ألترا عراق ـ فريق التحرير
ينتظر العراقيون يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر، ويحشدون له، مع استمرار السلطة بالاستنفار، في وقت يراقب العالم ويترقب موعد الجولة الثانية من التظاهرات التي انطلقت في أول الشهر، وهي التظاهرة التي قال ناشطون عنها إنها ستكون "يوم القصاص من القنّاص"، للمطالبة بدماء الشباب الذين سقطوا في الاحتجاجات قبل أكثر من أسبوع.
شهدت الاحتجاجات في الأسبوع الأول من هذا الشهر أسبوعًا خانقًا بالغازات المسيلة للدموع وما أن انجلت الغبرة حتى اكتشف العالم جريان الدماء فيها
كانت التظاهرات الأولى قد شهدت أسبوعًا خانقًا قاتلًا غطي بالدخان والرصاص وجريان الدماء، وما انجلت الغبرة حتى تبين سقوط أكثر من 100 قتيل وآلاف الجرحى، وعشرات المغيبين، قبل أن تتفرق حشود المتظاهرين بالمطاردات والاعتقالات، مع حجب لخدمة الإنترنت تلاها حظر للتجوال بمختلف أنحاء البلاد، لكنها من المرتقب أن تعود للخروج بزخم مضاف من زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوم الجمعة المصادف 25 تشرين الأول/أكتوبر 2019.
في بابل.. القمع المفضوح لن يخيف المطالبين بالحقوق
شهدت محافظة بابل خلال الأسبوع الأول من التظاهرات الأخيرة، احتجاجات واسعة قوبلت بقمع ودخان لم يمنع المحتجين من إحراق مبنى مجلس المحافظة، انتهت بسقوط قتيل واحد و98 جريحًا، بحسب مفوضية حقوق الإنسان في العراق.
اقرأ/ي أيضًا: أبو زينب اللامي.. "جزار المتظاهرين" أم "كبش فداء" الحشد الشعبي؟!
يقول الناشط بمحافظة بابل، علي ماجد لـ"ألترا عراق"، إن "الأهالي في الأقضية والنواحي بعموم المحافظة، يستعدون لمشاركة واسعة يوم 25 رغم كمية الاعتقالات والمضايقات التي ما زالت تحدث منذ التظاهرة الأولى، والتي اشتدت في الأيام التي تلتها"، مبينًا أن "مطلب الجماهير الوحيدة، إسقاط النظام الحالي"، بحسب تعبيره.
عمليات الاعتقال والقتل، والتي أكدها المقطع الصوتي المسرّب لرئيس مجلس محافظة بابل، رعد الجبوري، وهو يحث القوات الأمنية على قمع المتظاهرين، زادت من نقمة أهالي بابل على السلطة التي تحكم المحافظات والبلد بشكل عام، بحسب ماجد.
كان ناشطون بمواقع التواصل الاجتماعي، قد تداولوا مقطعًا صوتيًا مسربًا منسوبًا إلى الجبوري تضمن تشديد الأخير على القوات الأمنية بضرب المتظاهرين ورشهم بالماء الحار لتفريقهم، فضلًا عن الإيعاز باعتقالهم. تسريب نفاه الجبوري جملًة وتفصيلًا، لكن الأهالي في بابل متأكدون من صحته تمامًا، يقول الناشط علي ماجد.
في كربلاء.. التحشيد بالكتمان خلاص من الاعتقال
بمستويات غير مسبوقة من القمع ومهاجمة المتظاهرين السلميين بالهراوات، فضلًا عن حملات الاعتقال، تمكنت السطات في كربلاء من إخماد أصوات المتظاهرين المطالبين بالإصلاح، في الاحتجاجات الأخيرة، لكن الجمهور الكربلائي يستعد لرد الاعتبار والخروج بتظاهرة كبيرة أمام مبنى الحكومة في اليوم المقرر 25 من الشهر الجاري، على الرغم من حملات الاعتقال شبه اليومية، بحسب ناشطين في المحافظة.
