وصل الخزين المائي في العراق إلى أدنى مستويات منذ تأسيس الدولة العراقية، فيما تقرّ هذه الحقيقة، وزارة الموارد المائية، لكن الأسئلة التي تنطلق حول الإجراءات التي يمكن أن تنقذ الوضع من أزمة مائية قاسية.
تقول الموارد المائية إنّ الخزين الاستراتيجي الموجود لدى العراق الآن لا يتجاوز 10 مليارات متر مكعب
المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال، تحدث عن وصول الخزين المائي إلى أدنى مستوياته، قائلًا إنّ "هناك وجود اجراءات حكومية لتعزيز هذا الخزين وعدم استنزافه بما لا يخدم المصلحة العامة".
ويوجد الخزين العراقي في 3 أماكن رئيسية، يوضح تفاصيلها شمال كالآتي:
- أولًا: بحيرات الخزن الطبيعية كالحبانية والثرثار
- ثانيًا: البحيرات الصناعية بمقدمة سدود الموصل وحديثة ودوكان ودربندخان وحمرين والعظيم
- ثالثًا: مرتبط بكميات بالمياه الجوفية
ويقول شمال إنّ "الوزارة تعمل على عدم ضخ أي كميات إضافية باتجاه النهر دون الحاجة الفعلية لها مع ضرورة اتباع سياسة ترشيد الاستهلاك".
ويعزو المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، زيادة الطلب على المياه، إلى "التغيرات المناخية التي عصفت بحوض دجلة والفرات سواء كانت بتركيا أو بإيران أو سوريا أو بالعراق"، معتبرًا أنّ "ذلك أدى لوقوع العراق بوضع حرج ومقلق يستنفر جهود الحكومة والوزارة لإيجاد الحلول السريعة مع الدول المعنية"
وبحسب شمال، فإنّ من ضمن الخطط هو "ما يتم العمل عليه لإنجاز التحريات وإعداد التصاميم الخاصة بعدد من سدود حصاد المياه المقترحة التي ستسهم في الاستفادة من عدة مصادر مائية داخلية، وستكون بالمناطق التالية:
- 1- سد الأبيض في بادية محافظة كربلاء ضمن الصحراء الغربية
- 2- سد الخرز وسد المهندس في بادية السماوة
- 3- سد الداهولي وسد العجيج ضمن قضاء سنجار في محافظة نينوى
وكشف عن أنّ "الخزين الاستراتيجي الموجود لدى العراق الآن لا يتجاوز 10 مليارات متر مكعب يتم المناورة به، وهذا ما تم طرحه أمام وزير الخارجية التركي بزيارته لبغداد، حيث أسفر عن تشكيل لجنة دائمة بين البلدين لوضع الحلول والاتفاقات اللازمة خلال الفترة المقبلة".
وفي وقت سابق، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، تشكيل لجنة مشتركة مع العراق بشأن ملف المياه، قائلًا إنّ "تركيا تتعامل مع ملف المياه بمبدأ إنساني بحت، لكن منطقتنا تمر بأزمة جفاف قاسية".
يقول مسؤولون إنّ أزمة شح المياه ستبقى قائمة لأن مستوى الخزين في السدود والخزانات قليل جدًا
وفي الأثناء، قال مدير عام دائرة السدود في وزارة الموارد المائية علي راضي، إنّ "حجم الخزين المائي والإطلاقات يعتبر الأسوأ هذا الموسم منذ 1930"، وأبرز أسباب ذلك هو "تعاقب مواسم شحة الإيرادات والتغيرات المناخية".
ويوضح راضي في حديث لـ"ألترا عراق"، أنه "حدثت خلال الفترة الأخيرة زيارات فنية متبادلة مع بين العراق وتركيا وإيران وسوريا للتباحث حول ملف المياه، كما أرسل رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مبعوثًا خاصًا في زيارتين إلى الرئيس التركي، بالإضافة إلى مناقشة هذا الملف المهم خلال زيارة وزير الخارجية التركي، حيث تم توجيه دعوة إلى أنقرة لزيادة إطلاقات المياه في نهر الفرات تحديدًا"، لافتًا إلى أنه "خلال الأسبوعين الماضيين، جرى زيادة إطلاقات المياه من قبل تركيا لنهر دجلة بنسب جيدة ساعدت في هذه الفترة الحرجة ما أدّى لعبور أزمة الصيف".
