01-أبريل-2023
البرلمان

عدّل البرلمان قانون انتخابات مجالس المحافظات (فيسبوك)

بعد أكثر من 3 أعوام على اندلاع "تظاهرات تشرين" في 2019 والتي على إثرها تغير قانون الانتخابات، عادت القوى السياسية لتعدل القانون مجددًا وتمرره في البرلمان خلال جلسة عقدت فجر الإثنين، 27 آذار/مارس 2022، وشهدت خلافات حادة بين النواب المعترضين على تمريره، ورئيس مجلس النواب.

أُلغيت الدوائر المتعددة التي يعتقد المستقلون أنها أوصلتهم إلى البرلمان 

وأرجعت القوى السياسية نظام سانت ليغو الانتخابي وفق التعديل الأخير، حيث ستجرى الانتخابات المقبلة على أساس هذا النظام بنسبة (1.7)، في خطوة أثارت مخاوف القوى الناشئة والنواب المستقلين من فقدان فرصة الوصول إلى القبة التشريعية التي مكّنها لهم القانون القديم، حسب اعتقادهم.

ونظام سانت ليغو طريقة حساب رياضية تُتبع في توزيع أصوات الناخبين بالدول التي تعمل بنظام التمثيل النسبي، وتعتمد على تقسيم أصوات التحالفات على الرقم (1.4) تصاعديًا، وفي هذه الحالة، تحصل التحالفات الصغيرة على فرصة للفوز.

ووفق قانون الانتخابات المعدّل الجديد فأن كلّ محافظة ستكون دائرة انتخابية واحدة، أي 18 دائرة، ملغيًا بذلك 83 دائرة التي اعتمدت في الانتخابات الأخيرة والتي أفضت إلى فوز نواب مستقلين إلى جانب النواب الممثلين للأحزاب والقوى الكبيرة.

وشهدت الانتخابات المبكرة صعود عدد غير قليل من النواب المستقلين، وفي قبال ذلك، انخفضت مقاعد القوى السياسية الكبيرة باستثناء التيار الصدري الذي حصد 73 مقعدًا، وكان أحد الأسباب هو عدم فهم طريقة توزيع المرشحين على الدوائر المتعددة لحصد أكبر عدد من المقاعد في الدائرة الواحدة.

 

احتجاجات قصيرة

خلال جلسة الإثنين، شهد مجلس النواب اعتراضات قوية من النواب المستقلين وبعض الكتل النيابية الصغيرة أدت إلى طردهم من قاعة الجلسة من قبل رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وتزامنت مع هذه الأحداث تظاهرة احتجاجية على أبواب المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد.

انتهت الاحتجاجات في بغداد مع تمرير قانون الانتخابات المعدل

التظاهرات رفعت شعارات رافضة لتمرير نظام سانت ليغو إلا أنها انتهت بمجرد التصويت على القانون المعدل، قبل أن تتصاعد في ساحة الحبوبي في مدينة الناصرية وتنتهي صباح اليوم التالي بتدخل القوى الأمنية.

ويرجح مراقبون أن تشهد البلاد احتجاجات مرتقبة بسبب "كسر إرادة" الشارع الذي كان أحد مطالبه تغيير قانون الانتخابات والمفوضية إبان احتجاجات تشرين، وقد يعتبر الشارع الاحتجاجي هذا القرار البرلماني انقلابًا على التعهدات التي قطعت للمتظاهرين مقابل إنهاء احتجاجاتهم.

 

عودة تشرين محتملة

في هذا الصدد، يحذر الباحث في الشأن السياسي ماهر عبد جودة، من استعمال القمع ضد المتظاهرين الرافضين لنظام سانت ليغو، ملمحًا إلى إمكانية عودة تظاهرات تشرين مجددًا.

ويقول جودة في حديث لـ "ألترا عراق"، إن "حدة الاحتجاج الشعبي قد ترتفع مستقبلًا وتمتد إلى محافظات أخرى، والعاصمة بغداد لن تكون بعيدة عن تلك الاحتجاجات".

ويشير إلى أن "الصدريين في حال دخلوا على خط الاحتجاج الشعبي سيغيرون الكثير في واقع الاحتجاج، وربما يكون الضغط الشعبي عاملًا في تعديل قانون الانتخابات من جديد".

