10-مايو-2023
المتقاعدون في العراق

رواتب متفاوتة بين شخص وقرينه (Getty)

تعرّض العديد من المتقاعدين مؤخرًا إلى الضرب بعد تظاهرة خرجوا بها في بغداد للمطالبة بتحسين أوضاعهم بعد أن قضوا أعمارهم في وظائف لم تنصفهم، على حد تعبيرهم. وقام متقاعدون بتزويد "ألترا عراق" بمقاطع مصوّرة تؤكد فعلًا أنهم تعرضوا لما أسموه بـ"الإهانة" من قبل قوات الشغب في العاصمة. 

شاهد| متظاهر متقاعد يتعرض للضرب على يد القوات الأمنية #سلم_الرواتب #العراق pic.twitter.com/uvhifYaksF

— Ultra Iraq | ألترا عراق (@UltraIRQ) May 9, 2023

تتلّخص مشكلة المتقاعدين، بعدة قضايا متفرعة، لكنها قائمة على محور رئيسي يتعلّق بضعف الرواتب بشكل عام، وكذلك "انعدام العدالة والتفاوت بين رواتب المتقاعدين المتناظرين بعدد سنوات الخدمة، حيث تعدّ رواتب المتقاعدين القدامى أقل بكثير من نظرائهم في الشهادة والخدمة من المتقاعدين الجدد"، في مؤشر يعتقدون أنه نابع من "محاولة استهداف للمتقاعدين القدامى وخدمتهم السابقة، لأنها تكرست في المدة الزمنية تحت حكم النظام السابق"، بحسب المتقاعدة ابتسام محمد والتي كانت موظفة في وزارة الثقافة والإعلام قبل 2003.

وتشير محمد في حديث لـ"ألترا عراق"، إلى أنّ "النظام السياسي الحالي يتعامل مع المتقاعدين القدماء من منطلق غير وطني وبنوايا غير سليمة"، مضيفة أنها وغيرها من المتقاعدين "يطالبون بعيشة كريمة وعدالتهم مع أتباع الأحزاب الذين يحصلون على رواتب تقاعدية أعلى منهم بكثير رغم أنهم لم يدفعوا توقيفات تقاعدية".

وتوضح أن "الحكومة تقول إنّ صندوق التقاعد لا تكفي أمواله لزيادة رواتب المتقاعدين"، مستدركة: "لكن ذلك طبيعي في ظل إدخال فئات رفحاء والسجناء السياسيين وغيرهم ممن لم يدفعوا توقيفات تقاعدية، على صندوق التقاعد الذي حصل على أمواله من رواتبنا وتوقيفاتنا التقاعدية التي دفعناها واستقطعت من رواتبنا طوال سنوات تواجدنا في الخدمة"، مطالبة كغيرها من المتقاعدين بـ"فصل هذه الفئات بصندوق تقاعد خاص بهم وعدم استنزاف صندوق التقاعد المدفوع من أموالنا لصالحهم".

المتقاعدون

 

مشكلة المتقاعدين.. قانون يكرّس اللاعدالة ومواد غير مفعلة

ويلخص رئيس رابطة نقابة المتقاعدين محمد الجبوري في حديث لـ"ألترا عراق" مجمل الإشكاليات التي تلف قضية المتقاعدين من "قلّة رواتب وانعدام العدالة وتفاوتها بشكل مريب وغير مفهوم". 

ومشكلة المتقاعدين مع الحكومة العراقية هي قانونية، كما يقول الجبوري لـ"ألترا عراق"، إذ "لم يتمّ تطبيق المواد القانونية في قانون التقاعد الموحد المقر منذ عام 2014".

وعلى سبيل المثال، هي المادة 36 من القانون والتي نصّت على أن تزداد رواتب المتقاعدين بقرار من مجلس الوزراء سنويًا حسب مستوى التضخم في البلد، لكنّ "نسبة التضخم ارتفعت منذ 2014 وحتى الآن، وبلغت القمة في عامي 2019 و2020 بعد فيروس كورونا وكذلك تغيير سعر الصرف والرواتب بقيت مستقرة على مستواها"، بحسب الجبوري. 

