خلال حضوري جلسة من عدة شخصيات عراقية، مع فريق من منظمة الأمم المتحدة، معني بملاحقة وتوثيق جرائم "داعش"، تم عرض بعض الأدلة المحفوظة بنسخها الأصلية، والتي تعود لسنوات الحرب في مدينة الموصل وغيرها من المدن الأخرى التي دخل إليها الإرهاب.
تعود العراقيون على المأساة بسبب تكرار الحروب وتوالي مشاهدها القاسية
خلال العرض، كان أحد المشاهد الموثقة يوضح كيفية قام التنظيم بتدريب الأطفال على تنفيذ الأحكام، كرمي الرصاص والذبح على المدنيين العزل المخالفين لتعليمات التنظيم في تلك المدن، وكان أحد تلك المشاهد لطفل مراهق يحمل أداة ذبح حادة (ساطور) وقام بتنفيذ عقوبة قطع الرأس على أحد الأشخاص أمام أعين جمع غفير من الناس تجمعوا حول المكان.
في هذه اللحظة، كان الوفد الأممي يجلس وفي داخله رعب لما سيشاهد من أدلة، وحين ظهرت لقطة تنفيذ عقوبة الذبح، قاموا بأغماض أعينهم، وقالوا بأصوات عالية بما فيهم رئيس الوفد: (N0 .. NO .. NO) تعبيرًا عن عدم رغبتهم في رؤية هذه المشاهد، كونها تؤذيهم وتبث الرعب، وتعتبر انتهاكًا لحقوق الإنسان، فقمنا بإيقاف المشاهد ومنحها لهم، كي تضم ضمن ملفهم التحقيقي وإنجاز تقريرهم.
وأنا أشاهد ردة فعلهم هذه، ابستمت بيني وبين نفسي.. هل هي "ضحكة" ألم، أم "ضحكة" بؤس، أم "ضحكة" استهزاء؟! لم أعرف، إلا أن ما تيقنت منه لو عرض هذا المشهد ذاته ألف مرة أمام كل العراق، لن يخاف منه أي أحد، بسبب توالي الحروب وتكرار مشاهدها منذ عقود. وقد تحملنا ما لا يتحمله غيرنا، وتشبع هذا الشعب من العنف ومشاهدته، وتشبعنا من الإرهاب، ومن كل مأساة بتنا نعتبرها كحدث يومي قد يحصل في أي لحظة، مهما استقر وضعنا.
وبعد هذا الذي حصل، تم توجيه أسئلة للوفد الأممي عن الفائدة للعوائل المتضررة في المدن المحررة من "داعش"، هل ستتم محاسبة المتسببين بهذه المعاناة؟ هل سيعوضون ويتم إعادة حياتهم لطبيعتها نتيجة تضررهم وضياع أحلامهم وأفراد من عوائلهم؟! ساد الصمت، ولا إجابة عن ما سيحصل بعد التحقيق بهذه الجرائم.