة بالفصائل، حين نشر بيانًا طالب فيه بـ "تنظيف" شبكة الإعلام من "المسيئين". غير أن التيار الصدري، بزعامة مقتدى الصدر -والذي رشّح منذ أسابيع محمد جعفر الصدر، نجل المرجع محمد باقر الصدر- لم يُصدر أي تعليق.
وتداولت مجموعات الواتساب، رسالة منسوبة إلى جعفر الصدر، يعبّر فيها عن "رفضه استغلال اسم والده في مزايدات سياسية، ويعبّر عن مساندته لحرية الصحافة في العراق"، غير أنّ المصادر الرسمية في التيار الصدري لم تؤكد صحة الرسالة، ولم تنفها.
وتتعامل أسرة الصدر، وعلى رأسهم، مقتدى الصدر، ومرشحه لرئاسة الحكومة جعفر الصدر، بحذر شديد، مع المحاولات المستمرة لزجّ اسم المرجعين محمد باقر الصدر، ومحمد صادق الصدر في الجدل السياسي.
وسبق أن نُقِل تصريح عن لسان جعفر الصدر، قبل نحو عقدٍ ونصف، شكك فيها بإجراءات محاكمة وزير خارجية النظام السابق طارق عزيز، وطالب بإطلاق سراحه، في موقف كان مفاجئًا آنذاك، قبل أن يعززه الصدر الابن، بالانسحاب من قائمة نوري المالكي الانتخابية واعتزال السياسة، احتجاجًا على أداء القوى السياسية.
وعُرِف عن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، وجعفر الصدر، تفاعلهما الفوري مع الأحداث التي يرون فيها أهمية قصوى، حيث سبق أن نشر الرجلان تغريدات وبيانات في أوقات متأخرة بعد منتصف الليل.
ولم يُصدر الشخصان، المعنيّان بيانًا لموقفهما حتى وقت مبكر من فجر السبت، رغم مرور نحو 10 ساعات على استعار الحملة.
وعلى الرغم من أنّ صفحات تواصل اجتماعي على صلة بالإعلام الصدري، تحفّزت بادئ الأمر لمهاجمة الحمداني، إلاّ أنّ إعلاميًا على صلة بالتيار الصدري، أكد نشر مذكرة من إدارة التيار، تقضي بالتوقف عن المشاركة في الجدل الذي أثاره المالكي.
تتعامل أسرة الصدر بحذر شديد مع المحاولات المستمرة لزجّ اسم المرجعين الصدريّن في الجدل السياسي
ولوحظ تجاهل أبرز الصفحات الصدرية عن الخوض في القضية، بينما توقفت حسابات صدرية بارزة عن التعليق أو التحريض ضد الحمداني، مقابل استمرار النشر المكثف من قبل صفحات على صلة بالفصائل ومحاولة استنهاض أنصار التيار الصدري، حيث أشارت إلى رفع دعوى ضد الحمداني من قبل "مؤسسة الشهداء".
وتأتي إثارة الحملة الاخيرة، بالتزامن مع تصلّب يُظهره زعيم التيار الصدري وحلفاؤه في التحالف الثلاثي، إذ يرفضون إشراك المالكي وحلفائه في الفصائل الأقرب إلى إيران ضمن تشكيلة الحكومة المقبلة، كما طلب الصدر في بيانه الأخير من قوى الإطار التنسيقي أن يحاولوا تشكيل الحكومة من دون الصدر وحلفائه، ومنحهم أربعين يومًا، وهو ما رفضته قوى الإطار التي تعاني من نقص عددي في مقاعد النواب المساندين.