25-أغسطس-2023
تحالف الحسم والحلبوسي والخنجر ومثنى السامرائي

بين الحلبوسي والخنجر والسامرائي وتحالف الحسم (ألترا عراق)

بينما ترتب المفوضية العليا المستقلة للانتخابات أوراقها وتعدّ قوائم المرشحين والكتل والتحالفات السياسية استعدادًا لانتخابات مجالس المحافظات في 18 كانون الأول/ديسمبر المقبل، ومع الهدوء الذي يسيطر نوعًا ما على "الكتل الشيعية" المنضوية ضمن تحالف الإطار التنسيقي، يرافق الصخب بقية الكتل السياسية، ولاسيما "الكتل السنية" التي تشهد موجة انسحابات وتغيير جهة الترشيح بشكل متسارع.

بين "الكتل السنية" أصبحت ظاهرة الانسحاب والانتقال من حزب أو تحالف إلى آخر تجري بوتيرة متسارعة مع اقتراب موعد الانتخابات المحلية

وفي الوقت الذي كانت كل من تحالف "تقدم" برئاسة رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، والعزم برئاسة مثنى السامرائي، هي التحالفات الأكثر قوةً وبروزًا في الساحة والمدن المحررة، جاء تحالف الحسم ليدخل كمنافس رئيسي ضد تقدم والحلبوسي بشكل واضح.

وتقسّم "التحالفات السنية" التي ستخوض انتخابات مجالس المحافظات إلى "تحالف الحسم" برئاسة وزير الدفاع ثابت العباسي، ويضم كلا من رافع العيساوي وسلمان الجميلي، وإسامة النجيفي وجمال الكربولي، الذين هم منضوون أيضًا ضمن تحالف الأنبار الموحد الذي تم تشكيله نهاية العام الماضي.

وبالإضافة إلى تحالف العزم، برئاسة مثنى السامرائي، فضلًا عن الكتل التابعة للحلبوسي أو المرتبطة به وهي "تقدم"، و"القمة"، و"الأنبار هويتنا"، بالإضافة إلى تحالف  السيادة برئاسة خميس الخنجر، المقرّب من الحلبوسي.

وشهدت جميع هذه التحالفات ولاسيما التحالفات القديمة منها، "تقدم" و"العزم" و"السيادة"، العديد من الانسحابات عقب انتخابات تشرين الأول/أكتوبر 2021، وحتى الآن، إلا أنه مع اقتراب انتخابات مجالس المحافظات وتشكيل تحالفات سنية جديدة، أصبحت ظاهرة الانسحاب والانتقال من حزب أو تحالف إلى آخر، تجري بوتيرة متسارعة ومكررة بشكل واضح.

في 20 آب/أغسطس الجاري، أعلن كل من سعد منسي الفهداوي وياسر الذيابي انسحابهما من تحالف "الأنبار الموحد" والترشح ضمن قائمة "الأنبار هويتنا" المقربة من الحلبوسي، وكذلك القيادي عبد الله الجغيفي الذي انسحب هو الآخر من تحالف "الأنبار الموحد"، وانضم إلى قائمة "الأنبار هويتنا".

وقبلها بنحو أسبوع، أعلنت المرشحة ضمن تحالف الحسم بان المرعاوي، انسحابها من "الحسم" والانضمام إلى حزب "تقدم".

رأى مدير مركز التفكير السياسي أن ظاهرة الانسحابات تم اعتمادها كجزء من استراتيجية إضعاف أو استهداف القوائم المنافسة

وبعدها بأيام قليلة، انسحب نعيم الكعود أيضًا من تحالف الحسم "الأنبار الموحد"، وبالرغم من أنه أعلن انسحابه من الترشح للانتخابات بالكامل أيضًا، وليس الانتقال إلى تحالف آخر، إلا أنه استهل بيان انسحابه من الحسم بالقول إنه "كثر الكلام الذي ليس له أي مصداقية من بعض الشخصيات التي لا يهمها إلا مصالحها الضيقة"، مبينًا أنه "بعد تدارس الموضوع واستعراض الموقف كان لزامًا مني النظر لمصلحة العشيرة التي هي الركيزة الأساسية لفوز أي مشرح ولوجود أعداد كبيرة من المرشحين وحرصًا مني لعدم تشتت الأصوات واستحالة فوز أي مرشح، قررت انسحابي وعدم الترشح في انتخابات مجالس المحافظات وترك العمل السياسي".

وبينما تركزت الانسحابات من تحالف الحسم في الفترة الأخيرة، إلا أنّ موجة الانسحابات الأولى كانت قد ضربت حزب تقدم برئاسة الحلبوسي في الأشهر الأولى من العام وحتى شهر أيار/مايو عندما انسحبت النائبة ساهرة الجبوري عن الحزب، وفي شباط/فبراير الماضي، أعلن 4 نواب انسحابهم من تقدم دفعة واحدة، وهم كل من فلاح الزيدان ولطيف الورشان وعادل المحلاوي ويوسف السبعاوي.

