منذ أشهر والاجتماعات تعقد بين الحزبين الكرديين، الديمقراطي الكردستاني "البارتي"، والاتحاد الوطني الكردستاني "اليكتي"، من أجل "حل الخلافات"، لكن إلى الآن، لم يحصل هذا الأمر، رغم الإعلانات المتوالية عن الوصول إلى "تفاهمات" في الساحة الكردية، خاصة وأن هذه الخلافات، تتزامن مع قرب إجراء انتخابات برلمان إقليم كردستان، فضلًا عن انتخابات مجالس المحافظات في العراق، ما يهدّد حضور الأحزاب الكردية في المناطق المتنازع عليها.
تستمر الخلافات بين الحزبين الكرديين في إقليم كردستان رغم استمرار انعقاد الاجتماعات والإعلان عن الوصول لـ"تفاهمات معينة"
وفي 9 تموز/يوليو، 2023، عقد اجتماعًا جديدًا جمع قيادات بارزة في الحزبين، فيما مثّل حزب الاتحاد الوطني رئيسه بافل طالباني وكوسرت رسول وجعفر شيخ محمد، بينما حضر من الحزب الديمقراطي كل من فاضل ميراني ومحمود محمد وهوشيار زيباري وسيداد محمد.
الاجتماع التفاوضي الذي احتضنه مصيف صلاح الدين في أربيل، لم يخرج بنتائج إيجابية بحسب التصريحات التي تلته، حيث بدا الخلاف، أكثر حدة من السابق بعد سلسلة من الاتهامات التي تبادلها قيادات في الحزبين عبر وسائل الإعلام وفي التصريحات الصحفية.
وجاء الاجتماع الأخير، بحسب مصادر من داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني، استكمالًا لاجتماع سابق عقده الحزبين خلال شهر حزيران/يونيو الماضي.
الاتحاد "لن يبقى ساكتًا"
وفور انتهاء الاجتماع، خرج رئيس الاتحاد الوطني، بافل طالباني، بمؤتمر صحفي أكد من خلاله أنّ الاجتماع كان جيدًا، لكنه أشار إلى أنّ حزبه "لن يبقى ساكتًا"، وهي رسائل قرآها مراقبون بأنها "موجهة إلى الديمقراطي الكردستاني".
طالباني قال إنّ "الأفعال والأقوال اللامسؤولة لن تؤثر علينا ونحن مستمرون ونحاول التوصل إلى اتفاق"، محذرًا من أن حزب الاتحاد الوطني "لن يبقى ساكتًا من اليوم فصاعدًا، وأي شيء يحصل، فسيتم الرد عليه بالمثل".
المسائل الخلافية بين "البارتي" و"اليكتي" تتمحور حول 4 نقاط هي الدوائر الانتخابية ومسألة الكوتا وكذلك مفوضية الانتخابات وسجل الناخبين
أما الحزب الديمقراطي، فإنه حاول تخفيف حدة التوتر من خلال تصريح القيادي فيه، فاضل ميراني، الذي تبرأ من الاتهامات التي وجهها أحد أعضاء حزبه للاتحاد، حيث قال إنّ "شخصًا من الحزب الديمقراطي قام بالإدلاء بتصريح تسبّب بانزعاج الاتحاد الوطني، وهذا التصريح لا يمثل سياسة الحزب بشكل رسمي".
وقال ميراني: "نحن لم نتعامل مع الاتحاد الوطني على أساس عدد الكراسي بل وفق مصلحة الإقليم"، مشيرًا إلى أنّ "حزبه سيحاول حل هذه المشاكل في الاجتماعات المقبلة".
حديث عن "ازدواجية داخل الديمقراطي"
وبينما تأمل حلحلة الخلافات السياسية بين الحزبين، تشير عضو الاتحاد الوطني الكردستاني شيلان فتحي إلى وجود "ازدواجية" داخل الحزب الديمقراطي، حيث يقوم بعض أعضاء الديمقراطي بـ "التقليل من حجم الأحزاب الأخرى"، بحسب قولها.
وتقول فتحي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الاجتماع الذي عقد مؤخرًا بين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني هو ضمن سلسلة من الاجتماعات التي جاءت مبادرة من رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني، وذلك لحلحلة الخلافات العالقة الموجودة بين الحزبين الرئيسيين في كردستان، وأيضًا للوصول إلى تحالفات واتفاقات سياسية بين الأحزاب السياسية الموجودة على الساحة الكردستانية".
لكنّ الذي حصل ـ والكلام لفتحي ـ والذي "نلاحظه على مدى 3 اجتماعات مهمة في خضم النقاشات الجارية لحلحلة الأوضاع ووجهات النظر، يقوم أعضاء من الديمقراطي سواء من القيادات أو من الأعضاء الناشطين داخل الحزب، بالإدلاء بتصريحات استفزازية لتقليل من شأن بقية الأحزاب الموجودة على الساحة الكردستانية".
يتحدث الاتحاد الوطني الكردستاني عن "نزعة فوقية" داخل الحزب الديمقراطي الكردستاني
وهذا بالنسبة لفتحي "نتيجة الازدواجية في السياسة داخل الديمقراطي"، حيث "هناك تياران داخل الديمقراطي، تيار رئيس الإقليم المتمثل بالرئيس نيجرفان بارزاني يريد حلحلة الأوضاع وحل الخلافات والخروج بتحالفات سياسية، أما التيار الثاني "المتمثل بالأعضاء التابعين أو المؤيدين لرئيس حكومة الإقليم لا يريدون هذا الشيء ولديهم نزعة فوقية وتسلطية على بقية الأحزاب".
