مع اختتام الاتحاد البرلمان العربي، قبل يومين، مؤتمره الطارئ بشأن الأحداث المتفاقمة في غزة إثر الممارسات الدموية للكيان الإسرائيلي المحتل ضد الشعب الفلسطيني، بدعوة من العراق، وخرج بجملة قرارات وتوصيات، أبرزها تقديم بند طارئ يتضمن "وقف الحرب على غزه وإيقاف انتهاكات حقوق الإنسان"، يتساءل عديدون عن جدوى هذه الاجتماعات على الأرض في ظل العدوان المتواصل على غزة ولليوم الرابع عشر.
يرى مراقبون أن البرلمانات تمثل الأنظمة التي نشأت فيها
الأكاديمي والباحث العراقي، عقيل عباس، علّق على فحوى البيان الختامي لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي في بغداد بشأن الأوضاع في غزة، معتبرًا أنّ "لا قيمة مؤثرة في بيانات مختلف الجهات العربية بهذا الصدد".
ويقول عباس، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "البيانات بعد وقوع الأحداث في فلسطين أصبحت مكررة، والموقف العربي غير موحد حول القضية الفلسطينية رغم كل ما يقال في الإعلام"، مبينًا أنّ "الموقف العربي أساسًا لا يعرف ما هو المطلوب بالضبط بخصوص فلسطين، وكيف يحل الخلاف بين السلطة وحماس".
وأضاف أنّ "الجانب العربي غير مؤهل أيضًا لمساعدة الفلسطينيين بعيدًا عن قضية القتال ضد إسرائيل، بل حتى بمسألة ترتيب ما هو داخل البيت الفلسطيني"، مبينًا أنّ "الجميع يعرف بعدم وجود نية أو رغبة على مواجهة إسرائيل، بل يعهد الأمر إلى الخطابة والبلاغة المعتادة منذ 40 إلى 50 عامًا، ولذلك فما معلن هو تسجيل المواقف فقط ولن يكون لها أي أثر يذكر".
بدوره، قال الأكاديمي ورئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، إنّ "البيان الختامي لاجتماع الاتحاد البرلماني العربي في بغداد حول أوضاع غزة جاء نتيجة لانعقاد سريع ويحسب لهذه المؤسسة على اعتبار حجم المأساة الحاصلة والقلق من توسع دائرة الصراع، معتبرًا أنّ "ما يجري هو قضية عربية بالنهاية وتمثل ركنًا أساسيًا لكثير من الدول".
وأضاف الشمري لـ"ألترا عراق"، أنّ "البرلمانات العربية أرادت إيصال رسالة رسمية من شعوبها إلى المجتمع الغربي والولايات المتحدة الأمريكية، حتى إسرائيل بالتحديد على وجود تضامن رسمي مع الشعب الفلسطيني وقضيته"، مبينًا أنّ "البيان الختامي تعامل مع الأوضاع في فلسطين كسابق الأوضاع، لكن بحكم وجود المستجدات ومسار يمضي نحو حرب شاملة قد يكون اختلف إلى حد ما".
وبالنسبة للشمري، فإنّه بـ"السياق العام، فالبرلمانات تكون مؤثرة على الحكومات وقد لا تمتلك قرار الحرب، لكنها تعمل ضمن جزء دعم أي إجراء يمكن الإقدام عليه حكومات الدول العربية"، مضيفًا أنّ "الفعل الأكبر إزاء القضية الفلسطينية هو بيد الحكومات".
ويرى الشمري أنّ "البرلمانات أنجزت ما عليها بإصدار ما تريد قوله في بيانها، كما أنّ بعض الحكومات ذات المساس المباشر بالحكومة الفلسطينية تعمل بدور كبير مثل الأردن ومصر لوقف تمدد الصراع، بالإضافة لدول تعمل على حلول التهدئة وأخذ الحرب نحو مسار المفاوضات مثل السعودية، ودول كالعراق ولبنان تصطف ضمن جغرافية الحرب نتيجة المواقف المتخذة".
