نشرت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية مقالًا عن التساؤلات التي طُرحت حول التظاهرات الأخيرة التي شهدها مطلع تشرين الأول/أكتوبر، والأهم منها، لماذا يتظاهر الشباب الشيعة ضدّ الحكومة التي من المفترض أن رأسها الأكبر، هم الشيعة؟، كما أشار التقرير إلى ما هي أهمية واشنطن في الحد من قمع الحكومة العراقية للمتظاهرين.
"ألترا عراق" ترجم هذا المقال عن الصحيفة الأمريكية ننقله لكم دون تصرّف في السطور أدناه:
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر، كان العراق يعاني من سلسلة من التظاهرات التي تعد الأهم والأقوى، ليس فقط لحجمها واستمرارها، ولكن بسبب هوية المشاركين الرئيسيين، وهم "الشيعة" الذين يعدون أكبر وأقوى شريحة في المجتمع العراقي، خرجوا إلى الشوارع بأعداد كبيرة رغم عنف القوات الأمنية "فلماذا يخرج الشيعة بقوة ضدّ حكومتهم الشيعية"؟
الحكومة التي يهيمن عليها الشيعة لم تلبي الاحتياجات الأساسية التي توقعها الكثير من الناخبين الذين كانوا يعتقدون أن أوضاعهم ستتحسن
تكمن الإجابة على هذا السؤال في التوقعات التي كانت لدى الشيعة منذ سقوط نظام صدام قبل 16 عامًا لأن صدام استمد الكثير من أعضاء نظامه من الأقلية السنية، فقد توقع الشيعة العراقيون أن تتحسن حياتهم في ظل حكومة شيعية جديدة، وبدلاً من ذلك شهد الشيعة ما يشير إليه العلم الاجتماعي بـ"الحرمان النسبي"، حصلت فجوة بين ما يتوقعون الحصول عليه وما يعتقدون أنهم يحصلون عليه، فالحكومة التي يهيمن عليها الشيعة لم تلبي الاحتياجات الأساسية التي توقعها ناخبوها.
اقرأ/ي أيضًا: ماذا فعل "شيعة السلطة"؟
وكل ما عاناه الشيعة هو الفساد وتدني الخدمات الأساسية مع عدم توفر الوظائف، فيما يشعرون اليوم، وخاصة الشباب منهم، أن أصواتهم وتجاربهم لا تهم، لأن الحكومة لم تفعل شيئًا لتحسين حياتهم اليومية، حسب الرأي العام، فأن المشاعر التي أعرب عنها المتظاهرون، لم تكن مفاجأة، فقد خرجوا بتظاهرات في العام الماضي أيضًا، و كشفت استطلاعاتنا أن السنة يشعرون بارتياح أكبر من نظرائهم الشيعة، ولا شك أن هذه النتيجة تعكس جزئيًا ارتياح السنة الذين تحرروا من كابوس تنظيم "داعش" (الذي هُزم إلى حد كبير في العراق في تشرين الأول/أكتوبر 2017).
ولكن هذا كان له علاقة كبيرة أيضًا بالإحباط النسبي لدى الشيعة، فالفساد والفقر يعصفان بحياة الشباب، وتم الكشف عن أكثر من 80 % أنهم شعروا بالاكتئاب خلال الأشهر الستة الماضية.
وصلت الثقة في الحكومة بين الشيعة إلى أدنى مستوى لها منذ عام 2003، حيث أعرب 15% فقط عن ثقتهم في الحكومة، وكان الأمر نفسه مع الثقة في البرلمان، وأعلى قليلًا في النظام القضائي، وحتى المؤسسات الدينية، كانت تتمتع بثقة أقل من 40% بين الشيعة الشباب.
وكانت الاستثناءات الوحيدة لهذا الاتجاه هي الجيش والشرطة وقوات مكافحة الإرهاب، ومع ذلك، قرر رئيس الوزراء لأسباب غير معروفة إقالة زعيم شيعي يحظى بشعبية لها دور في الحرب ضد داعش في نهاية أيلول/سبتمبر، وكان هذا أحد الأسباب المباشرة للتظاهرات.
وردت الحكومة على أحدث موجة من التظاهرات بصورة عنيفة، ونشرت وسائل الإعلام العنف الذي تعرص له المتظاهرين واستخدام الرصاص الحي والقنّاص، وكثفت حملة القمع هذه، الغضب الشعبي، مما عزز الشعور العام بأن الحكومة لا تحترم المتظاهرين وسلامتهم.
ساعدت طهران الحكومة في تنفيذ حملتها بقمع المتظاهرين من خلال نشر الميليشيات الشيعية التي تعتمد على إيران للحصول على الدعم
وكان العنف الذي مارسته قوات الأمن عاملًا رئيسيًا في تصاعد وانتشار التظاهرات في جميع المحافظات الشيعية التسع، وكذلك بغداد.
اقرأ/ي أيضًا: رويترز: ميليشيات إيران وراء إجرام القناصين في العراق!
لقد ساعدت طهران الحكومة في تنفيذ حملتها بقمع المتظاهرين من خلال نشر الميليشيات الشيعية التي تعتمد على الإيرانيين للحصول على الدعم، وقد أضاف هذا الوقود إلى النار، وانخفضت معدلات تفضيل إيران وثقتها بين الشيعة العراقيين إلى مستويات غير مسبوقة.
إن حالات القمع التي اتبعتها الحكومة سيجعل من الصعب التعامل مع توقعات الشيعة، ويجب أن يبدأ الرئيس برهم صالح، بحل البرلمان والدعوة إلى انتخابات مبكرة تحت إشراف دولي كامل، كما يجب على السلطات أيضًا محاكمة المسؤولين عن قتل المدنيين.
اقرأ/ي أيضًا: