01-مايو-2019

البغدادي يريد تحويل المعركة من "العراق وسوريّا" إلى معركة عالمية (خبير أمني)

في أول وآخر ظهور تصويري له، ألقى زعيم تنظيم الدولة "داعش" أو ما يسمى بالخليفة أبو بكر البغدادي، خطبة له في جامع النوري بمدينة الموصل في تموز/يوليو من عام 2014، بعد أٌقل من شهر على سقوط المحافظة بيد التنظيم، معلنًا الخلافة في أراضي العراق وسوريّا. ولم يظهر البغدادي في تصوير منذ ذلك الحين حتى هُزم التنظيم في العراق وسوريّا، عدا تسجيلات صوتية خاطب بها أتباعه أثناء المعارك سواء مع الجيش العراقي أو جيش النظام السوري وحلفائه، أو قوات سوريّا الديمقراطية وغيرها في مختلف المناطق.

تبدو عملية الباغوز موجعة للبغدادي لسبب ما، فلم يعر زعيم التنظيم أهمية لعاصمة خلافته التي فقدها بقدر ما أعطى للباغوز، رغم شدة المعارك هناك وحجم الدمار الحاصل

التاسع والعشرين من نيسان/أبريل انتشر مقطع فيديو يَظهر فيه زعيم التنظيم جالسًا في غرفة إلى جانب ثلاثة أشخاص غُطت وجوههم، تحدث البغدادي إليهم عن المعارك التي خاضها التنظيم والمعارك التي من الواجب أن يخوضوها.

السعودية في المرمى.. والباغوز غصة

أولى المشاهدات التي يُمكن لأي متابع الانتباه لها هو التأكيد على ذكر منطقة الجزيرة العربية عند إشادته بقيادات وإعلاميي التنظيم، حيث ذَكر أربعة أسماء تبعها بـ"وهو من جزيرة محمد"، خلافًا لبقية من ذكر اسمهم فقط. أربع مرات في الدقائق الأربع الأولى. إضافة لهذا التأكيد جاءت مباركته لعملية "الزلفي" التي استهدفت مركز مباحث محافظة الزلفي في السعودية، والتي قال عنها بيان لرئاسة أمن الدولة هناك إن الجهات الأمنية "أحبطت هذا العمل الإرهابي". ودعا البغدادي إلى تكرار مثل هذه العمليات ضد من أسماهم "طواغيت آل سلول"، وكل هذه الإشارات رسائل ـ لا تقبل الشك ـ من زعيم التنظيم لأتباعه بغية استهداف السعودية في قادم الأيام.

اقرأ/ي أيضًا: لماذا تجنب البغدادي ذكر العراق في خطاب "الاستنزاف"؟

ذكر البغدادي أسماء عناصر التنظيم المقتولين في سياق الحديث عن معركة الباغوز، وهي القصة التي كرّرها مثل الجزيرة، وفقد التنظيم خلال معركة الباغوز آخر معاقله شرق سوريّا بعد ستة أشهر من المعارك التي أطلقتها قوات ما تعرف بـ"سوريّا الديمقراطية" بدعم من التحالف الدولي ضد التنظيم شرق الفرات. ووصف البغدادي القوى المُهاجمة بـ"الهمجية"، فيما اعتبر هجمات سيرلانكا انتقامًا لما حدث لعناصر التنظيم في منطقة الباغوز.

البغدادي ـ وفي ذات السياق ـ كشف عن 92 عملية في 8 دول نفذها التنظيم "ثأرًا لإخوانهم في الشام". وتبدو عملية الباغوز موجعة للبغدادي لسبب ما، فلم يعر زعيم التنظيم أهمية لعاصمة خلافته التي فقدها بقدر ما أعطى للباغوز، رغم شدة المعارك هناك وحجم الدمار الحاصل جرّاء تلك المعارك.

إلى معركة عالمية: الجزائر والسودان حاضران

وفي حديثه عن دول المنطقة العربية، وعلى الأحداث في الجزائر والسودان تحديدًا، دعا البغدادي إلى "عدم استبدال طاغوت بطاغوت آخر" حسب وصفه. وقد ذهب مراقبون إلى أن تسجيل البغدادي سيدفع مريديه إلى إثبات وجودهم على الأرض، وإن صحّ ما ذهبوا إليه فربما ستكون الإشارة للجزائر والسودان دعوة لأتباع التنظيم لتنفيذ عملياتهم في هذين البلدين أسوة بالدول الأخرى التي كان التنظيم سببًا من أسباب عدم التحوّل الديمقراطي فيها بعد الثورات العربية.

