06-فبراير-2024
التحالف الدولي في العراق

تتحدث الحكومة عن مفاوضات رسمية من أجل انسحاب القوات الأجنبية (ألترا عراق)

منذ أن بدأت اللجنة العسكرية العليا الأمريكية العراقية، مفاوضاتها في كانون الثاني/يناير الماضي، والتي تهدف إلى إنهاء مهمة التحالف الدولي وانسحاب القوات الأجنبية من العراق، ولا تزال الأسئلة تطرح حول السيناريوهات التي من الممكن حدوثها بعد هذا الانسحاب المعلن. 

يتحدث المحلل السياسي نظير الكندوري عن "شكوك" بقدرة القوات العراقية على مسك زمام الأمور بعد انسحاب الأمريكان

وكان مكتب السوداني، أعلن انطلاق أعمال اللجنة العسكریة العلیا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي، متحدثًا عن "جدول زمني محدد لإنھاء المھمة العسكریة للتحالف، والانتقال إلى علاقات أمنیة ثنائیة بین العراق والولایات المتحدة والدول الشريكة في التحالف، وإلى علاقات ثنائیة شاملة مع ھذه الدول". 

وتحدث الكاتب والمحلل السياسي، نظير الكندوري، عن السيناريوهات الممكن حدوثها في العراق في حال انسحبت القوات العسكرية الأمريكية فعليًا من قواعدها، متوقعًا حصول واقع شبيه بما حصل بانسحاب 2011.  

ويقول الكندوري لـ"ألترا عراق"، إنّ "الانسحاب العسكري الأمريكي في عام 2011 يكاد يكون كبيرًا، حيث أدخل العراق في متاهة دخول تنظيم داعش الإرهابي واجتياحه لعدة محافظات، تمثل ثلث مساحة البلاد، ما دفع بالحكومة العراقية مرة أخرى للاستعانة بالأمريكان".

وقال أيضًا إنّ "الشك موجود بقدرة القوات العراقية على مسك زمام الأمور بعد خروج الأمريكان مرة أخرى والتصدي لبقايا تنظيم داعش، إضافة للفصائل المسلحة المتعددة وهي غير ملتزمة بالقانون، وهي لا تعير لرئيس الحكومة محمد شياع السوداني أي أهمية تذكر".

وبالنسبة للكندوري، "لا يوجد ضمان لعدم انقلاب الفصائل المسلحة على الحكومة، مبينًا: "كما يجب مناقشة نوعية السلاح الذي تمتلكه القوات العراقية بعيدًا عن أعدادها الكبيرة من أجل السيطرة على المساحة الشاسعة للعراق". 

ولا يمتلك العراق ـ والكلام للكندوري ـ "سلاحًا أو غطاءً جويًا يعتمد عليه، ويمكنه التصدي لأية اعتداءات أو طيران مسيّر، مع غياب قوة الدروع والحديث فقط يمكن حصره في قوات مشاة ليس أكثر، وهي معرضة للخسائر الكبيرة في أي وقت".

أما الجانب السياسي، فإنّ الكندوري لا يرى وجود قناعة كردية بخروج الأمريكان، وفي حال حصولها، فهي "تمثل خطرًا كبيرًا عليهم سيشعرون به مباشرة فيما لو انسحبت القوات من إقليم كردستان أيضًا، ما سيدفع الأطراف الكردية للبحث عن وضع كل واحد منهم في أحضان دولة بديلة، حيث سيذهب الحزب الديمقراطي بزعامة مسعود بارزاني للدخول تحت نفوذ تركيا بالكامل، فيما سيتجه الاتحاد الوطني برئاسة بافل طالباني تحت سيطرة ونفوذ إيران"، متوقعًا حدوث ما يصفها بـ"المشاكسة الكبيرة بين الحزبيين الكرديين بحال تحقق ذلك الانسحاب". 

وبحسب المحلل السياسي، فإنّ "المناطق الشيعية ليست مستبعدة من التأثر بالانسحاب الأمريكي في ظل الصراع بين التيار الصدري وعصائب أهل الحق ومن يرافقها في خط الفصائل، حيث تشهد محافظات عدة صدامات بشكل مستمر، إذ لا يمكن السيطرة على اشتباك هذه الأطراف حتى من قبل أجهزة الأمن الحكومية التي تعتبر منقسمة بولاءات قادتها للجماعات المسلحة"، وفي "وضع كهذا لا يمكن وجود جيش محايد ولا ينتمي لجهة سياسية أو غيرها، حتى يمكن الاعتماد عليه". 

ورأى الكندوري أنّ "صراع الفصائل والتيار الصدري لا يمكن إيقافه في تلك المرحلة بحال حصوله، خاصة لوجود شعور بداخل الأخير بوقوعه في خديعة سلبته استحقاقه السياسي".

