يطرح الكثيرون السؤال البديهي: ماذا وراء هجوم أربيل؟ وما هي أبعاده؟ ربما لا أحد يملك إلى الآن اجابة جازمة ودقيقة. لكن بعد يومين من البيانات الصادرة من جهات مختلفة وعشرات التصريحات والتسريبات، ما زلت أرجح ما كتبته بعد ساعات قليلة من الهجوم، إن له أبعادًا مختلفة ويحمل عدّة رسائل.
تقول إيران في المقام الأول: نحن هنا وسنضرب المكان الذي نريد وفي الزمن الذي نريد، وعلى الجميع أن يعلم أن أمريكا لن تحرك ساكنًا
وفي الغالب الرسائل موجهة لإقليم كردستان وللعراق والمنطقة وليس لإسرائيل، فضرب مركز إسرائيلي مجرد حجة خاصة أن أذرع تلك الدولة موجودة بقوة على الحدود الشمالية لإيران حيث عززت علاقتها الأمنية ونفوذها العسكري في أذربيجان، ومدت وجودها في الإمارات والبحرين، كما أن إسرائيل على بعد بضع كيلو مترات من الجماعات الموالية لإيران في سوريا.
هي رسائل موجهة بطريقة تهديد إرهابية عنيفة، فقد جرت بصواريخ باليستية وفي منطقة مهمة في عاصمة الإقليم ومركز القرار السياسي والاقتصادي فيها. هجوم مباشر وكبير وليس حركة استعراضية، أرادت من خلاله طهران أن تقول في المقام الأول: نحن هنا وسنضرب المكان الذي نريد وفي الزمن الذي نريد، وعلى الجميع أن يعلم أن أمريكا لن تحرك ساكنًا وأنها ستكتفي ببيانات استنكار وإبداء قلق، فلديها حروب ومشاغل أهم تخوض فيها.
ومن طبيعة الموقع المستهدف، يغلب الترجيح أن الهجوم حمل رسالة إلى الديمقراطي تتعلق بسياساته الاقتصادية فضلًا عن تحالفاته الداخلية، وأن إيران غير راضية عن سيطرة تركيا على قطاع النفط الكردي وتسويقه، كما هي غير راضية عن تفرد طرف شيعي بالقرار العراقي.
صار من المؤكد أن إيران استهدفت ذلك المكان وليس القنصلية الأمريكية القريبة (إيران الرسمية ذكرت أنها لم تستهدف لا أمريكا ولا العراق في هجومها، والأمريكيون قالوا إن الهجوم لم يستهدفهم، وسكتت إسرائيل عن الهجوم) وإن وراء الأمر رسائل تذكير بالقبضة الإيرانية الصارمة على ساحة تعدها طهران منطقة نفوذ محسومة، إضافة إلى الرسالة الاقتصادية، فشركة كار الذي استهدف منزل صاحبها، تسيطر على قطاع النفط في إقليم كردستان وهي من تقوم بمد أنبوب غاز كردستان إلى الحدود التركية، وتأمل أن تصدر غاز الإقليم إلى تركيا وهذا يتعارض مع المصالح الإيرانية.
تتعارض مصالح إيران مع مد أنبوب غاز كردستان إلى الحدود التركية
رسائل إيران النارية، ردت عليها حكومة الإقليم والحكومة العراقية، برسائل عتب وقلق وانتقاد في أفضل الأحوال، في حين قالت أمريكا:"نحن شعلينا الأمر لا يتعلق بنا"، وطبعًا إسرائيل بعيدة عن كل تلك الحسابات فهي تتمدد في الخليج وعلى حدود إيران الشمالية، كما تضرب بشكل مستمر الأهداف الإيرانية في سوريا وبكل يسر وبتغطية روسية واضحة.