لا أحد يمكن أن يتنبأ الوضع في العراق لأن الأوضاع متقلبة دائمًا وغير مستقرة، هناك شيء واحد واضح وهو متى ما انتهت المنفعة الدولية من هذا النظام، فمن الممكن القول إنه سيتغير، أما الآن، وهذا النظام الضعيف يغذي الدول بما تريد ويقدم لهم العراق كأرضٍ لتصفية الحسابات الدولية فلا أعتقد أن التغيير سيكون متاحًا.
قد يكون الحديث عن التغيير من الداخل في العراق معقولًا
وهناك نقطة، لن يغيّر النظام الديمقراطي بنظامٍ آخر، الحديث بهذا الموضوع عبثي لأنه مرتبط بصراع الأقطاب، أي أمريكا وحلفاؤها كقطب، وروسيا والصين كقطبٍ شرقي، وهذا ليس موضوعنا، لكنه يحتاج تفصيل لأن حتى الصين ليست قطبًا مشتركًا مع روسيا، بل بحد ذاتها تعتبر قوة مهيمنة في العالم، وخلال السنوات القادمة سيساوي اقتصادها الاقتصاد الأمريكي، ونحن في الحقيقة نعيش مرحلةً انتقاليةً نحو عالم متعدد الأقطاب وفي الدراسات الحديثة نظام اللاقطبية حيث الكثير من الدول تعتبر اليوم قوى مهيمنة. عمومًا، القطب الأمريكي يسعى وسيسعى دائمًا لنشر الأنظمة الديمقراطية التي توفر السوق الحر والأنظمة التي تكيف نفسها لتناغم المعايير الأمر-أوروبية فضلًا عن كسب الولاءات.
في حال كسبت روسيا الحرب ووجهت ضربة إلى المحور الغربي قد يُعقل الحديث عن تغيير النظام في العراق أو بلد آخر، لذا، عندما نتحدث عن تغيير في العراق، في الغالب نحن نتحدث عن تغيير الحكومة وليس النظام، ولعل ما حدث مع حكومة "عمران خان" الباكستانية قد يكون مثالًا مقاربًا إذ يتهم واشنطن بالإطاحة به بعد زيارته لموسكو مع بدء الحرب الروسية- الأوكرانية، وكان البرلمان الباكستاني قد حجب الثقة عن حكومة خان في نيسان/أبريل هذا العام وصوت لصالح شهباز شريف.
والسؤال المهم هنا: من يريد أن يغير النظام في العراق ويصرف عليه 2 ترليون دولار (2000 مليار) مرة أخرى في ظل تضخم الأسواق بمعظم بلدان العالم التي تضررت جراء الحرب الروسية-الاوكرانية؟ ومن يهتم لصناعة نظام بديل في العراق قد يهدد الأسواق النفطية؟ ومن يغامر بالمشاركة في بناء عراق مستقر من الممكن أن يصبح قوة منافسة في المنطقة؟ العلاقات الدولية تبنى على المصالح لا المشاعر.
هناك حديث مطروح عن تغيير النظام لكن في ضوء المعطيات الدولية المتعارف عليها، التغيير من الخارج يبدو صعبًا جدًا ولكن من الداخل قد يكون معقولاً إلا أن الثمن سيكون باهظًا أيضًا.