ويتحدث الكندوري أيضًا عن ما يسميهم بـ"سياسيي المكوّن السني"، حيث يقول إنهم "لا يؤثرون بهذا الملف لينافسوا بشكل جيد، لكن تحقق الانسحاب ربما سيجعلهم يرفعون يافطة عدم وجود قوة تحميهم في العراق"، مبينًا أنّ "ذلك ربما سيدعو السنة لتشكيل جماعات أو تنظيمات مسلحة لحماية المكون، ما سيجعل العراق أمام مشهد ميليشياوي ومتفكك ومتصارع بين الجميع". 

ورغم ذلك، فإنّ هذه السيناريوهات والاعتراف بها بحسب الكندوري "لا يمكن من خلالها اعتبار عدم وجود مصلحة للعراق بخروج الأمريكان في الحقيقة، بل من صالحه، مستدركًا بالقول: "لكن الأمر مختلف بسبب الخراب الذي أحدثته الولايات المتحدة منذ 2003، إذ أنّ "خروجها الآن سيعزز الصراعات السياسية والعسكرية".

ويستبعد الكندوري تكرار سيناريو سيطرة حركة طالبان على إفغانستان بعد الانسحاب الأمريكي، لكنّ "ما سينتجه هذا الانسحاب، حروب طائفية وسياسية بين المكونات لسنوات طويلة تشبه ما حصل في الصومال والحرب الأهلية التي نشبت ودمرت البلاد بشكل كامل"، مضيفًا أنّ "الأمريكان دمروا العراق بخبثهم عند احتلاله، وربما سيفعلون نفس الشيء بخطوة الخروج من أراضيه مجددًا".

وإنهاء مهام التحالف الدولي وانسحاب القوات الأمريكية تأتي ضمن اتفاقية الإطار الاستراتيجي، وهي صيغة وقعتها حكومة نوري المالكي عام 2008 مع الولايات المتحدة الأمريكية، ونظّمت خروج قوات الاحتلال آنذاك من العراق، كما تضمنت بنودًا منها ما يعطي "الولايات المتحدة الحق الأولي لممارسة الولاية القضائية"، على قواتها المتبقية وعناصرها الأمنية.

وفي 4 شباط/فبراير، وخلال اجتماع مع سفراء دول الاتحاد الأوروبي وكندا والبرازيل وأستراليا، تحدث وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين، عن ضرورة "العودة إلى طاولة المفاوضات بين اللجنة العسكرية المشتركة للوصول إلى تفاهمات حول الوجود العسكري الاستشاري للولايات المتحده الأمريكية ودول التحالف الدولي". 

ولم تكشف وزارة الخارجية أو أي جهة عراقية أو أمريكية، قبل ذلك، عن توقف المفاوضات عبر اللجنة العسكریة العلیا المشتركة بين العراق والتحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة، في بغداد.

ولا يتوقع أستاذ الدبلوماسية والعلاقات الخارجية، في جامعة جيهان، مهند الجنابي، حصول انسحاب أمريكي من العراق.

ومن حيث المبدأ، فإنّ "جهود انتقال المهمة القتالية لقوات التحالف الدولي التي تجسدت باللجنة العسكرية العليا بين الجانب العراقي والأمريكي قد تأثرت بفعل الهجوم الأخير على قاعدة T22"، وفقًا لمهند لجنابي الذي يرجح "عدم حدوث الانسحاب الأمريكي خلال الأعوام المقبلة". 

ويقول الجنابي لـ"ألترا عراق"، إنّ "فرضية الانسحاب وبحال تحققها قد تنعكس على العراق وفق جوانب اقتصادية وأمنية وسياسية"، مشيرًا إلى أنه "في الاقتصاد، فإنّ النظام النقدي للعراق سيمتثل على المدى القريب لمتطلبات النظام النقدي الدولي، وقد يفتح هذا الأمر آفاق التعاون بين العراق والولايات المتحدة وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي وانتقال العلاقة بين الجانبين لجوانب غير عسكرية".

أما على المستوى الأمني، فهذا الأمر يعتمد ـ بحسب الأكاديمي ـ على "جاهزية القوات المسلحة والأمنية في حماية الأراضي العراقية من تهديد محتمل للتنظيم الإرهابي"، مبينًا أنّ "ما هو واضح يشير لاستبعاد خطر الإرهاب، ولكنه لا يعني تحرير القرار الأمني من تدخل الجهات الخارجة عن القانون".

لا يتوقع مراقبون أن يحدث الانسحاب الأمريكي من العراق

وما يخص التأثير على المستوى السياسي، يعتقد الجنابي بأنّ "العراق لن يكون قادرًا على الحفاظ على نهج الاستقلالية في قراره الخارجي، بل سينجذب إلى سياسة المحاور والاستقطاب الإقليمي والدولي، وفي ذلك ضرر كبير للمصالح العليا للبلاد".