19-ديسمبر-2023
انتخابات مجالس المحافظات

أقل من انتخابات 2009 و2013 (ألترا عراق)

مع الساعات التي رافقت إجراء انتخابات مجالس المحافظات في العراق، شهدت مواقع التواصل الاجتماعي موجة سخرية بشأن تراجع نسبة المشاركة، حتى أظهرت صور وفيدوهات بعض المراكز فارغة من الناخبين. 

وبحسب جدول حصل عليه "ألترا عراق"، والذي يعتمد على تقارير المكاتب الانتخابية في المحافظات كافة، فإنّ نسبة المشاركة في التصويت العام بالانتخابات المحلية بلغت 39%، بينما التصويت الخاص بلغت نسبته 71%، ليكون المجموع 41%.

وهذه النسبة تمثل نحو 5.9 مليون مشارك في التصويت العام والخاص، استنادًا إلى عدد الذي حدّثوا بطاقاتهم الانتخابية، والتي أشار الجدول إلى أن عددهم قرابة 16 مليونًا، وليس عدد الذي يحق لهم الانتخاب الذي يفوق 20 مليونًا وقد يصل إلى 28 بحسب تصريحات سابقة، ما يعني أنّ النسبة لا تتجاوز 27% من المجموع الكلي.

عضو في التيار الصدري: نسب المشاركة الضئيلة في الانتخابات كانت متوقعة بل وأقل مما معلن حاليًا

نسبة متوقعة.. والإطار التنسيقي قد يدخل أزمة

ووصف عضو التيار الصدري، فتاح الشيخ، ما حدث بـ"انتفاضة المقاطعين"، حيث "انتصرت على الأحزاب الحاكمة وقالت كلمتها بالعزوف عن انتخابات مجالس المحافظات، معتبرًا أنّ "زعيم التيار مقتدى الصدر أعطى درسًا واضحًا للإصلاح وأسقط ورقة التوت التي تتخفى خلفها الأحزاب المشاركة منذ 2005".

ونسب المشاركة الضئيلة في الانتخابات بالنسبة لفتاح لشيخ كانت متوقعةً، "بل وأقلّ مما معلن حاليًا، لأن من شاركوا هم جماهير حزبية، وهذا استحقاقها الطبيعي، حيث كانت تتخفى بالسابق وراء مشاركة التيار الصدري والجماهير الأخرى".

وبحسب حديث الشيخ لـ"ألترا عراق"، فإنّ "النسبة الحالية للمشاركة ستقود الكتل السياسية اللاهفة وراء الأصوات إلى أزمة داخل الإطار التنسيقي  فيما بينها، لتقاسم فتات الأصوات"، متوقعًا "تمزق الإطار التنسيقي بمجرد تقسيم النتائج ومعرفة كل طرف لأصواته".

ولا يستبعد الشيخ حدوث "التزوير"، حيث "سيتجدّد باعتماد العد والفرز اليدوي دون الإلكتروني، لأن الكتل الحالية لديها تجارب سابقة وخبرة بالتزوير"، مبينًا أنّ "هذه الانتخابات اتسمت بالوعي السياسي الجماهيري والحرص الوطني تجاه القرار العراقي لتحييد الكتل التي تمثل المطابخ الخارجية".

يتوقع عضو في التيار الصدري أن تحدث أزمة داخل الإطار التنسيقي لـ"تقاسم فتات الأصوات"

وقال الشيخ إنّ "التيار الصدري قدم درسًا تأديبيًا للفاسدين والسعي لإزاحتهم عن الكراسي والحصانة التي يتخفون خلفها، وهذا الباب الأول لمبادئ الإصلاح الذي يترقبه الشعب خلال السنوات القادمة، أو يتحقق خلال الانتخابات البرلمانية المقبلة".

"صادقون": النسبة جيدة

لكنّ النائب عن حركة "صادقون"، محمد البلداوي، وصف نسب المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات بـ"الجيدة جدًا"، معتبرًا أنّ "دعوات المقاطعة أثرها يقع على تمثيل المكون الذي تصدر من بعض أطرافه هذه الرغبات".

وزعم البلداوي الذي ينتمي إلى الجناح السياسي لحركة "عصائب أهل الحق"، أنّ "الاقتراعين العام والخاص شهدا نسبة مشاركة مرتفعة للمناطق الريفية والأقضية والنواحي مقارنة بمراكز المدن، وهذا واضح جدًا، مستدركًا بالقول: "لكن بالمجمل فالنتائج إيجابية والانتخابات جرت في أجواء مستقرة كنتيجة للعمل الحكومي والسياسي الجاد على إنجازها"، مبينًا أنّ "مجالس المحافظات تعتبر حلقة مهمة دستوريًا لتلبية متطلبات الشارع وارتباطه بالحكومة الاتحادية".

نائب عن "صادقون": دعوات المقاطعة أثرها يقع على تمثيل المكون الذي تصدر من بعض أطرافه هذه الرغبات

وزعم البلداوي أيضًا أنّ "نجاح الانتخابات هو نجاح يضاف لحكومة محمد شياع السوداني التي أحدثت استقرارًا اجتماعيًا وأمنيًا وقد لمسه أغلب من يتتبعون خطواتها"، واصفًا انتخابات مجالس المحافظات 2023 بأنها "الأكثر استقرارًا منذ العام 2003".

تباين في النسب بين المحافظات

وفي الأثناء، اعتبر القيادي في الحزب الديمقراطي الكردستاني، هيثم المياحي، نسبة المشاركة بانتخابات مجالس المحافظات "قليلة جدًا"، مبينًا أنّ "زيادة المشاركة في محافظات دون أخرى ملفت للغاية". 

وقال المياحي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "ما يميّز هذه الانتخابات عن غيرها كونها قد شهدت اتفاق الأحزاب على إنجاحها، حيث جاءت بعد سنوات من غياب مجالس المحافظات وجرت بطريقة سلسلة وسريعة وبدون إخفاقات وخروقات أمنية".

وعن نسب المشاركة التي كانت "قليلة جدًا" ـ والكلام للمياحي ـ فقد سجلت بغداد نسبة 19 %، فيما زادت على 53 %  في محافظتي كركوك وصلاح الدين، كما سجلت ديالى 40 % كنسبة مشاركة، مبينًا أنّ "انخفاض المشاركة في بغداد وارتفاعها بكركوك وصلاح الدين وديالى، يعني بأن التصويت جاء لأجل التغيير والتصحيح في المناطق المتنازع عليها، ما سيجعل الأوضاع مغايرة مستقبلًا وفق النتائج".

أما المتحدث باسم تحالف عزم في محافظة كركوك، عزام الحمداني، فقد أشاد بنسبة مشاركة الناخبين بالاقتراع العام في الانتخابات المحلية بمحافظته، متوقعًا أن "يحظى المكون العربي بعدد كبير في المجلس القادم". 

وقال الحمداني، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "الاقتراع العام جرى بشكل انسيابي ومنتظم جدًا، حيث سجلت محافظة كركوك نسبة عالية بالمشاركة خاصة من أبناء المكون العربي"، مبينًا أنّ "النسب الأولية للمشاركة في كركوك بلغت أكثر من 60 %".

ولفت الحمداني إلى أنّ "المكون العربي بجميع الجهات التي تمثله بذل كل سعيه لإثبات نفسه في هذه الانتخابات، لتكون له كلمة مؤثرة في مجلس محافظة كركوك القادم من خلال المقاعد التي سيحصل عليها".

نائب: منظمات وشبكات مراقبة الانتخابات سجلت خروقات كبيرة وخطيرة جدًا بعضها تجاوز 900 خرق انتخابي

النسبة "محبطة"

وفي السياق، انتقدت النائب عن حركة امتداد، وعضو لجنة حقوق الإنسان النيابية نيسان زاير الصالحي، "إجراء انتخابات مجالس المحافظات في ظل المقاطعة الشعبية والسياسية الكبيرة لها". 

وقالت الصالحي، في حديث لـ "ألترا عراق"، إنّ "نسبة المشاركة وفقًا للتقييمات الأولية متدنية بشكل كبير وأغلب مؤشرات المشاركة في الاقتراع العام ما عدا محافظات كركوك والأنبار وصلاح الدين، تعكس وخاصة محافظات الوسط والجنوب العزوف الكبير للمشاركة في الانتخابات المحلية، أما بغداد بفرعيها الكرخ والرصافة فقد كانت محبطة جدًا مقارنة بمؤشرات الاقتراع الخاص التي كانت مرتفعة فيهما" .

