صوّت البرلمان العراقي، على موازنة 2023، بعد خلافات سياسية شديدة حولها، بين نواب من "الإطار التنسيقي"، والحزب الديمقراطي الكردستاني، فضلًا عن خلافات أخرى دفعت إلى تساؤلات حول مستقبل ائتلاف "إدارة الدولة"، الذي شكّل حكومة محمد شياع السوداني الحالية.
حكومة السوداني والائتلاف الذي شكلها أمام امتحان قانون النفط والغاز
ومثّل إقرار الموازنة العامة لثلاثة أعوام، نقطة الشروع الأولى في ظهور حجم الخلافات السياسية بين أطراف ائتلاف "إدارة الدولة"، خصوصًا مع الحديث المتزايد عن انقلاب "الإطار التنسيقي" على تفاهمات تشكيل الحكومة، مع الكتل "السنية والكردية".
وللكتل السياسية ردود فعل متباينة حول مستقبل ائتلاف "إدارة الدولة"، خاصة أنهم رأوا الخلافات كانت من قبل "البارتي" فقط، حيث أنّ "بعض التيارات الكردية كالتغيير والجيل الجديد والاتحاد الإسلامي لم تعترض، وفقًا للقيادي في تيّار الحكمة، رحيم العبودي، الذي أكد أنّ "النقاط المختلف عليها كانت من الحزب الديمقراطي الكردستاني، معتبرًا أنها "مقبولة قانونيًا، ولها موثوقية للتفاهمات ما بين الحكومة الاتحادية في بغداد وحكومة الإقليم في أربيل".
وبسبب عدم التزام الإقليم بـ"تعهداته أمام الحكومة الاتحادية، وعدم تسليم المطلوب منه من حصة النفط، التي كانت حينها 250 ألف برميل، وأصبحت اليوم 400 ألف برميل، كان يجب أن "تُوضع النقاط القانونية في الموازنة، للتأكد أن الإقليم سيفي بالتزاماته، على اعتبار أنه لن يحصل على كامل حصته، وهي 12.67 إن لم يكن هناك تسديد للحصة النفطية"، بحسب العبودي.
ويقول العبودي لـ"ألترا عراق"، إنّ "ما نتج عن الموازنة يدل على وجود إدارة مالية ناجحة وعادلة، تتفق مع المحافظة على المال العام، معتبرًا أن القانون لربما هو تهيئة وتمهيد لتشريع قانون النفط والغاز، وهو قانون مهم، يجب أن يوضع على طاولة البرلمان العراقي، بأسرع وقت ممكن".
وعن مدى تأثير ذلك على مسار ائتلاف "إدراة الدولة" أوضح العبودي أن "هناك مشتركات بين القوى المكونة لهذا الائتلاف، وهو قادر على تجاوز كل الأزمات السياسية، مشيرًا إلى أنّ "أزمة الموازنة كانت واضحة، لكنه بقوته وتماسكه استطاع تجاوزها".
وأي ائتلاف ـ والكلام للعبودي ـ يمر بأزمات متكرّرة و"يخرج منها بلون أو بطعم آخر، إذًا هو ائتلاف ناجح ومتماسك، مضيفًا: "قد تكون هنالك بعض القوى التي تفكر بالضغط أكثر، لكنها بالنتيجة ستخضع للرؤية الاستراتيجية لإدارة هذه الدولة".
رأى مراقبون أنّ ائتلاف إدارة الدولة الذي شكّل الحكومة الحالية في اسوأ حالاته
لكنّ النائب عن الحزب الديمقراطي الكردستاني، شيروان الدوبرداني، رأى أنّ "الاتفاق تم بالتصويت على الموازنة من ائتلاف إدارة الدولة، كما تم إرساله لرئاسة الجمهورية للمصادقة عليه، متوقعًا أن "يبقى ائتلاف إدارة الدولة في تماسك خلال هذه المرحلة".
وينتظر النائب عن "البارتي"، الاتفاقات التي ستحصل في المرحلة المقبلة، حتى يتمّ الحكم على المرحلة السياسية بالمجمل، ومنها "بعض النقاط للمكوّن السني، وهناك أيضًا امتحان آخر أمام الحكومة في إقرار قانون النفط والغاز، وتطبيق اتفاقية سنجار المادة 140".
والاتفاقات أعلاه ـ والكلام للدوبرداني ـ سوف "يعتمد تطبيقها على نجاح العملية السياسية في الفترة المقبلة"، لكنّ بالنسبة للموازنة، تم "تمريرها من قبل معظم الكتل السياسية داخل ائتلاف إدارة الدولة".
مراقبون رأوا أنّ السجالات والظروف التي أحاطت بمناقشات الموازنة في جلسات مجلس النواب العراقي خلال الأبام القليلة الماضية، أظهرت جليًا أنّ "ائتلاف إدارة الدولة الذي شكّل الحكومة الحالية في اسوأ حالاته"، على حد تعبير الباحث، ياسين عزيز.
ويقول عزيز لـ"ألترا عراق"، إنّ "أجواء من عدم الثقة والنية الحسنة باتت تسيطر على العلاقات بين أطراف إدارة الدولة، وبرزت هشاشته واضحةً في عدم احترام الإطار التنسيقي لتعهداته، لاسيما تجاه الكرد و حكومة الإقليم تحديدًا".
ويتحدث عزيز عن "ضغوط إقليمية ودولية كبيرة لاستمرار الائتلاف المذكور، وإن استمر فإنّ استمراره سيكون شكليًا، أما في الواقع فلن تجد ائتلافًا حقيقيًا يمكن أن تعتمد عليه الأطراف السياسية من خارج الإطار التنسيقي".
يتوقع مراقبون أن يشهد "الإطار التنسيقي" أزمات مستقبلية بين داخل أطرافه وخارجها
وبالنسبة لعزيز، فإنّ "إدارة الدولة"، يعتمد في بقاءه ولو ضعيفًا على ما يسميه "مبدأ الحفاظ على بعض المصالح، مع الاستفادة من غياب التيار الصدري عن العملية السياسية، وترك الساحة للإطار التنسيقي في قيادة المشهد السياسي، الذي يُتوقع أن يشهد أزمات سواء داخل الإطار أو خارجه".