ولفتت فتحي إلى أنّ "الاتحاد الوطني مازال مصرًا على التوصل لحل الخلافات العالقة، والوصول إلى تحالفات سياسية وخاصة في المناطق المتنازعة عليها من كركوك وبقية المناطق، وفي حال إذا لم يرغب أحد الأحزاب إلى الانضمام لهذا التحالف، فإنّ اتحاد القوى سيشكل استقطابًا سياسيًا لبقية الأحزاب والخروج بتحالف سياسي".
الخلاف حول 4 نقاط
ويبيّن الحزب الديمقراطي الكردستاني، أبرز النقاط الخلافية التي يتمحور حولها الخلاف مع الاتحاد الوطني، كما يشير إلى أنّ "الخلافات لن تخرج عن طريق الحوار".
ويقول عضو الحزب الديمقراطي الكردستاني جاسم العيساوي لـ"ألترا عراق"، إنّ "المسائل الخلافية بين الحزبين الديمقراطي والاتحاد الوطني تتمحور حول 4 نقاط، هي الدوائر الانتخابية ومسألة الكوتا وكذلك مفوضية الانتخابات وسجل الناخبين".
يفترض أن تجرى انتخابات برلمان إقليم كردستان في شهر تشرين الثاني من العام الجاري
وأضاف العيساوي أنّ "الحزب الديمقراطي تفاهم مع القوى السياسية بشأن تلك النقاط الخلافية، وخاصة في الاجتماع الأخير مع الاتحاد الوطني الذي كان شاملًا للحوار على الرغم من الخلافات بينهما داخل برلمان كردستان والبرلمان الاتحادي"، مبينًا أنّ "الفريق الوزاري للاتحاد الوطني عاد إلى اجتماعات حكومة الإقليم وعلى رأسهم قوباد طالباني".
ويشدّد العيساوي على ضرورة "تدارك الخلافات ولم الشمل، كما يؤكد أنّ "إجراء انتخابات الإقليم سيتم في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل".
وبالنسبة للعيساوي، فإنّ "الخلافات تحدث دائمًا، لكن بسبب الحنكة السياسية لقيادات الإقليم خاصة في الحزبين، يتمّ النزول إلى مقتربات طريق الحل، تماشيًا مع مصلحة شعب الإقليم وتذليل الصعاب وتغليب الحوار".
قانون قديم يعرقل إجراء الانتخابات
وعلى خلاف ما يقوله الديقراطي، تبيّن عضو الاتحاد الوطني شيلان فتحي اعتراض حزبها على قانون الانتخابات القديم، وهو ما قد يكون معرقلًا للتوافق على إجراء الانتخابات في كردستان.
وتشكّك فتحي بإمكانية ضمان انتخابات شفافة وفق قانون الانتخابات القديم، مضيفة أنّ "القانون القديم يرجع إلى سنة 1992 وعفى عليه الزمن، ولا يمثل ولا يستطيع أن نجري وفقه انتخابات شفافة عاجلة يتم إنصاف جميع المكونات والأحزاب السياسية الموجودة في الساحة السياسية داخل الإقليم".
ويعيش الإقليم في فراغ تشريعي، لأنّ "الحكومة هي حكومة تصريف أعمال، بحسب فتحي التي تضيف: "كذلك ليس لدينا مجلس نواب أو برلمان حتى يقر القانون الذي سيجري وفقه الانتخابات".
وعن الحلول لما يجري من خلافات، يقدم الاتحاد الوطني 3 مقترحات، هي "أما أن يتم التوصل إلى اتفاق سياسي بين الأحزاب السياسية الفاعلة، وخاصة بين الاتحاد الوطني الكردستاني والديمقراطي الكردستاني على القانون وآلية تطبيقه، أو الذهاب نحو المحكمة الاتحادية للفصل، أو استفتاء مجلس النواب الاتحادي لكي يصدر القرار بالقانون الأصح لإجراءالانتخابات في الإقليم".
انقسام الإقليم إلى إقليمين
وفيما يستبعد الباحث في الشأن السياسي حيدر سلمان، حلحلة الخلافات داخل البيت الكردي خاصة مع اقتراب الانتخابات التشريعية فيه، فإنه يتوقع انقسام إقليم كردستان إلى إقليمين بين السليمانية وأربيل.
ويقول سلمان لـ"ألترا عراق"، إنّ "الخلافات بين الحزبين الرئيسيين في الإقليم ذاهبة نحو التصعيد، وربما ينقسم إقليم كردستان إلى إقليمين، خاصة بعد دفع الاتحاد الوطني حلفائه من الإطار التنسيقي والعزم للوقوف معه في ضمان حصة السليمانية من الموازنة الاتحادية".
وبالنسبة لسلمان، فإنّ "الغبن الكبير الذي تعرضت له السليمانية من حكومة كردستان كرس الخلاف بين الحزبين".
وأضاف سلمان أن "الإقليم مقبل على انتخابات برلمانية، وهذا قد يزيد من حدة الخلاف بين البارتي واليكتي، وقد تكون هذه الخلافات في الأيام المقبلة غير قابلة للتراجع".
يتوقع مراقبون أن تذهب الخلافات بين الحزبين الكرديين نحو التصعيد
وتحدث سلمان عن "وساطات سياسية عراقية ودولية وحتى من الجانب الأمريكي والأمم المتحدة دخلت لحل الخلافات داخل البيت الكردي، لكن لا حلول واضحة لغاية اليوم".