وطالب نواب بالمادة 36 في الدورات السابقة، ومن بينهم رئيس الوزراء الحالي محمد شياع السوداني عندما كان نائبًا وخاطب رئيس الوزراء السابق مصطفى الكاظمي لتطبيق هذه المادة، لكنها بقيت "حبرًا على ورق"، على حدّ تعبير الجبوري. 

أما المادة الأخرى، فهي المادة 13 من قانون التقاعد رقم 9 لسنة 2014، والتي تنص على أن "يستحق الموظف الراتب التقاعدي سواء كان تاركًا للعمل أو مفصولًا فيما إذا كانت لديه خدمة 20 سنة وعمره 50 عامًا فما فوق، وجرى تعديل على المادة عام 2019 وأصبحت الخدمة 15 سنة وعمر 45 عامًا"، لكن الجبوري قال إنه "عندما قدم الموظفون معاملات تقاعدية وخرجوا عن الوظيفة، وأعطوهم هوية تقاعدية على أساس هذه المادة، توقفت رواتبهم فجأة وبقوا معلّقين، فلا هم موظفون ولا متقاعدون وفق قرار 26 تعديل 2019".

ويتطرّق الجبوري كذلك إلى المادة 14 من القانون، التي تنص على أنه "يعاد احتساب رواتب المتقاعد المحال قبل نفاذ هذا القانون مع أقرانه المتقاعدين بعد نفاذ هذا القانون"، مستدركًا: "لكن حاليًا الرواتب مختلفة بين متقاعد قبل القانون ومتقاعد بعد القانون، ولم يتمّ تنفيذ هذه المادة".

ويضرب الجبوري مثالًا بمعلم خرج للتقاعد عام 1990 مثلًا بخدمة 30 عامًا، لكنّ "راتبه أقل بكثير ممن يخرج للتقاعد عام 2020 بنفس فترة الخدمة والشهادة، وهو خلاف المادة القانونية التي أكدت على إعادة احتساب رواتب المتقاعدين قبل هذا القانون، على أسس هذا القانون أسوة بأقرانهم".

المتقاعدون

وبعد سقوط النظام واحتلال العراق في العام 2003، تم طرد جميع الأجهزة الأمنية والمخابرات والوظائف القريبة من هذه الأجهزة من وظائفهم، وبقوا بدون رواتب عدّة سنوات، وفقًا للجبوري الذي أضاف أنّ "متقاعدين لم يتسلّموا الرواتب لسنوات من 2003 وحتى 2010، وهنالك أشخاص لم يتسلّموا رواتبهم حتى الآن".

ويستطرد رئيس رابطة نقابة المتقاعدين أيضًا بشأن إشكالية أخرى من جملة مشاكل المتقاعدين، متمثلة بمكافأة نهاية الخدمة، حيث يشير إلى أنّ "القانون ينص على أن من لديه خدمة 30 سنة يستحق مكافأة نهاية الخدمة وتم تعديل هذه المادة عام 2019 وأصبحت 25 عامًا بدلًا من 30 عامًا، مبينًا "لذلك من خرج للتقاعد عام 2018 و2019 قبل نفاذ القانون بقوا بلا مكافأة نهاية الخدمة لاحتسابهم على التعديل السابق للقانون".

وينص قانون التقاعد على أنه لا يستحق الموظف الراتب التقاعدي إلا حين إكمال خدمة 15 سنة، إلا أنّ كثير من النواب والمسؤولين لم يكملوا خدمة سوى 4 سنوات ويأخذون الرواتب التقاعدية التي تتجاوز المليون أو المليونين دينار، وهو ما يصفه الجبوري بـ"الظلم". 

ويعيش المتقاعدون في العراق وفقًا للجبوري بـ"أوضاع صعبة وبرواتب لا تتجاوز 500 ألف دينار، والتي فقدت أكثر من نصف قيمتها بعد ارتفاع الدولار والتضخم وارتفاع الأسعار للمواد الغذائية والأدوية وكل شيء، فضلًا عن امتلاكهم لعوائل وطلبة مدارس وجامعات، وعندما خرجنا للمطالبة بحقوقنا اختارت القوات الأمنية أن تقوم بالاعتداء على المسنين وأصحاب الشيبة البيضاء"، بحسب وصفه.