يقول الناشط حسين علي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "جمهور كربلاء يستعد ليوم 25 للخروج بتظاهرة كبيرة سلمية مطالبة بالإصلاح الشامل في الحكومة، وتأكيدًا أن كربلاء حاضرة بمطالب الإصلاح بقوة، رغم القمع الممنهج للسلطة، والتضييق على الناشطين، وكتم الحريات الذي جرى خلال التظاهرات الأخيرة وما يزال مستمرًا".
زرعت السلطات في محافظة كربلاء عناصرها في المقاهي وملتقيات الشباب لملاحقة من يستعد للتظاهرة المرتقبة في يوم 25 تشرين الأول
أضاف علي أن "التحشيد للتظاهرة المرتقبة يجري الآن بشكل حذر جدًا، خاصة وأن السلطات زرعت عناصرها في المقاهي وملتقيات الشباب لملاحقة من يستعد للتظاهرة، ومعرفة من يقف خلفها"، مبينًا أن "أغلب التجمعات والحوارات تجري بموقع فيسبوك، خوفًا من الاعتقال".
اقرأ/ي أيضًا: من غرفة "قمع" التظاهرات: 4 جهات رسمية تقاسمت أدوار القتل.. و"قناصة اللواء 57"!
وتابع الناشط في محافظة كربلاء، أن "التحشيد الحقيقي سيبدأ في هذه الأيام بعد اكتمال مراسيم الزيارة الأربعينية، وسنباغت السلطات بحشد سلمي غفير أمام مقر الحكومة المحلية، في منطقة العباسية وسط كربلاء".
الديوانية تتحدى الملاحقة.. دعوات علنية بدعم العشائر
تعج مواقع التواصل الاجتماعي وأماكن تجمعات الشباب، في الديوانية، بدعوات الخروج والمشاركة في التظاهرات المنتظرة مشحونة بتحدي حملات الاعتقال ومخاوف الملاحقة، في المحافظة التي انتهت تظاهراتها الأخيرة بمقتل تسعة محتجين وإصابة 204 آخرين بجروح مختلفة، بعد صدامات عنيفة مع قوات مكافحة الشغب، التي بادرت بمحاولة تفريق المتظاهرين في الساعات الأولى للاحتجاج.
يؤكد الناشط في التظاهرات، مؤيد الحسيني في حديث لـ"ألترا عراق"، أن "الاحتجاجات التي لم يعلن عن قياداتها أو حتى تنسيقيتها، تشهد تحشيدًا كثيفًا في الديوانية، على يد أغلب الشباب المشاركين في تظاهرات الأول من تشرين الأول/أكتوبر الجاري، والتي استمرت في المحافظة لسبعة أيام دامية".
النقابات والاتحادات المدنية، وعلى خلاف التظاهرات الأخيرة، اخذت تدعو وتعبر عن عزمها المشاركة بشكل واسع في التظاهرات المرتقبة يوم الجمعة المقبلة، بحسب الحسيني الذي لفت إلى أن "الزخم الكبير الذي تتلقاه التظاهرات المقبلة، شحن الشباب على الدعوات لها بشكل علني غير آبهين لحملات الملاحقة والاعتقال التي تنتهجها السلطة للتقليل من أثر النشطاء وبث الخوف واليأس وعدم الجدوى في نفوس المتظاهرين".
برغم الملاحقة والأيام الدامية التي شهدتها محافظة الديوانية لكن التحشيد يستمر لتظاهرات يوم 25 وهو الأمر نفسه في الناصرية التي بلغ ضحايا التظاهرات فيها 21 محتجًا
تابع أن "عددًا من شيوخ العشائر ووجهاء المحافظة، عبروا عن غضبهم من الأحداث التي رافقت التظاهرات الأخيرة، وما تخللها من قتل وتعدٍ على المتظاهرين العزل، وما تبعه من إجراءات حكومية، اعتبروها إهانة، دفعت أغلبهم إلى الاستعداد للمشاركة مع الشباب في التظاهرات المقبلة".
