ألترا عراق - فريق التحرير
على الرغم من إلغاء قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية بشكل عملي، بعد قرار المحكمة الاتحادية في إيضاح صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، عاد الجدل مجددًا حول القانون بفعل إعادة طرحه من قبل مجلس النواب.
المشكلة لن تكون في تشريع قانون الأمن الغذائي الجديد من قبل مجلس النواب بل عند إقراره
وتعتزم اللجنة المالية النيابية تقديم مسودة القانون في جلسة البرلمان التي تصادف يوم الخميس المقبل، 19 أيار/مايو، فيما طرحت الأسئلة من قبل سياسيين ومراقبين عن اختلاف القانون السابق عن الحالي، وإمكانية تمريره خلافًا للقانون السابق.
ولجأ البرلمان إلى الوسيلة الثانية بإقراره من خلال الفقرة الثانية من المادة 60، التي تتيح لعشرة نواب أو لجنة متخصصة اقتراح قوانين، وبالتالي تدارك مشكلة من صلاحيات حكومة تصريف الأعمال، خصوصًا وأن أعضاء مجلس النواب مصوّت عليهم.
وقالت الحكومة إنها "نسقت مع مجلس النواب لاستخدام صلاحياته في إقرار قانون الأمن الغذائي"، مبينةً على لسان المتحدث باسم مجلس الوزراء، حسن ناظم، أنّ "العراق يواجه تحديات كبيرة في قطاع الكهرباء وتوفيرها بحاجة إلى تخصيصات مالية"، الذي أشار أيضًا إلى "زيادة في حصة العراق من استخراج النفط ولا بدّ من إقرار تكاليفها في موازنة خاصة".
ولا يمكن للحكومة تقديم مقترحات سيادية لأنها حكومة تصريف أعمال يومية، كما أكدت المحكمة الاتحادية وخبراء قانونيون، ما جعل البرلمان يعتمد على الفقرة المذكورة، التي "هي من حيث الآلية موافقة للدستور"، بحسب الخبير القانوني علي التمر.
وقالت المحكمة في قرارها إنه "لا يحق لحكومة تصريف الأعمال اقتراح مشاريع القوانين أو عقد القروض أو التعيين بالمناصب العليا للدولة أو الإعفاء أو إعادة هيكلة الوزارات".
الإشكالية بالإقرار
ولا يبدو حتى الآن وجود اختلاف كبير بين قانون الأمن الغذائي الملغى، وبين الذي أُعيد الحديث عنه مؤخرًا، خصوصًا وأن "اللجنة المالية عقدت 25 جلسة إلى أن وصلت إلى مسودة قانون الأمن الغذائي"، قبل أن "يتعرض للتعطيل السياسي وفق الدعوى التي رفعها رئيس الجمهورية برهم صالح"، بحسب عضوة اللجنة إخلاص الدليمي.
ويقول عضو المالية النيابية الآخر، سجاد السالم إنّ "المسودة هي نفسها، لكن آلية اقتراح القانون اختلفت، فالأول كان من اقتراح الحكومة واللجنة المالية عملت عليه وتغير كثيرًا، والقانون الثاني تبنته اللجنة المالية وستعرضه على التصويت".
وأعلن النائب الأول لرئيس مجلس النواب حاكم الزاملي، أن القانون "ستتم قراءته قراءة أولى من قبل مجلس النواب والتصويت عليه وتحويله للتنفيذ من قبل الحكومة"، مبينًا أنّ "مسودة القانون يخص المواطن وشريحة الرعاية الاجتماعية وصرف حقوق الفلاحين ورصد مبلغ إلى وزارة الكهرباء لتسديد الديون واستيراد الغاز ".
أما المشكلة المتوقعة بحسب خبراء قانونيين، لن تكون في تشريع قانون الأمن الغذائي الجديد من قبل مجلس النواب، الذي يمتلك الصلاحية، بل عند إقرار المشروع.
ويرى الخبير القانوني علي التمر في حديث تلفزيوني تابعه "ألترا عراق"، أن "المحكمة الاتحادية ستخرج من المشروع إلى الإقرار وبالتالي سيكون لها رأي مخالف عند مناقشة أصل الإقرار وليس أصل المشروع".
وإنْ صوّت أعضاء البرلمان على القانون "سترى المحكمة إنه لا وجود لحكومة مُقرَّة، فبالإمكان أن تلغي القانون بعد إقراره"، بحسب التمر، الذي أشار أيضًا إلى "شبهات حول القانون والإصرار على سنّه بحسب كثير من النواب الذي تحدثوا عن جنبة فساد وعدم شفافية، بوجود 25 تريليون دينار، وهو مبلغ ليس بالهين".
ويؤكد التمر أن "إقرار المبلغ المذكور في القانون يجب أن يُصار إلى حكومة رصينة تم انتخابها، وإلا فمن الذي يُطبق القانون؟"، وهو نقاش يتوقع الخبير أن يطرح في المحكمة.
ما الحل؟
ويحمّل الخبير القانوني مسؤولية الإشكالية الحالية على مجلس النواب والكتل السياسية المتناكفة، لأنه "لم ينتخب حكومة"، وليس المحكمة التي "طبقت القانون تطبيقًا حرفيًا حسب الدستور"،
ويقول التمر إن "المحكمة الاتحادية لو اتخذت قرارًا مخالفًا لهذا القرار - أي إلغاء قانون الدعم الطارئ للأمن الغذائي والتنمية - لكنا أشكلنا عليها لعدم التزامها بنصوص الدستور".
وفي حال ألغت المحكمة الاتحادية القانون مجددًا، ستكون الحكومة مكلفة بتفاصيل إدارية يومية فحسب، خصوصًا مع "اعتزام أعضاء في مجلس النواب وتحديدًا من المستقلين، التصدي لأي مقترح قانون من دون تشكيل الحكومة"، وهو "حقهم الدستوري" بحسب التمر.
أما عن الحلول، يرى الخبير القانوني أن الحل سيكون من "المادة 64 وإمكانية رئيس الجمهورية أو ثلث أعضاء مجلس النواب حل البرلمان وإعادة تشكيل الحكومة خلال مدة 60 يومًا، وتبقى الحكومة التنفيذية لإدارة تصريف الأعمال وإدارة مؤسسات الدولة اليومية"، مؤكدًا من جديد أن "المحكمة الاتحادية هي الفاصل ولا يمكن تجاوزها للنصوص الدستورية".
وكانت المحكمة الاتحادية أشارت إلى "عدم إمكانية ممارسة الرقابة البرلمانية عليها لأنها تصبح رقابة مجردة من سلطة العقاب"، وبيّنت أن "سحب الثقة من حكومة لا تمتلك الثقة (لم تنتخب من مجلس النواب الحالي) يصبح عديم الفائدة".