يترقب أكثر من 6 ملايين عراقي، من غير الموظفين والذين يعملون في مهن مختلفة سواء في شركات قطاع خاص أو كسبة أو عمّال أو أصحاب مهن خاصة وفردية، استكمال التصويت على أهم قانون في تاريخ قطاع الأعمال بالعراق، وفقًا لمختصين، والمتمثل بقانون الضمان الاجتماعي وتقاعد العمال.
لا تتوفر نسخة معلنة حتى الآن عن القانون الجديد الذي تم التصويت على أكثر من 30 مادة منه
ويكتسب هذا القانون أهميته من عدة محاور، وفقًا لخبراء، فهو "سيضمن حياة جميع العاملين بالقطاع الخاص أو أصحاب المهن الحرة بعد سنوات من اهتمام بالموظف الحكومي فقط، فضلًا عن "كون القانون سيؤدي إلى تخفيف التزاحم على الوظائف الحكومية، وينشط اللجوء إلى القطاع الخاص والمهن الحرة، وهو ما سينقذ خزينة الدولة من المزيد من الموظفين، بالإضافة إلى تخفيف نسب البطالة".
ويمتلك العراق قانونًا سابقًا لتقاعد العمال لكنه يعود للعام 1971، ويتضمن على أن يكون الحد الأعلى للراتب التقاعدي 400 ألف دينار فقط، ولا يضم هذا القانون سوى 650 ألف متقاعد حاليًا فقط، في الوقت الذي يوجد أكثر من 6 ملايين عامل في القطاع الخاص.
ولا تتوفر نسخة معلنة حتى الآن عن القانون الجديد الذي تم التصويت على أكثر من 30 مادة منه، من أصل نحو 100 مادة، في الجلسة السابقة لمجلس النواب، لكنّ المعلومات النيابية والحكومية المتداولة تشير إلى عدة قضايا، من بينها أن يكون الحد الأدنى لراتب العامل 500 ألف دينار، وكذلك الراتب التقاعدي، ويزداد مع ازدياد التوقيفات التقاعدية، التي ستكون إجمالًا بنسبة 25% من راتبه، لكن تتوزع بواقع 5% تستقطع من راتب العامل المضمون، و8% تدفعها الحكومة، و12% يدفعها رب العمل أو صاحب الشركة، وفي حال كان العامل هو صاحب مهنة حرة أو ليس هناك رب عمل، فهو من يقوم بدفع التوقيفات التقاعدية بواقع 17% وتتحمل الحكومة الـ8% المتبقية.
وتتنوع رواتب وحجم الدخل للعاملين في القطاع الخاص، إلا أنّ المتوسط يبلغ تقريبًا 750 ألف دينار كحد أدنى، ومن هنا، فإنّ الـ25% التي ستدخل إلى صندوق تقاعد العمال ستبلغ إجمالًا أكثر من 185 ألف دينار شهريًا، يدفع العامل منها نحو 38 ألف دينار، والمتبقي تدفعه الحكومة ورب العمل.
وبوجود 6 ملايين عامل في العراق، فهذا يعني أنّ صندوق التقاعد سيحصل على أكثر من تريليون دينار شهريًا، وهو مبلغ ضخم يشدد خبراء على أن يتم استثماره ليجلب عائدات مالية تغذي الصندوق، لـ"تكون هذه العائدات هي ما سيضمن الرواتب التقاعدية لمن يدفع توقيفات تقاعدية شهريًا من العمال، بعد أن يصل إلى سن التقاعد".
وفي تفاصيل هذا المشروع، يشير الباحث في الشأن الاقتصادي مصطفى إحسان، إلى أنّ "القانون ربما سيفقد العاملين بالقطاع الخاص إمكانية العمل في أكثر من مكان أو مؤسسة بوقت واحد، لكونها ستكون مسجلة في قاعدة بيانات الحكومة، والأمر سيكون مشابهًا للموظف الحكومي الذي لا يجيز له العمل أو التوظف في دائرتين بوقت واحد".
ويبيّن إحسان في حديثه لـ"ألترا عراق"، أنّ "هذا الأمر وكذلك مسألة دفع 12% من التوقيفات التقاعدية وكذلك الشروط التي ستفرض على أصحاب الأعمال، سينمي ظاهرة الشركات المتخفية، بغية التهرب من دفع التوقيفات التقاعدية وكذلك التهرب من الشروط التي ستفرض عليها من حقوق للعمال، مثل الإجازة وعدم إمكانية رفض العامل وغيرها من الشروط التي ستلسب جزءًا من سلطة أصحاب الأعمال".
الباحث في الشأن الاقتصادي نبيل التميمي، يشير كذلك إلى أنّ "الإطار العام للقانون جيد، فهو يوفر نوعًا من الجدية لمعالجة الأسباب الهيكلية في تدني حجم وتطوير الأعمال الخاصة ووظائف القطاع الخاص، ويعمل على جذب العاملين باتجاه القطاع الخاص عبر وضع بعض الضمانات لهم منها ضمانات التقاعد أو ضمانات التوقف عن العمل نتيجة الإصابة وغيرها".
أما ما يتضمنه القانون، فيقول التميمي لـ"ألترا عراق"، إنه "يعتمد على الصيغ الترهيبية والعقابية التي سيتضمنها القانون أكثر مما هي ترغيبية أو وضع مميزات جاذبة تدفع العاملين وأرباب العمل لتسجيل موظفيهم"، وهي من المؤشرات السلبية على القانون، بحسب التميمي.
ويؤكد التميمي أيضًا وجود نقاشات واعتراضات على بعض القضايا الأخرى من بينها، "النسب المتفاوتة في دفع التوقيفات التقاعدية فنسب المساهمات للعمال الذين يعملون لصالحهم تختلف عن النسب التي يدفعها العمال في المؤسسات معينة أو الشركات العائدة لأصحاب وأرباب العمل".
رأى خبراء أن قانون تقاعد العمال سيطور أعمال القطاع الخاص في العراق
وحول ما إذا كان صندوق تقاعد العمال "سينجو" من فخ صندوق تقاعد الموظفين الحكوميين، فيما يتعلق بتسجيل "عجز" في التمويل، مما يؤدي في النهاية لتكفل خزينة الدولة دفع جزء من الأموال الشهرية للمتقاعدين لعدم كفاية الأموال الموجودة في صندوق التقاعد، يشير التميمي إلى أنّ "مسألة العجز ستكون حاضرة بالطبع فهي موجودة في مجمل الصناديق التساهمية".