الناصرية تتأهب وترفض "دية الحكومة" عن أبنائها
احتلت مدينة الناصرية، مركز محافظة ذي قار، المرتبة الثانية بعدد ضحايا التظاهرات الأخيرة، بحصيلة بلغت 21 متظاهرًا، وإصابة نحو 500 آخرين، بعد العاصمة بغداد التي شهدت 63 قتيلًا وإصابة أكثر من 2500 شخصًا.
اقرأ/ي أيضًا: عداد الموت.. حصيلة انتهاكات السلطات العراقية لحقوق الإنسان خلال انتفاضة تشرين
كانت تظاهرات الناصرية هادئة سلمية بامتياز، قبل أن تواجه بقمع مزدوج، من القوات الأمنية وحمايات مقرّات الأحزاب السياسية، والتي دفعت المحتجين بعد وقوع الضحية الثالثة، إلى إحراق مقرات حزب الدعوة، والمجلس الأعلى، والحزب الشيوعي، ومقر تيار الحكمة الوطني، واستمرت سلسلة الحرائق حتى وصلت مقر كتلة بدر، برئاسة هادي العامري.
يقول الناشط، يوسف الزيرجاوي، أن "تظاهرات الناصرية ستكون الأكبر في مركز المدينة، خاصة بعد عزم جمهور التيار الصدري على المشاركة، إضافة إلى شيوخ عشائر (آل زياد) و(حجام) و (البدور) وقبائل أخرى وعدت بالنزول إلى ساحة الحبوبي للمطالبة بالكشف عن قتلة المتظاهرين وإسقاط الحكومة، وحماية أبنائهم المتظاهرين من القمع المميت".
لكن المدينة تشهد استعدادات أمنية كبيرة، بينها التشديد على مداخل ومخارج الناصرية، فضلًا عن نشر قوات حفظ الأمن بالقرب من المباني الحكومية ومقرات الأحزاب، بحسب الزيرجاوي، الذي لمح إلى أن "المتظاهرين لديهم غضب كبير بسبب استهدافهم بالرصاص الحي وقتل الشباب بينهم".
وكشف عن "إرسال الحكومة وفدًا إلى عوائل الضحايا، عرضت عليهم 100 ألف دولار مقابل عدم التصعيد ضد الحكومة في التظاهرات المرتقبة، مستدركًا "لكن العوائل رفضت ذلك وتسمكت بإصرارها في الكشف عن القتلة والقصاص من الحكومة باستقالتها على خلفية إزهاق الأرواح وضرب الشباب بالرصاص الحي".
أرسلت الحكومة وفدًا إلى عوائل الضحايا في الناصرية وعرضت عليهم 100 ألف دولار مقابل عدم التصعيد في التظاهرات المرتقبة لكن العوائل رفضوا وتمسكوا بإصرارهم بالكشف عن القتلة
كان زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، قد أصدر بيانًا بشأن التظاهرات التي من المقرّر انطلاقها يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر المقبل، فيما لفت إلى أن كل السياسيين والحكوميين يعيشون في حالة رعب و"هيستيريا" من المد الشعبي ولا حلول لديهم، مشيرًا إلى أنهم، كلهم، سلّموا أنفسهم لـ"خارج الحدود"، في وقت يتواصل التحشيد لتظاهرات كبيرة، بمختلف محافظات البلاد، أبرزها العاصمة بغداد، تكريمًا لدماء الضحايا الذين سقطوا خلال الأسبوع الأول من الشهر الجاري في الاحتجاجات، مع استمرار بحملات المطاردة والاعتقال التي تطال صحافيين وناشطين، منذ أكثر من أسبوع.
اقرأ/ي أيضًا:
متظاهرون يعاملون كـ"داعش".. ماذا تعرف عن "البو عزيزي" في واسط؟