تعاني المنتخبات الوطنية لكرة السلة وبمختلف الفئات العمرية من تدهور النتائج بشكل كبير، حتى أصبح المنتخب غير قادر على مجاراة فرق ضعيفة لا تملك أي تاريخ على مستوى الخارطة السلوية القارية.
فشلت منتخبات السلة في التأهل إلى البطولات القارية على مستوى الرجال والشباب والناشئين
ومن النتائج التي المحبطة لمنتخبات السلة في السنوات الأخيرة، الفشل بالتأهل إلى كأس آسيا للرجال في أندونيسيا بعد احتلال المركز الأخير خلف الهند والبحرين ولبنان، والفشل بالتأهل إلى كأس آسيا للناشئين في قطر بعد احتلال المركز الثالث خلف لبنان وإيران، أيضًا الفشل بالتأهل إلى كأس آسيا للشباب في طهران بعد احتلال المركز الأخير، وكذلك الفشل في عبور الأدوار التمهيدية لبطولة آسيا بـ 3 *3.
تشخيص الأخطاء
يتحدث قتيبة عبد الله، أحد أهم لاعبي السلة العراقية منذ بداية تأسيسها إلى الآن وسبق له أن حمل شارة قيادة المنتخب الوطني لسنوات طوال لكنه قرر اعتزال اللعبة في سن الأربعين، عن أزمة الواقع السلوي، مشيرًا إلى عوامل عدة أبرزها "غياب الاهتمام بالفئات العمرية".
ويقول عبد الله في حديث لـ "الترا عراق"، إنّ "الرياضة في العراق في تدهور مستمر في جميع مفاصلها وليس السلة فقط، لكن في السلة الموضوع يتلخص بأمور عدة منها؛ عدم وجود خطة طويلة الأمد، فضلاً عن نظام الدوري الخاطئ.
ويرى عبد الله، أنّ من أهم الأسباب هو السماح للأندية بالاشتراك دون الفئات العمرية ما يجعل إمكانية رفد المنتخب الوطني بلاعبين جدد معدومة، مبينًا أنّ اتحاد كرة السلة يلجأ لـ "معالجة هذا الخلل عبر الاستعانة بلاعبين المحترفين، بدل البحث عن محليين يساهمون في تطوير اللعبة".
ويقترح اللاعب المحترف السابق، "إعداد اللاعب المحلي بطريقة أمثل من خلال إشراكه في أكبر عدد ممكن من المباريات، كي يلعب أكثر ويتعرض لضغط أكبر، وبالتالي نضمن طريقة سليمة للانتقال إلى المنتخبات الوطنية"، منتقدًا في الوقت ذاته تصريح رئيس الاتحاد حسين العميدي بأنّ واجب الاتحاد يقتصر على تنظيم البطولة فقط، إذ يقول عبد الله إنّ "على الاتحاد أن يضع آلية الدوري ومشاركة الأندية، ومن يفكر بالمنتخب وينظم كلّ ذلك".
20 عامًا دون تغيير!
ويشير عبد الله، إلى "أهمية تغيير القائمين على اللعبة، لاسيما وأن الاتحاد الحالي يعمل منذ فترة طويلة تصل لأكثر من 20 سنة، وبالتأكيد فإنّه يملك نتائج إيجابية، لكن التغيير مطلوب خاصة إذا توقف الإبداع في مجال معين".
ولا يمكن إنكار قضية أنّ كرة القدم هي اللعبة الأولى والأشهر في العراق، لكن هذا لا يمنع من متابعة كرة السلة سوى من الإعلام أو الجماهير. ومن المواقع الراصدة للعبة في العراق معرض كرة السلة العراقية الذي يعد الأول في متابعة نتائج وقضايا الكرة البرتقالية.
يعدّ التنظيم "الخاطئ" لدوري كرة السلة المحلي مع غياب الخطط طويلة الأمد من أبرز أسباب تدهور اللعبة في البلاد
ويعتبر مدير الموقع حسين الساعدي من أشد المنتقدين لأداء الاتحاد الحالي للسلة، إذ يقول في تصريح لـ "الترا عراق"، إنّ "بقاء رئيس الاتحاد الحالي ولسنوات عديدة يعود إلى الدعم الذي يوفره سياسيون من بينهم شخصية كبيرة ولها ثقلها، على الرغم من النتائج المخيبة لكرة السلة".