تحدّث البغدادي عن معارك ومبايعات دول أخرى، بينها خراسان وسريلانكا وفرنسا، يعتقد الخبير الأمني والعسكري سرمد البياتي، أن البغدادي يريد "تحويل المعركة من قطرين "العراق وسوريّا" إلى معركة عالمية".

خبير أمني: البغدادي يريد تحويل المعركة من "العراق وسوريّا" إلى معركة عالمية، فيما يكشف الجزء الأهم من خطابه إلى تحوّل المعركة إلى صفحة الاستنزاف

أضاف البياتي في حديثه لـ"ألترا عراق" أن "الجزء الأهم من خطابه هو تحول المعركة إلى أخرى وهي صفحة الاستنزاف"، موضحًا أن معركة الاستنزاف "جزء من حرب العصابات التي يكون فيها العدو هو البادئ بالهجوم".

سعيٌ لحرب مسيحية ـ إسلامية

كرّر البغدادي كلمة "الصليبيين" لأكثر من مرة، وأشاد بهجمات سريلانكا التي طالت كنائس وفنادق أثناء الاحتفال بعيد قيامة المسيح، ولقي 359 شخصًا حتفهم على الأقل في سلسلة التفجيرات. ولأن الاقتتال والفتن الدينية والمذهبية هي الأوكسجين الذين يعيش عليه التنظيم، جاءت إشادة البغدادي مع الأخبار التي تتحدث عن هروب مئات المسلمين من بلدة على الساحل الغربي لسريلانكا بعد توترات طائفية تبعت سلسلة التفجيرات.

اقرأ/ي أيضًا: ما قصة "واتساب" أبو بكر البغدادي؟.. الحكاية الكاملة من مصدر استخباري

يعلّق الخبير البياتي على هذه النقطة بالقول، إن "البغدادي يريد تحويل المعركة إلى معركة بين الإسلام والمسيحية من خلال تركيزه عدة مرات على ذلك لاستعطاف المسلمين".

أشار البياتي إلى أن "هذه النقطة تدغدغ مشاعر المسلمين خصوصًا الشباب الذين تربوا على تعاليم دينية متشددة ويعتبرون ذلك من ضمن موضوعات الجهاد".

والمتابع لهذا الفيديو الجديد مقارنة مع إصدارات التنظيم وخطاب البغدادي ذاته في جامع النوري عام 2014 يرى اختلافًا واضحًا في عدم استخدام المسألة الطائفية السنية ـ الشيعية كما حصل سابقًا.

ملفاتٌ بأيدِ البغدادي.. تنظيمات جديدة؟

في المشاهد الأخيرة للمقطع المُصوَّر الذي ظهر فيه زعيم تنظيم الدولة، جرى تسليمه عدة ملفات ورقية من قبل أحد الحاضرين؛ لكن الإخراج الصوري لم يُركز على عناوين تلك الملفات ما عدا: تركيا واليمن والقوقاز. وربما يشي ذلك التركيز الإخراجي على عمل التنظيم بشكلٍ فعّال ومباشر في تلك المناطق.

الخبير العسكري أعياد الطوفان رجح في تصريح تلفزيوني "الإعلان عن تنظيم إرهابي جديد في شهر رمضان المقبل"، معتبرًا تنظيم الدولة "بندقية للإيجار، وشركة مقاولات اختصاصها تهديم المدن".

ولعل المرحلة القادمة ستكشف آثار هذا الخطاب، خصوصًا مع تأكيد البغدادي على أن المعركة الحالية هي معركة استنزاف، و"الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة"، حسب وصفه.

المتابع للفيديو الأخير  مقارنة مع إصدارات التنظيم وخطاب البغدادي ذاته في جامع النوري عام 2014 يرى اختلافًا واضحًا في عدم استخدام المسألة الطائفية السنية ـ الشيعية كما حصل سابقًا

بهذا الصدد يقول الخبير البياتي إن "الغاية من الخطاب هي إعطاء دافعًا معنويًا لمقاتليه، وقد تظهر آثاره خلال الأيام المقبلة".

 

اقرأ/ي أيضًا: 

البغدادي يتحدى الدول الغربية بتسجيل مصور.. هل يعود التنظيم من جديد؟

عبادة الموت الأمريكية.. نسخة ترامب من "خلافة" البغدادي