وأضافت الصالحي أنّ "كفاءة الأجهزة والتوقفات الإلكترونية حذرنا منها بشكل مباشر خصوصًا بعد فشل تجربة المحاكاة الثالثة، وطالبنا مفوضية الانتخابات بمراجعة  الشركة الفاحصة لمعالجة التوقفات المتوقعة وغير المتوقعة، وهذا ما لم نلمس حرص المفوضية تجاهه والأخذ بجدية تحذيراتنا، ولذلك تعطلت 70% من الأجهزة في يوم الاقتراع الخاص وبنسبة أقل في يوم الاقتراع العام، ناهيك عن ما سجل من جرائم انتخابية وتزوير ومحاولات شراء الأصوات وغيرها".

وتقول النائب إنّ "منظمات وشبكات مراقبة الانتخابات قد سجلت خروقات كبيرة وخطيرة جدًا بعضها تجاوز 900 خرق انتخابي، وهذه الخروقات قد تعد حمراء، وبالتالي قد تؤدي إلى إلغاء محطات اقتراع وحرمان أصوات"، مؤكدة أنّ "هذا بحد ذاته يعد مؤشرًا سلبيًا على سير العملية الانتخابية ونتائجها".

وبعد 10 سنوات من التعطيل ـ والكلام للنائب ـ فهذه الانتخابات لمجالس المحافظات في تنظيمها ومعدلات المشاركة بها التي قد تصل إلى 40 % هي أقل من نسبة المشاركة في انتخابات مجالس المحافظات في 2009 و2013 والتي تجاوزت سقف 70 %". 

أما من ناحية الرصانة، فهذا بالنسبة للصالحي "يعتمد على أداء المفوضية واستعداداتها وتحضيراتها، وفي الكثير بل والأهم من مفاصلها، وخصوصًا سجل الناخبين، طبع البطاقات البايومترية، أجهزة الاقتراع، والتي شكك بها الكثيرون ولم تستطع المفوضية معالجتها أو طمأنة القوى السياسية التي قاطعت الانتخابات بما يخصها". 

وحول مقاطعة قوى سياسية "مهمة" لهذة الانتخابات، فهو "يمثل تشكيكًا بقدرة المفوضية على ضمان نزاهة الانتخابات مع العدد الكبير من الخروقات وتقارير منظمات وشبكات رصد سير العملية الانتخابية، وهذا قد ينعكس سلبيًا على نتائج الانتخابات والتعامل معها دون تشكيك أو طعون، كون الطعن بالمقدمات والاستعدادات قد يؤشر طبيعة النتائج واحترامها وموثوقيتها"، على حد تعبير الصالحي. 

تراجع نسب المشاركة لا يغيّر

وبحسب العضو الأسبق لمجلس المفوضين في المفوضية العليا للانتخابات، سعد الراوي، فإنّ قانون الانتخابات لا يلزم بضرورة وجود نسبة لاعتماد النتائج.

وقال الراوي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "النسبة الكلية للمشاركين في الانتخابات بلغت 67 % للاقتراع الخاص، و39 % للعام، حيث تم اعتماد البطاقة البايومترية فقط ضمن النسبة، فيما لم يحسب من لا يمتلك البطاقة البايومترية ضمن نسبة المشاركة".

قال مختصون إن نسبة المشاركة مهما كانت فلن تكون مشكلة أمام اعتماد النتائج دوليًا ومحليًا

وأكد الراوي أنّ "نسبة المشاركة مهما كانت، فلن تكون مشكلة أمام اعتماد النتائج دوليًا ومحليًا، لأن القوانين لم تحددها برقم معين".

ويضرب الراوي مثالًا في عام 2005، حيث "شهدت محافظة الأنبار نسبة مشاركة أقل من 1 %، حيث كان سعر المقعد 94 صوتًا وليس 1000، وكل المشاركين بالاقتراع لا يتجاوزون 4 آلاف مصوت، ورغم ذلك لم يستطع من قاطعوا العملية الانتخابية تغيير شيء طيلة سنوات ممارسة المجلس لعمله"، مبينًا أنّ "ذلك حصل في وقتها بوجود عضو من الأمم المتحدة ضمن مجلس المفوضين وتمت المصادقة على النتائج".