افتتح وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، زيارته الرسمية في بغداد بجولة مفاوضات أولية مع نظيره العراقي فؤاد حسين، تناولت ملفات الماء والنفط، إلى جانب التعاون الاقتصادي، وقضية التواجد العسكري التركي شمالي العراق.
وصل وزير الخارجية التركي إلى بغداد بالتزامن مع جولة لوزير النفط العراقي في أنقرة
ومن المقرر أن يلتقي فيدان الرئاسات العراقية بالإضافة إلى وزراء ومسؤولين، لمناقشة ملفات رئيسية مشتركة بين البلدين، أبرزها ملف المياه القادمة، وتواجد حزب العمال الكردستاني على الأراضي العراقية.
بالتزامن مع زيارة فيدان، يجري وزير النفط العراقي حيان عبد الغني زيارة إلى أنقرة، التقى خلالها وزير الطاقة والثروات الطبيعية التركي ألب أرسلان لبحث ملف تصدير النفط إلى ميناء جيهان التركي.
المياه والأمن.. محور النقاش
وأفصحت وزارة الخارجية العراقية، عن أبرز الملفات التي ستناقش خلال زيارة وزير الخارجية التركي، ومنها ملف المياه والأمن والحدود بين البلدين.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية أحمد الصحاف في حديث لـ "الترا عراق"، إن "زيارة وزير الخارجية التركي إلى بغداد، ستبحث العلاقات الثنائية بين بغداد وأنقرة، وتسلط الضوء بشكل مكثف على أهم الملفات العالقة فيما يتصل بملف المياه والتغيرات المُناخية".
ويضيف الصحاف، أنّ "وزير الخارجية التركي والعراقي سيبحثان العلاقات ذات التنسيق الأمني، لتجاوز التحديات على طول الشريط الحدودي الممتد بين الجانبين، ثم مراجعة أهم المواقف المشتركة بما يعزز أمن واستقرار المنطقة، ودور العراق في ذلك عبر التنسيق والتواصل مع كل الأطراف".
تصدرت أزمة الجفاف النقاشات الأولية بين وزير الخارجية العراقي ونظيره التركي إلى جانب قضية تصدير النفط عبر جيهان وملف أمن الحدود
كما تشير وزارة الخارجية إلى زيارة مسؤولين آخرين الى بغداد، منهم وزير الخارجية الماليزي، مبينة أنّ هناك "جدولاً حافلاً" لزيارة الأخير.
وقال الصحاف أيضًا إنّ "وزارة الخارجية العراقية تنفتح بأولية قصوى على دول الجوار العراق، إدراكًا منّها بأن الملفات التي تجمع دول المنطقة هي ملفات بطابع عضوي، بمعنى تداخل الفرص والتحديات".
وأضاف، أنّ "السياسة الخارجية العراقية تمضي باتجاه تعزيز أمن واستقرار المنطقة وإعادة دور العراق ضمن نسق تفاعلاته الإقليمية والدولية".
جيهان.. وسلاح العمال
وإلى جانب هذه الملفات، تبرز قضية النفط العراقي إلى ميناء جيهان التركي ضمن المحاور الرئيسة في المباحثات العراقية التركية، حيث تحاول بغداد تسريع استئناف حركة التصدير المتوقفة منذ شهر آذار/مارس الماضي، بعد قرار دولي يلزم أنقرة بدفع تعويضات عن تصدير نفط مهرب من كردستان.
وناقش وزيرا النفط العراقي حيان عبد الغني والتركي ألب أرسلان بيرقدار، في العاصمة التركية اليوم، ملف استئناف تصدير النفط العراقي إلى ميناء جيهان.
وشدد الوزيران على أهمية خط أنابيب النفط الخام بين العراق وتركيا، واستئناف تدفقات النفط الخام، بعد الانتهاء من عمليات التأهيل والفحص اللازمة التي يتطلب تنفيذها بعد حادث الزلازل في شباط الماضي، وفق بيان رسمي.
الماء قبل كلّ شيء
ويعتقد مختصون بضرورة أن يتصدر ملف الجفاف المباحثات الثنائية بين العراق وتركيا، حيث بلغت أزمة المياه ذروتها في البلاد هذا الصيف.
ويقول الكاتب والباحث السياسي أحمد الخضر لـ "الترا عراق"، إنّ "زيارة وزير الخارجية التركي إلى العراق مهمة جدًا في هذا التوقيت، وهناك ملفات ملحة بين بغداد وأنقرة ستفتح"، مبينًا أنّ "ملف المياه الواردة يعتبر ملفًا استراتيجيا لدى العراق ويجب حله سريعًا".