"اتهامات بالفساد"
ويقول الساعدي، إنّ "هناك ملفات تخص الاتحاد الحالي للسلة مركونة على رف القضاء، إثر ضغوطات كبيرة تمارس من أجلّ حجب هذه الملفات وعدم الأخذ بما في مضمونها كي يبقى الاتحاد الحالي في مكانه".
وفي 25 تموز الحالي نشر اتحاد السلة بيانًا رسميًا، يؤكد فيه أنّ الهيئة الوطنية العليا للمساءلة والعدالة قبلت بجوابها قبول اعتراض رئيس الاتحاد العراقي لكرة السلة حسين العميدي، والمتضمن عدم شموله بإجراءات المساءلة والعدالة، وبعثت في الوقت ذاته كتاب إلى اللجنة الأولمبية الوطنية تؤكد فيه أنّ "العميدي غير مشمول بإجراءات قانون المساءلة والعدالة وقبلت الاعتراض من خلال القرار المنصف لمحكمة التمييز الاتحادية بعدم شمول العميدي بإجراءات المسائلة والعدالة".
وأضاف البيان، أنّ "هذا الكتاب يأتي تواصلاً مع المنشور السابق في موقع الاتحاد العراقي لكرة السلة والذي ذكر فيه أن رئيس الاتحاد يتمتع بصيغة قانونية من جميع النواحي"، فيما يبين الساعدي أنّ "الاتحاد العراقي لكرة السلة نشر كتاب براءة رئيس الاتحاد العراقي حسين العميدي من قانون المساءلة والعدالة، ولكنه أخفى صورة قرار محكمة التمييز المرقم (301) في 5/7/2022".
ويقول، إنّ "العميدي شمل بالمادة (6/ثامنًا) من قانون المساءلة والعدالة رقم (10) لسنة 2008، وهي مادة ينطبق نصها على الموظفين الحكومين في دوائر الدولة بإعادتهم إلى وظائفهم، إلاّ من أثرى بالمال العام لم يتم شموله بالمادة المذكورة، أما منظمات المجتمع المدني والهيئات غير الحكومية الذين لا يتقاضى موظفوها راتب من الحكومة، مثل اللجنة الأولمبية والاتحادات الرياضية والنقابات، تنطبق عليهم المادة (6/ثامنًا)، ولا يمكنهم مزاولة العمل أو الاشتراك في الانتخابات لهذه المنظمات".
يحمل مختصون اتحاد كرة السلة المستمر في مهامه منذ نحو عقدين مسؤولية النتائج المخيبة وسط اتهامات بالفساد تحت رعاية سياسية
ولمعرفة رأي اتحاد السلة بما قاله الساعدي، أو سبب استمراره لهذه الفترة الطويلة، فان اتصالاتنا لم تلقَ ردًا رغم محاولات مستمرة شملت المكتب الإعلامي للعبة وأحد أعضاء الاتحاد الذي ذكر أنّ الإجابة عن الأسئلة تكون عند شخص الرئيس.
ويوضح الساعدي، أنّ "مشكلته ليست في دعم العميدي أو بقاءه في المنصب، بل في الطريقة التي تدار بها الأمور"، ويقول إنّ "النتائج السيئة للمنتخبات الوطنية سببها أنّ رئيس اتحاد السلة على مدار 26 سنة كان ينظم بطولات فئات عمرية تبدأ صباحًا وتنتهي مساءً، لذلك لا نملك منتخب جيد على مستوى الناشئين والشباب".
ويشير، إلى أنّ "المدربين الأجانب الذين تم التعاقد معهم دون المستوى المطلوب، وعن طريق أحد أعضاء اتحاد السلة، بينما المساعدين من المقربين لاتحاد اللعبة، لاسيما وأنّ الكوادر التدريبية للمنتخبات الوطنية لها الحق في انتخابات اتحاد السلة".