انسحابات "مفتعلة"؟

موجة الانسحابات المتسارعة، ولاسيما الانسحابات الأخيرة من تحالف الحسم أو الأنبار الموحد، بالرغم من أنها تحالفات تشكلت حديثًا، يطرح تساؤلات عما إذا كانت هذه الانسحابات "مفتعلة" أو مخطط لها مسبقًا، حيث يتساءل مراقبون عن مدى منطقية الانسحاب من تحالف أو حزب بشكل مبكر، وقبل أن يخوض العمل السياسي أساسًا بشكل فعلي لتتراكم الخلافات السياسية ومن ثم تؤدي للانسحاب.

رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، يرى أنّ ظاهرة الانسحابات رغم أنها حق مشروع لأي مرشح لأسباب عامة أو خاصة، لكن تم "اعتمادها كجزء من استراتيجية إضعاف أو استهداف القوائم المنافسة".

ويقول الشمري لـ"ألترا عراق"، إنّ "هذه الاستراتيجية تعتمد على خفض مستوى الثقة بالقائمة التي تشهد انسحابات، حيث أنّ الناخب سيتأثر حتمًا، خصوصًا إذا كان للمنسحب امتداد جماهيري أو له مقبولية، مما سيضعف حظوظ هذه القائمة".

وأضاف الشمري أنّ "جزءًا من دوامة التنافس السياسي شهد اعتماد لعبة الانسحابات، وهو أن يتم زرع أحد المرشحين في إحدى القوائم من قبل قائمة منافسة، ومن ثم يكون هناك تفجير من الداخل للقائمة وإضعافها من خلال استراتيجية الانسحاب".

وحول سبب تركز هذه الظاهرة في "القوائم السنية"، يشير الشمري إلى أنّ "القوى الشيعية والكردية ثابتة وجمهورها ثابت، وهي تركز في عملية اختيار المرشحين والمنضمين إليها أيضًا، وهذا يضيق مساحة الانسحابات، لكنه لا يعني عدم وجود انسحابات فيها"، مبينًا أنّ "التنافس الكبير على الزعامة السنية وظهور قوى جديدة منافسة للقوى التقليدية جميعها أسباب أدت إلى نشاط هذه الظاهرة في القوى السنية".

هل تندرج الانسحابات ضمن الدعاية السلبية الممنوعة؟

ومن الملاحظ، أنّ بعض المرشحين يظهرون بمقاطع فيديو أو يصدرون بيانات عن انسحابهم تتضمن طعنًا في الكتلة أو القائمة التي تم الانسحاب منها، خصوصًا عند الظهور في القنوات التلفزيونية التابعة للكتل المنافسة للقائمة التي تم الانسحاب منها، حيث تقوم هذه القنوات بـ"احتضان" المنسحبين، الذين غالبًا ما تكون تصريحاتهم تشير إلى مدى "تخبط وعدم امتلاك رؤية داخل التحالف الذي تم الانسحاب منه".

ووجه "ألترا عراق" سؤالًا إلى المفوضية العليا المستقلة للانتخابات لمعرفة ما إذا كانت هذه الانسحابات وما يتبعها من تصريحات، يمكن وصفها بـ"الدعاية السلبية" ومدى كونها مشروعة، خصوصًا وأن الدعاية الانتخابية لها بعض الضوابط.

وتقول المتحدثة باسم المفوضية جمانة غلاي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الانتقال من تحالف أو كتلة إلى أخرى، غير مسموح بعد استلام قوائم المرشحين، إلا إذا قرر مجلس المفوضين غير ذلك".

تقول المفوضية إنّ الإضرار بالمرشح أو التحالف الآخر من ضمن ضوابط الحملات الانتخابية وتكون عقوبتها الغرامة أو للحبس

وبحسب الغلاي، فإنه "قبل أن يقدم التحالف قوائم المرشحين إلى المفوضية، فيحق للاعضاء الانتقال والانسحاب، مستدركة: "ولكن عند انتهاء فترة استلام قوائم المرشحين، فإن الانسحاب و تغيير جهة الترشح غير مسموح إطلاقًا".

وبيّنت أنه "في نهاية الدوام الرسمي ليوم 22 آب/أغسطس انتهى استلام قوائم المرشحين وأغلق موضوع الانتقال بين تحالف وآخر".

وحول ما إذا كان يمكن اعتبار الانسحابات أو الطعن في التحالف الذي تم الانسحاب منه، تشير غلاي إلى أنّ "الإضرار بالمرشح أو التحالف الآخر هو من ضمن ضوابط الحملات الانتخابية وتكون عقوبتها الغرامة أو تصل للحبس أيضًا".