ولفت الأكاديمي إلى أنّ "الحاصل هو تباين وتكامل للأدوار بين الحكومات بشأن القضية الفلسطينية وتطوراتها، ولا يمكن أن نشهد موقفًا واحدًا، فلكل دولة رؤيتها خصوصها مع الفشل الكبير جدًا لجامعة الدول العربية، ولهذا فالعمل اقتصر على مبادرات من الدول المعنية".
وفي الأثناء، يرى الكاتب والمحلل السياسي، نظير الكندوري، البيان الختامي للاتحاد البرلماني العربي في اجتماع بغداد حول الأوضاع في غزة، يعد موقفًا لا يلبي طموح المتعاطفين والمساندين، مشيرًا إلى أن "هذه البرلمانات تمثل الأنظمة التي نشأت فيها".
ويقول الكندوري لـ"ألترا عراق"، إنّ "الشعوب العربية أو من يتعاطف مع ما يحصل في فلسطين، كانوا يرجون الكثير من مواقف البرلمانات حول القضية الفلسطينية"، مبينًا أنّ "أغلب البرلمانات التي اجتمعت لم تصل إلى درجة تمثيلها لشعوبها بطريقة ديمقراطية لأنه من النادر إيجاد ديمقراطية حقيقية في هذه البلدان".
قال مراقبون إن الحكومات العربية غير معبرة عن مشاعر المواطنين العرب وتفاعلهم الشديد مع ما يحصل من مآس في غزة
وبالنسبة للكندوري، فإنّ "البرلمانات التي اجتمعت أغلبها لا تمثل الشعوب العربية، بل الأنظمة التي يعيشون فيها، وبالتالي فمواقفها تعد ترجمة لتلك الأنظمة"، مضيفًا أنّ "هذه البرلمانات لو كانت فعلًا تمثل شعوبها لخرجت بياناتها بصورة أكثر قوة وفاعلية لتفرض على أنظمتها وحكوماتها بالدول المطبعة قطع العلاقات مع الكيان الصهيوني واتخاذ إجراءات أكثر قوة في حكومات وأنظمة الدول غير المطبعة".
والحال ـ والكلام للكندوري ـ لا يسر "المواطن العربي إزاء مواقف الحكومات تجاه فلسطين، التي كان بإمكانها فعل أشياء كثيرة تضغط من خلالها وليس على الكيان الصهيوني فقط بل داعميه أيضًا"، مستدركا بالقول: "لكن تلك الحكومات لم تفعل ذلك أو تتجرأ على فعله، وبذلك فهي غير معبرة عن كل المشاعر والرغبات بنفوس المواطنين العرب وتفاعلهم الشديد مع ما يحصل من مآس في غزة بالتحديد، وفلسطين بشكل عام".
ورأى المحلل السياسي، علي فضل الله، أنّ الحكومات والبرلمانات العربية بكل مسمياتها واجتماعاتها وعلى مدى التاريخ لم ترتق لمستوى 10 % في التحدي والتضامن مع القضية الفلسطينية.
ويقول فضل الله لـ"ألترا عراق"، إنّ "الوضع الحالي يشهد تعويلًا على وجود مواقف شجاعة للبرلمانات والحكومات تجاه ما يحصل في فلسطين من مأساة"، مشيرًا إلى أنّ "المجازر التي وقعت في غزة يندى لها الجبين، بينما الموقف العربي جبان وخجول".
وأشار إلى أنّ "كل ما يصدر الآن من الدول العربية كمواقف فقط يصب بمصلحة الكيان الصهيوني ويؤذي الشعب الفلسطيني"، معتبرًا أنّ "ما حصل في اجتماع الاتحاد البرلماني العربي في بغداد وبيانه الختامي مخجل ولا يرتقي لمستوى الأحداث".