 

فرصة بغياب التيار الصدري

مساعي تغيير قانون الانتخابات السابق، بدأت بعد أن استطاعت قوى الإطار التنسيقي من تشكيل الحكومة الجديدة برئاسة محمد شياع السوداني عبر تحالفها مع تحالف السيادة والحزب الديمقراطي الكردستاني والأحزاب الأخرى في ما يسمى "ائتلاف إدارة الدولة".

أعادت القوى المهيمنة على البرلمان والحكومة مجالس المحافظات الملغاة بفعل احتجاجات تشرين

واستغل الإطار، انسحاب التيار الصدري من العملية السياسية، بعد أن عجز الأخير عن تشكيل حكومة الأغلبية الوطنية وفَسَح المجال أمام الإطار لزيادة مقاعده البرلمانية بتخلي التيار عن مقاعده التي حصدها في الانتخابات.

وبدأ الإطار في مساعيه لتعديل قانون الانتخابات والثأر من نظام الدوائر المتعددة التي تسببت بخسارته مقاعد برلمانية كبيرة مقابل حصول التيار الصدري على المرتبة الأولى وبفارق كبير.

قوى ائتلاف إدارة الدولة قررت أيضًا إعادة مجالس المحافظات التي هي الأخرى أُلغيت بقرار برلماني استجابة لاحتجاجات تشرين، حيث منح الضوء الأخضر لحكومة السوداني في التحضير لإجراء الانتخابات المحلية نهاية العام الجاري وقرر دمجها بالانتخابات البرلمانية في قانون واحد.

وعلى الرغم من ذلك لا يزال التيار الصدري وزعيمه مقتدى الصدر يلتزمون الصمت، الذي قد يكون، بحسب مراقبين، "الهدوء الذي يسبق العاصفة"، خاصة إذا ما علم التيار أن تعديل قانون الانتخابات يستهدف تقليص عدد مقاعده في الانتخابات المقبلة.

 

طبخة للسيطرة على البرلمان

"طبخة للسيطرة على البرلمان"، هكذا يرى المحلل السياسي محمد علي الحكيم إصرار قوى ائتلاف إدارة الدولة على تعديل قانون الانتخابات، ويشير الى إمكانية نزول التيار الصدري والحراك الاحتجاجي إلى الشارع لقلب موازين العملية السياسية ولمنع الإطار من الانفراد بالحكم.

يفسّر محللون تعديل قانون الانتخابات بأنه يستهدف الهيمنة على البرلمان القادم

ويقول الحكيم في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "هناك طبخة من 4 أجندات متتالية من قبل ائتلاف إدارة الدولة للسيطرة مرة أخرى على البرلمان وكل مفاصل الدولة في ظل إبعاد الكتل الصغيرة والناشئة والمستقلين".

ويلفت الحكيم إلى أن "القوى السياسية ماضية لتغيير المفوضية العليا المستقلة للانتخابات واستبدالهم بشخوص من الأحزاب لتكون المفوضية محاصصاتية وخاضعة لرغبات الأحزاب الحاكمة".

"من غير المستبعد أن تشهد الساحة العراقية أزمة سياسية جديدة، والأيام القادمة حبلى بالمفاجآت"، يضيف الحكيم، ويرجح "وفق جميع المؤشرات والمعطيات"، أن تشهد البلاد "تظاهرات واعتصامات تجمع المستقلين وقوى تشرين أنصار التيار الصدري لقلب المعادلة".

 

الاحتجاج برفض المشاركة

وبعيدًا عن النزول إلى الشارع وعودة التظاهرات، يرجح أستاذ الاعلام السياسي فاضل البدراني، أن يكون احتجاج الشارع على قانون الانتخابات المعدل من خلال رفض المشاركة في العملية الانتخابية.

سيساهم قانون الانتخابات الجديد بزيادة العزوف عن المشاركة في الاقتراع القادم

ويؤكد البدراني في حديث لـ "ألترا عراق"، أن "هناك يأسًا من المواطن تجاه العملية السياسية وهذا الأمر اتضح أكثر من خلال نسب المشاركة في الانتخابات السابقة".

ويضيف: "في انتخابات العام 2021 كانت نسبة المشاركة أقل من 20 بالمئة وحتى في انتخابات العام 2018 كانت أقل"، مشددًا على ضرورة أن "تعمل القوى السياسية على إعادة الثقة بالعملية السياسية حتى تزيد نسبة المشاركة الشعبية في الانتخابات المقبلة".