الثالث من آب/أغسطس 2016، يصادف الذكرى الثانية للنكبة الإنسانية التي حصلت في قضاء سنجار التابع لمحافظة نينوى، شمالي العراق، عندما اختطف تنظيم "داعش" الآلاف من الأيزديين، نساء ورجال وأطفال، عقب اجتاح القضاء الذي يعتبر موطن الأيزديين.
عندما دخل عناصر تنظيم "داعش" قبل عامين إلى قرى الأيزديين، لم يبق شيء إلا وفعلوه بهم. قتل. اغتصاب. حرق. تعذيب. اختطف التنظيم حينها ما يقارب الـ6 آلاف شخص، أغلبهم من النساء والأطفال. جميعهم أخذهم إلى مدينة الموصل ومن ثم رحل بعضهم إلى مدينة الرقة السورية. ومازال يحتجز أربعة آلاف شخص تقريبًا.
تعاملت الحكومة العراقية مع ملف الأيزديين المختطفين بشكل خجل يؤشر على وجود إهمال كبير لملف حقوق الإنسان
لم تكن عملية اختطاف الأيزديات هي المأساة الأكبر، فهذا متوقع أن يدخل تنظيمًا إرهابيًا إلى أي مدينة فيستبيح كل شيء، خاصة إذا كان يسكن هذه المدينة "كفار" بحسب فكره، لكن الجريمة الأكبر كانت بالصمت المخزي على المستويين المحلي والدولي إزاء هذه الجريمة الكبرى.
اقرأ/ي أيضًا: هل يصلي الدواعش؟
تعاملت الحكومة العراقية مع ملف الأيزديين المختطفين بشكل خجل يؤشر على وجود إهمال كبير لملف حقوق الإنسان ولملف الإبادة الأيزدية التي يتعرض لها أبناء هذه الديانة، وفي ذات الوقت لم تتخذ خطوات حقيقية لتحرير المختطفات، وأبقت الأمر للصدف أو لمراحل التحرير في مدينة الموصل.
بيعت النساء الأيزديات في سوق النخاسة بمدينتي الموصل العراقية والرقة السورية، وكذلك الأطفال أصبحوا جزءًا مما يعرف بـ"جند الخلافة"، وبعضهم حمل السلاح ضد القوات الأمنية العراقية، وبعضهم ترسخت في عقله أفكار تكفيرية دفعته لتكفير أهله وأبناء ديانته.
لم يكن تنظيم "داعش" هو المسؤول الوحيد عن كل هذه المجازر، فالصحافة والإعلام والحكومة العراقية والمجتمع الدولي، جميعهم يتحمل مسؤولية صمته التي أخرت تحرير المختطفين وأودت بحياة العشرات منهم، فكلما تأخرنا في إنقاذهم، كلما كانوا في مأساة صعب التخلص منها.
صمت المجتمع الدولي ازاء عمليات الإبادة التي يتعرض لها الأيزديين، لا يمكن إلا أن نصفه بالشريك غير المشترك بالجريمة. فالصمت على الأفعال اللاإنسانية، لا يمكن أن يكون إلا صمتًا مؤيدًا لها، فمثل هكذا انتهاكات لحقوق الانسان لا يمكن أن نتأخر حتى في إبداء المواقف المضادة لها والمجرمة لها.
اليوم ونحن ندخل الأيام الأولى من العام الثالث على اختطاف الآيزديين، فإن الحكومة العراقية مطالبة بتحرك جاد وفعلي، عبر مجموعة من المختصين والدبلوماسيين، لحث المجتمع الدولي على إعطاء الأولوية في عمليات التحرير للمختطفين الأيزديين، وإلا لا قيمة لأي نصر عسكري ما دامت هناك انتهاكات لحقوق الانسان وقتل جماعي يقوم به تنظيم "داعش".
الموقف البارد من الحكومة العراقية لا يمكن إلا أن تقابله مواقف أبرد من المجتمع الدولي، فالحكومة التي لم تحرص على سلامة المدنيين الذين يعيشون داخل الحدود المسؤولة عنها، لا يمكن لأحد أن يأتي من الخارج ليكون حريصًا وساهرًا على سلامتهم، لذا من الضروري التحرك لانقاذ المختطفين، وإيقاف أسلوب "اللامبالاة" تجاه القضايا الإنسانية المهمة.
اقرأ/ي أيضًا:
الجولاني ينفصل عن القاعدة: إلى أين؟