30-مارس-2021

ضرر التأخير "يفوق" آثار سعر الدولار (فيسبوك)

ألترا عراق ـ فريق التحرير

لم يعُد ما وصف بـ"مسلسل تعطيل الموازنة" وبطله الرئيسي أمرًا سريًا، بعد أن تكشفت الأوراق بالتلميح والتصريح بعيدًا عن المبرّرات المعلنة، وأهمها مسألة استعادة التسعيرة السابقة للدولار "خشيةً" من تضرر المواطنين، في الوقت الذي يُلحقُ تعطيل الموازنة وتأخيرها أضرارًا بالمواطنين تفوق تلك التي يتسبب بها سعر الدولار كما يرى مختصون في الاقتصاد.

تصر الأجنحة السياسية للفصائل المسلحة على تغيير تسعيرة الدولار وسط اتفاق خبراء الاقتصاد على صعوبة إحداث أي تلاعب جديد فضلًا عن الآثار الجسيمة على مستوى الاقتصاد العراقي

وبينما كانت بعض الكتل، ولا سيما المنضوية تحت تحالف الفتح، والمقربة من الفصائل المسلحة تحمّل الكتل الكردية مسؤولية تأخير إقرار الموازنة بفعل عدم التوصل لاتفاق يخص مستحقات الإقليم وواجباته تجاه الحكومة المركزية، يأتي نفي الكتل الكردية وتصريحات الكتل الكبرى الأخرى فضلًا عن اللجنة المالية، مناقضة لما يتم ترويجه، متحدثةً عن أسباب عديدة تقف وراء تأخير إقرار الموازنة أوسع من مسألة استحقاقات الإقليم، لتشير المعطيات بشكلٍ أو بآخر، إلى وقوف "كتل الفصائل" بشكل مباشر وراء تأخير إقرار الموازنة.

كتل الفصائل تضع الشروط.. أهداف "تناغم" مصالح الخارج

في الوقت ذاته، كانت "كتل الفصائل" أكثر مَن وضع شروطًا مقابل الموافقة على حضور الجلسات وإقرار الموازنة، وعلى رأس تلك الشروط مسألة إرجاع السعر السابق للدولار، الأمر الذي تزامن مع استعراض مسلح لحركة "ربع الله" في شوارع العاصمة بغداد، والتي رفعت نفس الشروط التي تصر عليها "كتل الفصائل" وعلى رأسها تسعيرة الدولار.

اقرأ/ي أيضًا: مسلحو "ربع الله" في شوارع العاصمة: الداخلية تنأى بنفسها وعمليات بغداد لا تعلم

يأتي هذا الإصرار على تغيير تسعيرة الدولار، وسط اتفاق خبراء الاقتصاد على صعوبة إحداث تلاعب جديد بسعر الدولار، والتأثير السلبي على مستوى الاقتصاد العراقي، فضلًا عن التأثير الإيجابي للتسعيرة الجديدة على رفع احتياطي البنك المركزي، وتقليل تهريب العملة الصعبة ومنع استنزافها عبر مزاد بيع العملة وتهريبها للخارج، في مفارقة وضعها مراقبون في إطار استثمار مسألة تقليل الدولار انتخابيًا وحصد تأييد الشارع، مقابل ما قد يقدمه تقليل سعر الدولار من منافع لدول أخرى عبر تهريب العملة الصعبة، كما أشارت كتلة سائرون بشكل مباشر في بيان غاضب عقب فشل انعقاد جلسة التصويت على الموازنة للمرة الثانية يوم الأحد 28 آذار/مارس 2021.

وقالت كتلة سائرون في بيانها الذي تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، إنه "بعد أن كثر الضجيج من بعض الكتل والنواب في هذه الفترة، والذين ينتمون إلى جهات معروفة لدى الجميع حيث اتخذوا سياسة المزايدات الإعلامية بغية إيهام الرأي العام بالحرص على الشعب العراقي في وسائل الإعلام بمختلف أنواعها، ولكنهم في الحقيقة يجيدون ثقافة النفاق السياسي والاجتماعي وأنهم مجرد أبواق مأجورة وأدوات رخيصة تطبق أجندات لدول خارجية، لذلك التزمنا الصمت خشية التأثير على المصالح العُليا لوطننا الحبيب"، مضيفةً "أننا نقف في خندق الوطن نتحمل طعنات الذين يجيدون التدليس عندما تفضحهم كلمات الحقيقة".

"الفتك" بالاقتصاد العراقي لأجل ضرر بسيط للدولار!

وفي المحاولات المعلنة لـ"كتل الفصائل" لعرقلة ورفض إقرار الموازنة لأجل سعر الدولار "وإعانة الفقراء"، ترتكب هذه الكتل أضرارًا جسيمة بحق الاقتصاد العراقي عمومًا و"الفقراء" ذاتهم، الذين تضعهم الكتل حجّة لعدم إقرار الموازنة، كما يرى مختصون في الاقتصاد.

