يستذكر العراقيون اليوم مجزرة جسر الزيتون بحرقة قلب، خصوصًا أن مرتكبيها أفلتوا من العقاب، قتلة لازالوا متسترين بنفوذ أحزاب السلطة، ولوعات أمهات الضحايا وأنينهن لن يسكت حتى الآن. مجزرة الناصرية هي ضمن سلسلة أعمال قتل مُمنهجة استهدفت المُتظاهرين العراقيين بمدينة الناصرية في يومي 28 و 30 تشرين الثاني/نوفبمر 2019 عقب يوم واحد من حرق القنصلية الإيرانية في مدينة النجف. قتل فيها 70 شابًا وأكثر من 250 جريحًا، وعلى إثرها تمت إقالة الفريق جميل الشمري من رئاسة خلية الأزمة المُكلفة بمعالجة الأوضاع في المحافظات الجنوبية.
أحد المتهمين في الجريمة، الضابط في الرد السريع "عمر نزار"، وظهرت ضده أدلة قاطعة بقيامه بإعدام ميداني لشباب دون التحقيق معهم، وذلك في عمليات التحرير التي كانت تجري في عام 2014 وما بعدها إثر سقوط عدد من محافظات العراق بيد "داعش". وهو نفسه متهم بارتكاب مجزرة "جسر الزيتون" في مدينة الناصرية. وبعد حملة كبيرة قامت بها منظمة "إنهاء الإفلات من العقاب" مع ناشطين ومدونين على مواقع التواصل الاجتماعي، وضغط كبير على رئاسة الوزراء ووزارة الداخلية، تم استدعاء نزار لأجل التحقيق معه حول الوثائق المنشورة التي تدينه، ومنها مجزرة جسر الزيتون، لكنه ما زال يحضر لمحكمة تحقيق ذي قار، ويرتدي بدلته المدنية الفاخرة، ومجموعة من أفراد الحماية تحيط به، ويسحق على جراح وآلام الضحايا وذويهم، ولا زال قرار البت في قضيته مؤجلًا رغم وجود اتهامات صريحة ومباشرة له من قبل أهالي الضحايا.
وفي ظل حكومة "الإطار التنسيقي"، فإنّ المتهم الأول في قتل شباب تشرين، قادته، ورموزه، والمحرضين منه على سفك دماء الشباب العزل، وهو ما يطرح سؤالًا جوهريًا: هل سيحاسب الإطار التنسيقي نفسه؟! خصوصًا أننا لم نر في البرنامج الحكومي لحكومة محمد شياع السوداني، أي جزئية تتحدث عن محاسبة قتلة المتظاهرين، وهو المطلب الأكبر لمحتجي العراق، وليس هناك أي نوايا يفصح السوداني فيها عن فتح تحقيق يكشف عن قتلة المتظاهرين ومحاسبتهم.
وبعد مرور 3 سنوات على مجزرة الزيتون لا زال سؤال العدالة يتردد في فضاء الناصرية والعراق عمومًا، سؤال ربما إن فتح وتم العمل عليه سيكون تكثيفًا لأسئلة الدم العراقي المسفوح في كل مكان، حيث أن ما حدث في مجزرة الزيتون، حدث في أماكن عراقية كثيرة، تم السكوت عنها، لأن القاتل هو الحاكم وهو المسيطر على مسار الدولة وأجهزتها التي يفترض أن تحقق العدالة!