01-أبريل-2023
سوق الحويش

مطالبات بالتراجع عن الهدم (Getty)

شهدت مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، جدلًا واعتراضات واسعة ضدّ عزم العتبة العلوية، هدم "سوق الحويش" التراثي في محافظة النجف، والذي يزيد عمره عن 700 عام، بهدف توسعة مرقد الإمام علي. 

اعترض العديد من النشطاء والمدونين والمثقفين على عزم العتبة العلوية هدم سوق الحويش لتوسعة مرقد الإمام علي

ورأى مدونون ومثقفون أنّ محاولة هدم سوق الحويش يأتي ضمن إهمال الأماكن التراثية والثقافية في العراق من قبل السلطات السياسية والدينية عمومًا. 

موقف للسيستاني

النائب عن محافظة النجف، عدنان الزرفي، كشف عن موقف للمرجع الديني الأعلى في النجف، علي السيستاني، من هدم "سوق الحويش".

وقال الزرفي لـ"ألترا عراق"، إنه "سبق وقامت المحافظة بتأهيل سوق الحويش ضمن تخصيصات النجف عاصمة للثقافة الإسلامية"، مؤكدًا أنّ "المرجع السيستاني في ذلك الوقت حينما تم إعمار السوق قد لمسنا منه إصرارًا ودعمًا للمحافظة على السوق بحلته التاريخية". 

تضارب بآراء رجال الدين

لكنّ رجل الدين، أشرف محمد الساعدي، وبالرغم من إقراره بأن سوق الحويش "قديم وعريق بعمر يقارب 4 إلى 5 قرون، كما يحتوي على مصادر علمية وتاريخية وثقافية كبيرة، لكنه يرى أنّ الحاجة إلى هدم السوق "باتت كبيرة لوجود رغبة في توسعة صحن مرقد الإمام علي بن ابي طالب لخدمة الزائرين وأعدادهم الكبيرة وأيضًا لتقديم الرفاهية المطلوبة".

ووفقًا لرجل الدين، فإنّ "المجتمع لا يحتاج إلى السوق بمكانته التراثية لكنه يحتاج إلى توسعة الصحن الحيدري بشكل أكبر".

الحويش

 

ويبرّر رجل الدين الساعدي في حديث لـ"ألترا عراق" بأنّ "موضوع هدم السوق ليس فيه أي إجبار لأنه متفق عليه منذ سقوط النظام في عام 2003 بين العتبة العلوية وأصحاب المحال، معتبرًا أنّ "التوسعة مهمة لتغيير طابع المدينة، مشددًا على أنّ "المصلحة العامة تحتم قبول الجميع بهذا المشروع سواء قبلوا أم لا".

لكنّ أستاذ الحوزة العلمية، عز الدين محمد البغدادي، يختلف مع الساعدي، لأسباب تتعلّق بأنّ المشروع "ليس وقته" وفق حاجة المجتمع، وذلك لأنّ "النجف مدينة منكوبة والأمطار الأخيرة خير شاهد".

ويقول البغدادي لـ"ألترا عراق": "هناك شارعان شهيران في العراق، ارتبطا بالمعرفة وبالهوية الثقافية للبلد، وهما شارع المتنبي في بغداد وشارع الحويش في النجف"، مستدركًا: "لكن ما يميز سوق الحويش أنه رغم وجوده في مدينة دينية بمعظم تفاصيلها إلا أن مكتباته تحتوي كل شيء، ويمكن أن تجد كتبًا عن كل التوجهات الفكرية القديمة والحديثة".

ووفقًا للبغدادي، فإنّ كل "كتب أهل السنة ومصادر الحديث والفقه والأصول وكتب ابن تيمية ومدرسته وغيرها، تجدها متوفرة دون أي تحسّس في سوق الحويش وهذا من مميزاته الكبيرة"، مبينًا أنّ "مشروع توسيع الصحن العلوي الشريف يتضمن ضم جزء هام من سوق الحويش يفترض أن يتم تهديمه لإلحاقه به، رغم أن مساحة الصحن كبيرة جدًا وتتسع لأعداد هائلة من الزوار".

سوق الحويش

 

وبالنسبة لرجل الدين البغدادي، فمن "غير المفهوم أن يتم التوسع على الأقل في هذه المرحلة والمدينة يمكن وصفها بأنها منكوبة وأقرب شاهد على ذلك ما حصل فيها قبل أقل من أسبوع عندما غرقت بسبب زخات المطر".

ودعا أستاذ الحوزة العلمية إلى أن "تكون العتبة جزءًا من الدولة ولا تعمل باستقلالية، بل ويجب أن تكون هناك مراعاة للمصلحة العامة، ولهوية المدينة الثقافية التي يعد سوق الحويش أحد أبرز معالمها". 

وقال البغدادي إنه "على السلطة فهم أن الأمم والشعوب تعتز بآثارها وتحميها، وتقوم بترميمها والترويج لها، وأما تهديم الآثار وتحطيم صور الجمال فهو عمل تخريبي ولا يمكن وصفه بغير ذلك".

رأى مثقفون أنّه لا يمكن الاستيعاب أو التعرف على مدينة النجف بلا سوق الحويش

مطالبات بوقفة شعبية

وموضوع هدم سوق الحويش يحتاج إلى "وقفة شعبية جادة" كما يرى عضو اتحاد الأدباء والكتاب فرع النجف، حسين رهيف، لأنّ "حجم المطالبات لمنع هدم سوق الحويش ضئيل جدًا ويقتصر على عدد بسيط من المثقفين والمدونين من داخل النجف وخارجها". 

ولا يمكن الاستيعاب أو التعرّف على مدينة النجف دون سوق الحويش، وفقًا لرهيف، الذي رأى في حديث لـ"ألترا عراق"، أنّ السوق كـ"النهر يغترف منه العلم والثقافة والأدب والتاريخ الموجود في مكتباته"، موضحًا أنّ "السوق يحتوي العديد من المساجد والحسينيات التي ترعرعت فيها أجيال منذ سنوات طويلة، فضلًا عن المدارس الدينية التابعة للحوزة العلمية في مسجد الهندي والشيخ الأنصاري والسبزواري".

ودعا عضو اتحاد الأدباء العتبة العلوية إلى "التريث ودراسة المكان هندسيًا بحيث لا يؤثّر على زائري مرقد  الإمام علي".