تمهد جولة فيدان في العراق لزيارة مرتقبة للرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد تشهد تفاهمات حول المياه و"طريق التنمية"
ويرجح الخضر، أنّ "تشهد الزيارة ترتيب خطط وتشكيل لجنة مشتركة بين العراق وتركيا لتبادل الزيارات ووضع الحلول لملف المياه"، مشيرًا في ذات الوقت إلى أنّ "ملف النفط والطاقة سيأخذ حيزًا كبيرًا من الزيارة إلى جانب قضية الحدود وحزب العمال الكردستاني".
ويرى الباحث في الشأن السياسي، أنّ "استمرار الزيارات الرسمية متبادلة، يمكن أن يساهم في تصفير المشاكل العالقة بين الجانبين، والتي انعكست سلبًا على مستويات عدة".
أردوغان قادم
وتأتي زيارة الوزير التركي تمهيدًا لزيارة مرتقبة سيجريها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى العراق، كانت من المقرر أن تجري في وقت سابق لكنها أرجأت إلى موعد غير معلن.
وكان رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قد أجرى، في آذار/مارس الماضي زيارة إلى أنقرة التقى خلالها أردوغان، وأعلن من هناك عن موافقة تركيا على زيادة الإطلاقات المائية لمجرى نهر دجلة إلى الضعفين ولمدّة شهر.
ويقول المحلل السياسي أحمد المياحي لـ "الترا عراق"، إنّ "زيارة وزير الخارجية التركي جزء من ترتيبات زيارة الرئيس التركي، الذي سيناقش بشكل أساسي ملف مشاركة الشركات التركية في مشروع طريق التنمية، مقابل تسهيلات، وبالمقابل سيطلب العراق زيادة الإطلاقات المائية لنهري دجلة والفرات لمعالجة مشكلة الجفاف".
كما يشير إلى أنّ الملف الأمني والعسكري سيكون "حاضرًا وبقوة" خلال الزيارة المقررة، في ظل استمرار العمليات التركية ضد حزب العمال على الشريط الحدود العراقي.
ويرى المياحي، جملة مصالح متبادلة يمكن أن تحققها الزيارات المتبادلة بين بغداد وأنقرة، ويقول إنّ أبرزها استئناف تصدير النفط العراقي عبر ميناء جيهان التركي تحت إشراف الحكومة المركزية، مع بعض التخفيضات في سعر البرميل.
ويضيف، أنّ "امتلاء سد أليسو سيجعل من المفاوضات المائية أسهل، وقد تسمح تركيا بمزيد من الإطلاقات مقابل ما ستحصل عليه الشركات التركية من عقود ضمن مشروع طريق التنمية، والربط السككي".
طريق المياه يمر بـ "PKK"
بدوره، يعتقد السياسي نديم الجابري، أنّ الاتفاق حول حصص المياه سيرتبط أكثر بملف وجود "PKK"، ويقول الجابري لـ "الترا عراق"، إنّ "أنقرة وبغداد تدركان أهمية تدارك العلاقات الثنائية التي لم تكن في أحسن أحوالها مع العراق سياسيًا وأمنيًا واقتصاديًا مؤخرًا".
يعتقد مراقبون أنّ أنقرة لن تطلق مزيدًا من المياه دون تحرك حقيقي من العراق في ملف مقاتلي حزب العمال الكردستاني
ويضيف، أنّ "للعراق حاجة كبيرة عند تركيا تتعلق بالأمن الوطني والاقتصاد، وهي الحصص المائية لنهري دجلة والفرات"، مشيرًا إلى أهمية أنّ "تبذل الحكومة العراقية قصارى جهدها في حلّ مشكلة المياه، حيث لا تبدو تركيا بحاجة ماسة إلى ملء سدودها بالماء الآن، بل هي تستخدم الملف كورقة ضغط من أجل مصالحها".
ويرى الجابري، أنّ "أبرز الملفات التي يمكن أن تساعد العراق في حل أزمة المياه، قضية تواجد حزب العمال الكردستاني شمال البلاد"، مبينًا أنّ "العراق يجب أن يقدر هواجس تركيا بهذا الصدد، وإلا فإنّ مشكلة المياه لن تجد طريقًا للحلّ".