02-أبريل-2023
سوق الحويش

جدل مستمر حول هدم سوق الحويش (فيسبوك)

ما زال الجدل قائمًا حول الحراك الذي تجريه العتبة العلوية في النجف لهدم مبانٍ ودورٍ وسوق، في ما يُعرف بالنجف القديمة.

كشفت العتبة العلوية عن مفاوضات مع من يرفض بيع ملكه لصالح التوسعة

وينشط كتاب وأدباء وناشطون في الآونة الأخيرة، في محاولات التأثير على قرار إزالة سوق الحويش الذي يعود إلى مئات السنين، وغير ذلك من دور النجف، وإيجاد بديل هندسي.

بالمقابل، تدافع العتبة العلوية عن قرارها الذي يهدف إلى توسعة مرقد الإمام علي لاستقبال الزائرين وأعدادهم الكبيرة، في مشروع سيضم جزءًا من السوق عبر هدمه وإلحاقه بالتوسعة.

 

مفاوضات مع الرافضين

تفاصيل جديدة عن العمليات الجارية لهدم سوق الحويش تحدث بها مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية بمحافظة النجف، أبو الحسن محيي الدين، منتقدًا الحراك ضد العتبة، ومؤكدًا على "قانونية" العمل و"رضا" الناس به.

ويقول محيي الدين، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "توسعة الصحن الحيدري تجري وفقًا لخطة استملاك محيط العتبة بنظام 90 مترًا منذ عام 2009"، وقد جرت أعمال التوسعة في 3 مناطق تحيط العتبة، وهي الجهة الشمالية الممثلة بباب الطوسي، وجهة الباب الشرقي الرئيس المقابل للسوق الكبير، والجهة الغربية المتمثلة بسوق الحويش.

"التوسعة التي تجريها العتبة العلوية اكتملت في الجهتين الشمالية والشرقية بشكل قانوني وبلا أية مشاكل"، بحسب محيي الدين، لكن المشكلة أُثيرت حول الجهة الغربية التي فيها سوق الحويش، ويقول إعلامي العتبة إنه "لا يزال فيها من لا يقبلون البيع، وهي محال أو دور فيها ورثة، وبينهم من باع حصته وبانتظار البقية وهم قلة جدًا"، حيث أن هناك "مكاتب ومحال شملت بمسافة التوسعة 90 مترًا بداية من جدار الصحن، وبالمقابل هناك من لم يشمل وسيبقى بعمله دون ضرر"،  لافتًا إلى أن "المفاوضات مستمرة مع من لم يبيعوا للآن من أجل التوصل إلى اتفاق نهائي".

حدثت المشكلة حين بدأت العمل بالجهة الغربية التي تضم سوق الحويش

وبالتال - يكمل محيي الدين حديثه - فأن "أغلب أصحاب محال سوق الحويش وأهالي الدور وافقوا على البيع بطرق رضائية وقانونية وبمبالغ استحصلوا عليها كما يريدون وهو عكس ما يجري في جميع العتبات".

وبعد إرضاء صاحب الملك بالمبلغ المالي الذي يريده للبيع"، تمنح العتبة - والحديث لمسؤولها الإعلامي - "مدة بين 4 الى 6 اشهر للإخلاء والتسليم للجنة المختصة من العتبة".

ويتميز سوق الحويش باحتوائه على مكتبات وكتب تمثل توجهات فكرية مختلفة، ومن أزمنة قديمة وحديثة، رغم وجوده في منطقة دينية، وفق مطلعين، حيث يحتوي السوق الموجود في إحدى أهم مدن الشيعة، على كتب أهل السنة ومصادر الحديث والفقه والأصول، وكتب السلفية، والماركسية، والروايات العالمية، وغير ذلك.

 

العتبة: الهجمة ضدنا غير مبررة

بدلًا عن الدور والمحال التي ستشملها العتبة - يواصل مدير قسم الإعلام في العتبة العلوية حديثه - ستكون هناك "مشاريع خدمية تتمثل بالمجمعات الصحية وإيواء الزائرين والمسقفات وأماكن الاستراحة لاستيعاب الأعداد المليونية كما في كربلاء".

ويضيف محيي الدين: "العتبة أملاكها كثيرة ومسجلة جميعها وفقًا لقوانين العتبات المشرعة بعد عام 2006 وهي تخضع لسلطة ديوان الوقف الشيعي والجهات الحكومية. العتبة العلوية لها أملاك كبيرة تبعد عنها مسافة تقدر بكيلو متر واثنين وأبعد من ذلك وأمر استملاك محيطها ليس حديثًا".

تقول العتبة العلوية إن السوق الحويش قد يتسبب بحوادث خلال الزيارات الكبيرة

ولدى العتبة - يتابع محيي الدين - "مخططات كبيرة للتطوير وهي قادرة على استملاك أي قطعة أرض أو مكان تريده بالطرق القانونية والرضائية، كما تعمل بشكل متواصل ومتعاون مع الحكومة المحلية بقطاع المشاريع".

ويعتبر إعلامي العتبة أن قرار هدم سوق الحويش ومباني النجف القديمة "مصلحة عامة لخدمة كل الزوار والمواطنين وليس فيه مصلحة شخصية لأن مرقد الإمام علي هو لجميع البشرية وما يجري فيه من إعمار يجب أن يكون مفرحًا لكل من يزوره ويعيش بمحيطه"، خصوصًا وأن سوق الحويش، بحسب العتبة، "منطقة ضيقة جدًا وشوارعها تؤدي لصعوبة الوصول إلى الصحن الحيدري في الزيارات الكبيرة ويمكن أن تتسبب بحوادث الجميع في غنى عنها".

ويلفت مدير إعلام العتبة، في ختام حديثه لـ"ألترا عراق"، إلى أن "الحديث في مواقع التواصل والهجمة الحاصلة ضد العتبة غير مبررة إطلاقًا رغم أن العتبة لا تقدم على أي خطوة تثير أزمة أو خلاف لأن محافظة النجف لها طابع خاص ولا تحتمل أي خلافات أو طرق غير قانونية".

وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، خلال الأيام الأخيرة، واعتراضات واسعة ضد محاولات هدم السوق التراثي في النجف القديمة.

 

القضاء على هوية النجف

مقابل وصف العتبة، ما يدور في مواقع التواصل الاجتماعي بـ"الهجمة غير المبرر"، يقول المنتقدون إنهم ليسوا ضد توسعة العتبة العلوية وفك الاختناقات في المناسبات الكبرى.

يقول ناشطون في النجف إنهم مع التوسعة لكن ضد المساس بالمباني التاريخية

أحد هؤلاء، الكاتب والشاعر فارس حرام، يقول: "نحن من سكان النجف ويهمنا راحة اهلها والزائرين لها، لكن بالوقت نفسه مساحة سوق الحويش تبلغ بالعرض 3 أمتار وبالطول 170 مترًا وإذا جرى الاهتمام بها وتأهليها لإعادة الألق الثقافي لهذا المكان والحفاظ على رمزيته، لن يوثر على مشاريع التوسعة".

ويضيف في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "مساحة السوق صغيرة مقارنة بالتوسعة الكبيرة للعتبة العلوية، كما أن الهدم اذا تناول كل المناطق الأثرية والتاريخية بالمدينة القديمة فهذا يعني القضاء على الهوية العمرانية والثقافية للنجف".

وإذ يؤكد الكاتب، دعم مشاريع التوسعة التي تقوم بها العتبة العلوية، يضع شرطًا يتمثل بـ"عدم المساس بالمباني ذات البعد التاريخي ومهمة كجزء حيوي من الثقافة المعاصرة في النجف".