بدأتها ساحة التحرير، التي كانت تستعد لجولة جديدة من التظاهرات في الخامس والعشرين من تشرين الأول/أكتوبر 2020، الذكرى السنوية لانطلاق الاعتصامات التي أسقطت حكومة عادل عبد المهدي وانتهت عمليًا بعد تفشي جائحة كورونا والتصادم مع التيار الصدري، لكن الخيام بقيت في الساحة حتى موعد الذكرى الذي حمل معه اضطرابات كبيرة بين متظاهرين والقوات الأمنية، اتهم فيها متظاهرون أطرافًا أخرى بالاندساس والتعدي على أفراد الأمن، وعليه، أعلن جمعٌ ممن تبقى من معتصمي ساحة التحرير انسحابهم، وتحدثت قيادات أمنية عن اتفاق مع متظاهرين على فتح الساحة أمام حركة السيارات، وبالفعل، بعد أيام قليلة من ذكرى الاعتصام، رُفعت الصبات، وأُزيلت جميع الخيام، ومعها مظاهر الاعتصام، عدا الصور وبعض العبارات التي خطّها المتظاهرون، لتُفتح الساحة بعد أكثر من عام وكذلك جسر الجمهورية والسنك والمناطق المحيطة بالساحة.
بقيت خيام المعتصمين في ساحة التحرير حتى موعد الذكرى الأولى للاحتجاجات والذي حمل معه اضطرابات كبيرة بين متظاهرين والقوات الأمنية
حملة فتح الساحات التي بدأتها العاصمة بغداد، مركز الثقل في التظاهرات كافة، التي يُسلّط عليها ضوء وسائل الإعلام وتراقبها مجسات السلطات والأحزاب وكذلك الخارج، ورافقتها حملات اعتقال لناشطين، انتقلت هذه فورًا وفي اليوم ذاته إلى محافظة البصرة، بتوجيه محافظها أسعد العيداني بفتح الطرق المؤدية إلى ديوان المحافظة قرب ساحة البحرية، ساحة الاحتجاج في البصرة.
اقرأ/ي أيضًا: وقفة في نفق التحرير: هل انتهت الانتفاضة؟
بعد أكثر من أسبوعين، في السابع عشر من تشرين الثاني/نوفمبر افتتحت القوات الأمنية ساحة الصدرين، مركز الاحتجاجات في محافظة النظاهر بعد تأمينها بجدار كونكريتي، لتفتح الطرق أمام حركة السيارات.
وكانت الساحة قد شهدت في ذروة نهاية الاحتجاجات قبل تفشي كورونا، صدامات مع عناصر من التيار الصدري راح ضحيتها متظاهرون نتيجة استخدام الرصاص الحي، واكتسبت أهمية معينة بين الساحات بعد تلك الحادثة.
قبل بغداد والبصرة والنجف، بادر متظاهرو الديوانية بفتح ساحة "الساعة" مركز الاعتصام في 19 آب/ أغسطس 2020، بعد عشرة أشهر على إغلاقها، تزامنًا مع بدء شهر محرم وشعائره تسهيلًا لحركة السير وتجنبًا للزحامات، وذلك للشهر المذكور فقط، ثم عاود المتظاهرون في 5 أيلول/سبتمبر إغلاق الساحة بعد انتهاء مراسيم عاشوراء.
بعد النجف بعشرة أيام، أعلنت القوات الأمنية فتح الطريق المؤدي إلى ساحة التظاهر في محافظة ميسان، وذلك بعد رفع الخيام التي نصبها المتظاهرون أواخر شهر تشرين الأول العام الماضي، باتفاق مع المتظاهرين.
واسط.. فض بالإحراق!
في اليوم ذاته، أعلنت قيادة شرطة محافظة واسط فتح الشارع المؤدي الى ساحة التظاهر "بعد اتفاق مبرم بين مديريتنا ومجموعة من منسقي التظاهرات، وكذلك لدرء فتنة كادت تحصل يوم أمس"، ذلك في 28 تشرين الثاني/نوفمبر 2020.