ويؤكد المنسق العام لشبكة الاقتصاديين العراقيين الدكتور بارق شبّر  في حديث لـ"ألترا عراق" أن الضرر الجسيم لتأخير الموازنة يفوق ضرر سعر الدولار على المواطنين، مشيرًا إلى أن "هذه الكتل تحاول تعطيل الموزانة لأسباب انتخابية، وبينما تدّعي  بأنها تدافع عن مصالح المواطنين لكنها في الحقيقة تدافع عن مصالحها ومصالح زبائنها، وخصوصًا شريحة الموظفين الميسورين الذين يتمتعون بمزايا خاصة على حساب كافة الشرائح الأخرى، وموظفي الدخل المحدود".

ويبيّن أن "الأضرار التي سببها تخفيض سعر صرف الدينار العراقي أمام العملات الأجنبية بما فيها الدولار، يمكن احتوائها من خلال تأسيس جمعيات تعاونية استهلاكية لكسر احتكار مستوردي المواد الغذائية والأدوية وبيعها للمواطنين بسعر الكلفة، وإلغاء  نظام البطاقة التموينية وتخصيص الأموال لدعم هذه الجمعيات التعاونية، بدلًا من تعليق مصير الموازنة بهذا الملف".

يقول خبراء في الاقتصاد إن الضرر الجسيم لتأخير الموازنة يفوق ضرر سعر الدولار على المواطنين

وحول الأضرار يبيّن شبّر أن "عدم تمرير الموازنة هذا العام يعني توقف الاستثمار في  المشاريع التنموية، والتي يمكن أن تولد فرص عمل لجيوش العاطلين عن العمل، كما كان الحال في العام الماضي، حيث بلغ الصرف الاستثماري 5 ترليون دينار فقط بالمقارنة مع 24 ترليون دينار فعلي في سنة 2019 مما فاقم مشكلة البطالة، وخصوصًا بين الشباب".

تفسيرات أخرى لتأخير الموازنة.. استهداف للكاظمي!

بالرغم من الأسباب المعلنة من قبل "كتل الفصائل" وراء رفض إقرار الموازنة، إلا أن أسبابًا أخرى تواترت في تصريحات أكثر من جهة وشخصية نيابية، تشير إلى وجود رغبة بإلغاء الموازنة تمامًا، وحرص على "إفشال حكومة الكاظمي" ومنع وجود أموال تحت يد حكومته، خصوصًا وأن عدم وجود موازنة يمنع الحكومة من المباشرة بالمشاريع المقرّر تنفيذها.

اقرأ/ي أيضًا: فشل جلسة الموازنة.. الصدر يحذر وبيان ناريّ من سائرون

وهذا ما قاله صراحة عضو اللجنة المالية جمال كوجر، في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق" أن "هناك إرادتين في الدولة العراقية، إرادة لا تريد للانتخابات أن تجرى ولا لهذه الحكومة أن تنجح، ولا أن تقر الموازنة ولديها 3 حجج، وهي شماعة حصة الإقليم، وسعر صرف الدينار العراقي، وعدم العدالة في التوزيع، وهذه كلها حجج وليست واقعًا وخلافًا حقيقيًا".

وبهذا المعنى، جاء تأكيد آخر من اللجنة القانونية عبر عضو اللجنة بهار محمود قائلةً إن "هناك عدة محاور لها آراء مختلفة حول الموزانة، إذ أن الكتل الشيعية ليست متفقة فيما بينها، فقسم منها تريد انتخابات مبكرة ولا تريد تمرير الموازنة حتى لا تكون وسيلة كدعاية انتخابية بيد رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي". 

هذه الجهة أو الكتل المقصودة التي بالرغم من عدم ذكر اسمها بشكل صريح إلا أن المعطيات تشير بشكل واضح إلى "كتل الفصائل"، التي تكشف تصريحات أحد أعضائها بشكل صريح عن رغبتها المتسقة مع تصريحات اللجنتين المالية والقانونية، عندما اتهم النائب عن تحالف الفتح حامد الموسوي، رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي بأنه "يحاول جعل الاقتصاد العراقي أسيرًا لاقتصاديات الدول الكبرى وفي مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية"، مشيرًا إلى أن "الكاظمي جاء ضمن هذه الصفقة". 

ووصل الأمر إلى المكاشفة الصريحة، عندما أضاف الموسوي في تصريحات متلفزة، أن "تحالف سائرون وتيار الحكمة يؤثران بشكل كبير على قرارات الكاظمي"، لتتضح الصورة بشكل واضح عن الموقف الصريح لـ"كتل الفصائل" تجاه الموازنة وعدم الرغبة بإقرارها، ووقوفها كمسؤول أول عن تأخير الموازنة للعام الحالي الذي شارف على انتهاء الربع الأول منه، وما ينتجه التأخير من تبعات سلبية ضخمة على الاقتصاد العراقي والمواطنين، وفقًا لعديدين. 

 

 

اقرأ/ي أيضًا: 

ثلاثة مليارات دولار يوميًا.. هل يتأثر العراق بأزمة قناة السويس؟

القناة الجافة على خرائط الصين.. من يعرقل المشروع في العراق؟