04-أغسطس-2023
السجائر

قال مختصون إن تجار السجائر في العراق هم أبعد الناس عن شراء الدولار (Getty)

أصبحت بعض المحلات الصغيرة في العاصمة بغداد خالية من بعض أنواع السجائر تدريجيًا، فيما بدا صاحب إحدى محلات جملة السجائر في مناطق جنوب العاصمة بغداد "محرجًا" وهو يبلغ أحد زبائنه بأن سعر "تكة السجائر" التي اعتاد على شرائها بـ12 ألف بسبب ارتفاع الدولار، من 10.5 ألف دينار، قد ارتفعت مجددًا لتصل إلى 15 ألف دينار.

علم "ألترا عراق" أنّ الأمن الاقتصادي بدأ بإغلاق محلات تجار جملة السجائر ومواد أخرى

"ما عندي جكاير أي سي، وإذا جبتها لازم أبيع الباكيت بألفين بعد مو بألف وربع"، هكذا يقول صاحب أسواق صغيرة في إحدى مناطق العاصمة بغداد، الذي أشار إلى أنّ "سبب ذلك هو غياب السجائر من السوق بسبب حملة على تجار السجائر". 

وتحدث "ألترا عراق" إلى أحد أصحاب محال جملة السجائر، الذي أكد ارتفاع أسعار "تكة السجائر" من كل نوع بين 15 وحتى 30% بشكل متفاوت وحسب نوع السجائر، مبينًا أنّ "الأسعار ارتفعت من تجار الجملة ذاتهم فضلًا عن عدم توفرها كون معظم محلات تجارة جملة السجائر في بغداد أغلقت".

ويشير في حديث لـ"ألترا عراق" إلى أنّ "الأمن الاقتصادي بدأ بإغلاق محلات تجار جملة السجائر ومواد أخرى وليس السجائر فحسب، وسبب ذلك هو لتعامل هؤلاء التجار بسعر الدولار في السوق الموازي".

ويقول إنّ "الأمن الاقتصادي قام بتشكيل فرق جوالة وبشكل متخفي باعتبارهم زبائن ويسألون على الأسعار التي شهدت ارتفاعًا بسبب ارتفاع الدولار، وعند محاججتهم بأن الدولة توفر الدولار بالسعر الرسمي يقول أصحاب الجملة إنهم لا يشترون من البنك المركزي، بل من السوق الموازي، ليفتضح أمرهم ويتم اعتقالهم بعدها أو إغلاق محالهم التجارية".

ويؤكد صاحب محل السجائر، أنّ "بعض تجار التبغ ولاسيما معسل مزايا يأخذون الدولار من البنك المركزي بالسعر الرسمي، لكنهم يبيعون بضائعهم وفق سعر الدولار في السوق الموازي، لكن معظم تجار السجائر لا يشترون الدولار من البنك المركزي".

حاول "ألترا عراق" التواصل مع بعض محال تجار جملة السجائر للحديث عن الموضوع، والاستفهام عن سبب عدم شرائهم الدولار من البنك المركزي لتمويل تجارتهم أو الاستفهام عن الحملة الأخيرة التي طالتهم، إلا أنهم رفضوا الحديث.

السجائر

إلا أنّ القضية ليست بالخفيّة، كما يقول المهتم في الشأن الاقتصادي ماهر أمين، إذ أنّ "تجار السجائر هم أبعد الناس عن شراء الدولار من البنك المركزي أو عبر المنصة الالكترونية، لأن "تجارة السجائر هي أكبر تجارة تتم عبر التهريب في العراق، بسبب الرسوم والضرائب العالية المفروضة عليها في المنافذ الرسمية، حيث تصل إلى 100%". 

ما يدخل بشكل رسمي من السجائر يبلغ 0.1% من إجمالي السجائر المستوردة

وبالأرقام، يشير أمين في حديثه لـ"ألترا عراق" إلى أنه "بحسب مرصد التعقيد الاقتصادي OEC، فإنّ العراق استورد في 2021 تبغ ملفوف أو سجائر بأكثر من مليار دولار، حيث جاء رابع أكبر مستورد للسجائر بعد كل من إيطاليا وألمانيا وإسبانيا، ليستحوذ على 4.86% من إجمالي السجائر المصدرة عالميًا في عام 2021".

سجائر

بالمقابل، سجل الجهاز المركزي للإحصاء حجم استيراد التبغ والسجائر في 2021 بـ1.4 مليون دولار فقط، هذا يعني أنّ ما يدخل بشكل رسمي من السجائر لا يعادل شيئًا ويبلغ 0.1% من إجمالي السجائر المستوردة بالفعل، وهذا يثبت بشكل كبير أنّ معظم السجائر هي مهربة.

ومن هنا، يتضح أنّ تجار السجائر سيحتاجون لشراء المليار دولار من السوق الموازي، وبينما أنّ المزاد لا يفتح سوى قرابة 215 يومًا، بسبب وجود 150 يوم عطلة في السنة، فهذا يعني أنّ سوق السجائر لوحده يحتاج لشراء 5 ملايين دولار يوميًا من السوق الموازي، بسبب تهرّب التجار من المنصة والبنك المركزي، للتهرب من الضريبة التي تبلغ على السجائر 100%.

وتشير تقديرات سابقة منظمة الصحة العالمية إلى أنّ العراقيين الذين يحرقون السجائر بـ1.8 مليون دولار يوميًا، يعني 657 مليون دولار سنويًا.

وسبق أن نظمت القوات الأمنية حملة لجمع تعهدات من التجار بالتعامل بالدينار العراقي بدلًا من الدولار، لكنّ خبراء رأوا أنّ الأمر بأنه "بعيد عن الواقع"، كون معظم السلع في العراق مستوردة والاستيراد يتمّ عبر الدولار فقط.

ويبدي مختصون استغرابهم من قيام الحكومة بحملة ضدّ التجار في الوقت الحالي بسبب تعاملهم بالدولار الموازي، فيما كان يجب أن تتمّ هذه الحملات وتنظيم عملية الاستيراد للسبب الأكبر والأكثر إضرارًا بالبلاد، والمتمثل بالتهرب من الضريبة طوال السنوات الماضية، والاستيراد عبر التهريب ومن خلال المنافذ غير الرسمية.