يعتزم العراق طرح عملة نقدية جديدة في الأسواق قريبًا، في خطوة وصفت بأنها "ترقيعية"، خصوصًا مع تزايد المطالب الشعبية بإعادة النظر بقرار البنك المركزي الخاص برفع قيمة الدولار مقارنة بالدينار العراقي، والذي تسبب بارتفاع أسعار مجمل المواد المستهلكة في البلاد.
تأتي العملة النقدية المزمع طرحها من قبل البنك المركزي بهدف تخفيف الضغط على تداول العملات المحلية في الأسواق
وعلى هامش ملتقى الرافدين الذي عقد أواخر الشهر الماضي في بغداد، كشف محافظ البنك المركزي العراقي مصطفى غالب مخيف، عن نية لطرح ورقة نقدية فئة 20 ألف دينار، فيما أكد أن البنك لديه مشروع بشأن رفع الأصفار من العملة، لكنه بحاجة إلى إصدار قانون خصوصًا وأن حذف الأصفار يؤثر على الميزان التجاري.
ما فائدة العملة الجديدة؟
وبالتزامن مع مساعي البنك المركزي والقطاعات الأخرى لتقليل التضخم في الأسواق المحلية في العراق، جاء قول البنك الدولي إن التضخم السنوي للغذاء في العراق بلغ 6.4% ما بين شهري أيار/مايو وآب/أغسطس لسنة 2022.
وفي هذه الأثناء، ترى الخبيرة الاقتصادية سلامة سميسم، خلال حديثها لـ"ألترا عراق"، أنّ "العملة النقدية المزمع طرحها من قبل البنك المركزي جاءت بهدف تخفيف الضغط على تداول العملات المحلية في الأسواق".
وأضافت الخبيرة الاقتصادية أنّ "طرح هكذا عملة يعمل أيضًا على تقليل الضغط التضخمي الذي يحاول استهلاك الفئات الصغيرة من العملة في الأسواق، فضلًا عن كونها خطوة لسد النقص من العملات الموجودة في العراق".
ووفقًا لدراسات اقتصادية سابقة، فقد ارتفع مستوى التضخم السنوي لشهر تموز/يوليو الماضي من العام الجاري، ليصل في 2022 إلى 117.8 وهي أعلى نسبة تضخم سجلت في العراق منذ أكثر من 10 سنوات.
وبشأن التضخم الذي ضرب الأسواق، تشير سميسم إلى أنّ "الطريقة الأمثل للقضاء على التضخم تكمن في تقليل العملات المتداولة في الأسواق كون النقود كلما تزداد في السوق تقل قيمتها المادية، بالإضافة إلى تحسين الأداء المصرفي من خلال زيادة الاعتماد على الصكوك والأوراق المالية الأخرى".
لا فوائد اقتصادية
ويقول الخبير الاقتصادي، عامر الجواهري، إنّ "إصدار العملة من الفئة 20 ألف دينار ليس لها أي جدوى اقتصادية من جانب حل ملف التضخم بالأسواق، كون أنّ هذه العملة ستعمل على سد نقص العملات المتداولة في الأسواق".
وفي حديث لـ "ألترا عراق"، يتابع الجواهري حديثه قائلًا أنّ "الاقتصاد العراقي اقتصاد هزيل وهو يعتمد بالدرجة الرئيسية على الاستيراد، وبالتالي لا يمكن السيطرة على التضخم في الأسواق عن طريق طرح هذه الفئة من العملات المحلية".
وضعف الإنتاج المحلي مع زيادة التضخم العالمي، جميعها أمور ساعدت على ازدياد الأزمة الاقتصادية في العراق، والكلام للجواهري، الذي أكد أن "دعم القطاع الصناعي والزراعي والقطاعات الأخرى لسد حاجة الاستيراد هو الأمر الوحيد والأمثل لتقليل التضخم الاقتصادي في العراق".
وفي نهاية حديثه، يقول الجواهري، إنّ "الاهتمام بالقطاع الخاص والمباشرة في تنفيذ المشاريع الاقتصادية المتوقفة السبيل الأفضل لحل أزمة التضخم في الأسواق، كون طرح هذه العملة لا ينفع بحل هذا الملف".
وفي غضون ذلك، تضاربت الآراء في الشارع العراقي، خصوصًا لدى الأوساط الاقتصادية بشأن جدوى إصدار هذه الفئة النقدية، وسط تصريح صدر من اللجنة المالية النيابية، والذي أكد أنهم سيبحثون مع محافظ البنك المركزي الجدوى والدوافع من وراء قرار طرح فئة 20 ألف دينار.
بوابة لفئات جديدة
مصطفى حنتوش الباحث في الاقتصاد، يقول من جانبه إنّ "العملة تعتبر من الفئات الوسطية، وبالتالي هي لا تشير إلى تضخم الأموال في الأسواق"، مبينًا أنّ "إصدار هكذا عملات يدل على وجود توازن وتعادل للأسعار في الأسواق المحلية".
ووفقًا لحديث حنتوش لـ"ألترا عراق"، فإنّ إصدار هكذا فئات يفتح الباب لأصدار فئات أخرى من العملة مثل (15 ألف دينار عراقي)، مؤكدًا أن "وجود هذه الفئة (الجديدة)، قد يدخل ضمن أسباب تسويقية وتعاقدية".
كما ويشير الخبير الاقتصادي، إلى أن هذه فئة تسعيرية وليس لديها أي مضار على اقتصاد العراق، موضحًا أنّ "هذه الخطوة ضمن خطوات البنك المركزي المترتبة بإتلاف العملات التالفة وإصدار عملات جديدة".
ويمتلك العراق 7 فئات من العملة النقدية المتداولة في الأسواق، وهي:
- 250 دينارًا ما يعادل تقريبًا الـ 17 سنتًا.
- 500 دينار ما يعادل تقريبًا الـ 34 سنتًا.
- 1000 دينار ما يعادل تقريبًا الـ 68 سنتًا.
- 5000 دينار ما يعادل الـ 3.5 دولار.
- 10000 دينار ما يقار تقريبًا الـ 7 دولارات.
- 25000 دينار ما يعادل تقريبًا الـ 17 دولارًا.
- 50000 دينار ما يعادل تقريبًا الـ 33 دولارًا.
وأقدم البنك المركزي العراقي على خفض قيمة الدينار مقابل الدولار الأميركي في العام 2020، في إجراء سبب غضب كبير لدى الشارع العراقي نتيجة لارتفاع الأسعار في الأسواق وانخفاض قيمة الرواتب المالية في البلاد.
وبحسب التسعيرة الرسمية للبنك المركزي، فإن سعر الصرف بلغ 1450 دينارًا للدولار الواحد، بدلًا عن السعر السابق الذي كان يبلغ 1190 دينارًا.