واستدرك راضي بالقول: "لكن أزمة شح المياه تبقى قائمة لأنّ مستوى الخزين في السدود والخزانات قليل جدًا، وبنفس الوقت الزيادة التي وردت من تركيا ساعدت في تعزيز الإطلاقات بنهر دجلة، إضافة لنهر الفرات من القناة الأروائية وبحيرة الثرثار، حيث تم النجاح بإيصال الكميات المطلوبة لمناطق الفرات الأوسط وجنوب العراق وهي الأكثر تأثرًا"، مبينًا أنه "مع ذلك تبقى الإطلاقات التركية قليلة وغير متناسبة حتى مع الإطلاقات الجارية من سد حديثة".
أما عن السياسة المائية وطرق الاستهلاك، أشار إلى أنّ "العراق لديه مجموعة سدود وخزانات سعتها بالمجمل تتجاوز 100 مليار متر مكعب، حيث هذه المناطق الخزنية مستعدة لاستيعاب أي كميات مياه ترد من دول المنبع لأن الفرغ هائل جدًا".
وأكد على "عدم الحاجة لبناء سدود خزنية جديدة تستغرق فترة إنجازها 3 سنوات وأكثر بقدر حاجته لسدود حصاد المياه الصغيرة بمناطق معينة من الوديان والمنخفضات التي ترد فيها المناسيب من السهول والأمطار والمياه الجوفية".
واعتبر راضي، الحديث عن هدر العراق لمناسيبه وذهابها إلى شط العرب "غير صحيح وليس بهذا الشكل، لأن جميع المناسيب التي تصل للمحافظات بخطة مدروسة، حيث جميع ما يصل لمحافظة البصرة هو الغرض منه تلبية حاجة جميع الاستخدامات وتحسين بيئة شط العرب الذي انخفضت نسبة الملوحة فيه بشكل كبير مقارنة بالسنوات السابقة بسبب الإطلاقات القادمة من نهر الكارون مع الجانب الإيراني".
من جانبه، عدّ عضو لجنة الزراعة والمياه النيابية رفيق الصالحي، عدم تجاوب الجانب التركي مع العراق حول أزمة المياه أمر يتطلب الضغط بشكل أكبر عبر النافذة الدولية لتثبيت الحقوق المضمونة، مبينًا أنّ "التقارير الدولية لم تعد تخفي شيئئًا والجميع يعلم بمدى ضرر العراق من دول المنبع".
وقال الصالحي لـ"ألترا عراق"، إنّ "الجانب الإيراني بات يبدي تفاعلًا مع العراق من خلال الوفود الحكومية والنيابية المبتدالة للزيارات حول ملف المياه والأنهر المشتركة"، مستدركًا بالقول: "لكن تركيا وطروحاتها لا تلبي المصلحة العراقية".
وأضاف أنّ "الإطلاقات المائية من الجانب التركي لا تتجاوز 500 متر مكعب وهي قليلة جدًا"، موضحًا أنّ "السدود التي شيدتها تركيا أثرت بقوة وخرقت الاتفاقات الدولية بشأن الحصص المائية".
قالت لجنة نيابية إنّ الإطلاقات المائية من الجانب التركي لا تتجاوز 500 متر مكعب
واعتبر الصالحي أنّ "كل ما أصاب الثروة الحيوانية والزراعية في العراق من خسائر وأضرار سببه عدم التزام الجانب التركي بحصة العراق منذ عدة سنوات"، مؤكدًا أنّ "مجلس النواب وعبر لجانه المختصة سيعمل على تدويل الملف العراقي بأزمة المياه في المحافل الدولية بحال استمرار عدم التعاون من قبل الجانب التركي ومنح العراق حصته العادلة التي تلبي احتياجاته".