شهدت المحافظة قبل هذا الإعلان صدامات عنيفة أدت إلى سقوط قتلى وجرحى في صفوف المتظاهرين ما دفع القوات الأمنية إلى فرض حظر للتجوال. وتناولت وسائل إعلام خبرًا عن قيام شاب بحرق نفسه في الساحة توفى على اثرها بعد 4 أيام، لكن المتظاهر محمد عباس، نفى في حديث لـ"ألترا عراق" حادثة الانتحار، مشيرًا إلى أن "الشاب البالغ من العمر 26 عامًا تم إحراقه بفعل فاعل، وقد ذكر ذلك لأصدقائه قبل وفاته في المستشفى".
وحول وضع الساحة في الوقت الحالي، يقول عباس إن الخيام أُزيلت، وما بقي منها هو "خيمة مركزية واحدة، والشارع مفتوح، لكن مبنى المحافظة بقي مسدودًا، والمحافظ يمارس عمله من منطقة الحي".
الناصرية.. نهاية دموية كالعادة
قبل يوم من أحداث واسط، وبناءً على دعوة زعيم التيار الصدري لإقامة تظاهرة وصلاة الجمعة في بغداد والمحافظات، توافد أنصار التيار الصدري إلى ساحة الحبوبي وسط الناصرية مع تواجد المتظاهرين مسبقًا هنا، وحدثت صدامات عنيفة وإطلاق رصاص حي راح ضحيته العشرات بين قتلى وجرحى، فرضت على أثره القيادات الأمنية حظرًا للتجوال.
بعد الحادثة، أُزيلت الخيام بواسطة ما يطلق عليه في العراق "شفل" من ساحة الحبوبي، ولم تصدر أي ردة فعل من القوات الأمنية، أو تصريحات من الوزراء الأمنيين، لكن رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي أمر بإعفاء قائد شرطة ذي قار حازم الوائلي من منصبه.
أعاد المتظاهرون نصب الخيام في اليوم التالي كنوع من التحدي، في ساحة كانت إحدى الأسباب الرئيسة في إزاحة عادل عبد المهدي من السلطة، بعد المجزرة التي حدثت قبل يوم من إعلان استقالته من منصبه، فأصبحت الحبوبي أيقونة للصمود كما يصفها متظاهرون.
في 15 كانون الأول/ديسمبر 2020، أعلن رئيس وفد فريق أزمة الطوارئ الذي أرسله الكاظمي إلى ذي قار، مستشار الأمن القومي قاسم الأعرجي إعادة افتتاح ساحة الحبوبي رسميًا، شاكرًا من "اتخذ قرار فض الاعتصام احترامًا لدماء الشهداء وأصحاب المحال التجارية"، لتُفتح الساحة بعد أكثر من سنة على إغلاقها من قبل المعتصمين.
كربلاء.. آخر المنسحبين
بعد الناصرية، بدا الاعتصام مفروغًا من محتواه. جدد متظاهرو مدينة كربلاء احتجاجاتهم مستنكرين استمرار عمليات الاغتيال التي تطال ناشطين، ونظم المحتجون مسيرة ومهرجانًا شعريًا سبقه تنظيف ساحة الأحرار مركز الاعتصام وغسلها وصبغ أرصفتها معلنين رفع آخر خيمة في فلكة التربية بعد إيقاد الشموع ترحمًا على ضحايا التظاهرات.
بدأت الحملة التطوعية منذ ساعات الصباح الأولى واستمرت حتى العصر، بجهود ذاتية من لشباب كربلاء بما يقارب 40 متطوعًا، وبالتعاون مع معتصمي ساحة الأحرار، بحسب الناشط أنور العراقي، مؤكدة على "استمرار ثورة تشرين حتى تحقيق آخر المطالب ومحاسبة قتلة المتظاهرين".
أعلن محتجون ختام الاعتصام في كربلاء، لتكون آخر المحافظات التي تعلن انتهاء الاعتصامات التي انطلقت منذ عام وشهرين تقريبًا
وأشار العراقي في حديث لـ"ألترا عراق" إلى "استنكار الفعالية التي نظموها للإهمال الحكومي لما يتعرض له الناشطون من اغتيال وترهيب وقمع"، وأكدت الحملة على "ما حققته ثورة تشرين الخالدة من انتصارات"، لكنها أعلنت "ختام الاعتصام في ساحة الأحرار"، لتكون آخر المحافظات التي تعلن انتهاء الاعتصامات التي انطلقت منذ عام وشهرين تقريبًا.
اقرأ/ي أيضًا: