ألترا عراق ـ فريق التحرير
في 16 نيسان/ أبريل الجاري، أصدر رئيس الحكومة عادل عبد المهدي أمرًا ديوانيًا بتعيين القيادي في التيار الصدري حميد الغزي بمنصب الأمين العام لمجلس الوزراء، بدلًا عن مهدي العلاق الذي كان يُديره بالوكالة، ليصبح وفق قانون المجلس، حلقة وصل عبد المهدي بالوزارات وكافة الجهات غير المرتبطة بوزارة، ومسؤولًا عن متابعة تنفيذ قرارات الحكومة ويهيّئ لها مشاريع القوانين لإقرارها.
تعيين حميد الغزي جاء بالتزامن مع حديث عن عقد تحالفي "سائرون" و"الفتح" صفقة لتقاسم مئات المناصب التي كانت تُدار بالوكالة في الحكومات السابقة
تعيين الغزي جاء بالتزامن مع حديث عن عقد تحالفي "سائرون" و"الفتح" صفقة لتقاسم مئات المناصب التي كانت تُدار بالوكالة في الحكومات السابقة مُستغلين فقرة بالموازنة المالية لعام 2019، تُلزم الحكومة التي أديا دورًا كبيرًا في تشكيلها ومنحها ثقة البرلمان بإنهاء هذا النوع من آلية إدارة المناصب.
أبرز الاعتراضات السياسية التي قوبل بها تولي حميد الغزي لأمانة مجلس الوزراء، جاء من صلاح العرباوي، مدير مكتب زعيم تيار الحكمة عمار الحكيم، حيث اعتبره "مخالفًا للقانون"، كما رأى آخرون أنه يتناقض مع "الزهد" بالمناصب الذي أبداه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تعليقه على الجدل السياسي الذي أعقب إعلان نتائج الانتخابات النيابية الأخيرة بشأن الكُتلة الأكبر التي يحق لها تشكيل الحكومة، ومقولته المشهورة حينها "خذوا المكاسب والمناصب وخلّولي الوطن".
اقرأ/ي أيضًا: مستشارون بلا قانون يتكدسون في مكاتب فخمة.. ماذا يفعلون؟!
تحالف "سائرون" المدعوم من الصدر رد على ذلك بأن "عبد المهدي هو من قرّر تعيين الغزي أمينًا عامًا لمجلس الوزراء، وإليه فقط يجب أن توجه "الانتقادات"، فيما أكد رئيس التحالف حسن العاقولي على أن هذا الأمر لا علاقة له بتنازل تحالفه عن حصته في الوزارات لصالح شخصيات مُستقلة، حيث أن أمانة مجلس الوزراء "منصب إداري".
"مناطقي ويفضل الصدريين على سواهم"!
في محافظة ذي قار، حيث كان حميد الغزي رئيسًا لمجلس المحافظة للفترة من 5 آذار/مارس 2015 وحتى تعيينه بمنصبه الجديد، لم يكن هذا الخبر بالنسبة لمواطنين كُثر، سارًا أو يحمل أملًا سواء لمحافظتهم أو لعموم العراق، فهم يؤكدون عبر صفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، أن "ذي قار لم تشهد أي تحسّن في الخدمات خلال فترة رئاسة الغزي لحكومتها المحلية"، مشيرين إلى انتشار "طرق الموت" فيها وكثرة الحوادث المرورية القاتلة التي تقع عليها، والأخرى ذات السايد الواحد، فضلًا عن تردي بقية الخدمات.
إضافة إلى ذلك، يتهمه بعضهم بأنه تعامل بـ"مناطقية ونظرة حزبية" خلال فترة وجوده في منصبه بمجلس محافظة ذي قار وركّز الخدمات لمنطقة أهله وأعمامه وللشطرة تحديدًا، وهو ما أشار إليه مصدر رفض الكشف عن اسمه لأسباب تتعلق بوظيفته بالقول، إن "الغزي ترك مناطق سيد دخيل والإصلاح "تغرق" في فيضانات الأمطار، مُعاديًا الجبايش بعدم تحويلها إلى قضاء، مفضلًا المنتمين للتيار الصدري على سواهم من أبناء المحافظة"، الأمر الذي ينفيه بعض الصدريين، مؤكدين على أن "نفعه اقتصر على المقربين منه فقط ولم يشمل عامّة أبناء التيار".
أحد المنتقدين لتولي حميد الغزي منصب الأمين العام لأمانة مجلس الوزراء ذهب في حديثه لـ"ألترا عراق" إلى "اتهام رئيس الحكومة عادل عبد المهدي، المنحدر من ذي قار بـ"المناطقية" في تعيين الغزي وقبلها "قيامه" بمنح حق الإشراف على حقل صبة النفطي المشترك بين البصرة وذي قار للأخيرة بالكامل عندما كان وزيرًا للنفط في 2015".
هناك اتهامات لعادل عبد المهدي المنحدر من ذي قار بـ"المناطقية" في تعيين الغزي وقبلها قيامه بمنح حق الإشراف على حقل صبة النفطي المشترك بين البصرة وذي قار للأخيرة بالكامل عندما كان وزيرًا للنفط
وقتها، انتقد رئيس مجلس البصرة صباح البزوني القرار مؤكدًا أن "حقل صبة من الحقول المشتركة بين المحافظتين، ومنحه كاملًا لذي قار يمثل تجاوزًا على حقول البصرة النفطية"، ليرد عليه نظيره في ذي قار حميد الغزي بأن عليه "حماية نفط البصرة من الدول الخارجية بدلًا من المطالبة بهذا الحقل".
اقرأ/ي أيضًا: 20 قصة فساد.. كيف ضاعت 500 مليار دولار في العراق؟
في المقابل، يؤكد تحالف سائرون أن "تولي حميد الغزي لمنصب الأمين العام لمجلس الوزراء سيسهل محاربة الفساد، كون الفترة الماضية كانت سوداء تفشى خلالها الفساد ولم تقدم الخدمات للمواطنين، وهذا الأمر يعتبر واجبًا شرعيًا وأخلاقيًا عليه"، في حين عد مواطنون من غير البصرة وذي قار، أن "حسنة تعيين الغزي بهذا المنصب هو ابتعاد آل العلاق عن أحد مناصبهم الكثيرة" رغم أن أمر تعيينه نص أيضًا على تعيين مهدي العلاق مستشارًا لعادل عبد المهدي.
تصدير مسؤولين محليين للمركز
تصريحات أعضاء تحالف سائرون بشأن "كفاءة" الغزي في محاربة الفساد، يشبه أو ربما يندرج ضمن توجه اتبعته خلال السنوات السابقة، جهات سياسية تمثل بترشيح مسؤولين محليين من الجنوب لمناصب متقدمة في الحكومات المركزية بضمنها منصب رئيس الحكومة نفسه، رغم ما يطال بعضهم من اتهامات بالفساد أو التقصير أو "ضعف الأداء الوظيفي" والاهتمام بـ"الأمور الشكلية وإهمال الخدمات الأساسية".
من بين هؤلاء، خلف عبد الصمد محافظ ورئيس مجلس البصرة الأسبق، الذي تولى منصبه الأول للفترة من 2011 وحتى 2013 لينتقل إلى المنصب الثاني ثم يتركه بعد عام واحد إثر فوزه بمقعد برلماني في انتخابات 2014 ضمن ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، طرحه الأخير كمرشح لرئاسة الوزراء خلال مفاوضات تشكيل الحكومة الحالية.
عبد الصمد يقف بحسب نواب في البرلمان السابق منهم علي الجوراني، في مقدمة المسؤولين عن سوء الخدمات في محافظة البصرة والتي دفعت الآلاف من أبناء المحافظة إلى الخروج بتظاهرات الصيف الماضي احتجاجًا على تردي الخدمات وتلوّث مياه الشرب.
الجوراني اتهم عبد الصمد في أيام التظاهرات بـ"التورط في مشروع تحلية الفاو الذي كلف خزينة الدولة 89 مليون دولار دون أن ينجز، إضافة إلى 6 ملفات فساد أخرى خلال توليه منصبي محافظ ورئيس مجلس البصرة، مؤكدًا أنها "موجودة لدى هيئة النزاهة".
التيار الصدري طرح أيضًا محافظ ميسان السابق والحالي علي دواي لمنصب رئيس الوزراء لمرتين في 2014 و2018، كما استخدم صوره في الدعاية الانتخابية للوائحه الانتخابية في المرة الأولى كمرشح لرئاسة الحكومة.
واستند التيار في ذلك إلى الشعبية الواسعة التي يحظى بها دواي بعموم العراق نتيجة تداول صور ومقاطع مصورة تُظهره بسيطًا ويتجول في شوارع المحافظة مرتديًا بدلة زرقاء لمراقبة وتنفيذ بعض المشاريع وجلوسه مع العُمّال ومشاركتهم الطعام، ولهذا السبب رشحته صحيفة "لوس أنجلوس تايمز" كأفضل شخصية حكومية في مجال العمل والخدمات لعام 2012.
مجلس محافظة ميسان قرّر استجواب دواي لأكثر من مرّة في 2012 حول "مخالفات مالية وإدارية بينها التصرف بعائد منفذ الشيب الحدودي على مشاريع تكميلية دون علم المجلس، إضافة إلى التلكؤ في تنفيذ قراراته، وعرقلة مشاريع الاستثمار وتدخل مستشاره بشكل سلبي في التربية"، فيما قرر في ايلول/سبتمبر 2018 استجوابه بشأن "ضعف تنفيذ قرارات لمجلس المحافظة تهم حياة المواطنين".
مواطنون في ميسان يقولون إن "دواي اهتم بالشوارع الرئيسة وطلائها في وقت نشتري فيه مياه الشرب من جيوبنا لكون مياه الإسالة غير صالحة ونكتفي بها للغسل"، لكن غيرهم يشيرون إلى إكساء شوارع معظم مناطق المحافظة مؤخرًا.
أطلق محافظ واسط مبادرة للنظافة يُمنح بموجبها مبلغ 5 آلاف دينار لأصحاب "الستوتات" مقابل كل حمولة من النفايات ليقول البعض إنه كان جديرًا برئاسة الحكومة!
في واسط، أطلق المحافظ المنتمي لتيار الحكمة محمد المياحي قبل أسابيع مبادرة للنظافة يُمنح بموجبها مبلغ 5 آلاف دينار لأصحاب "الستوتات" مقابل كل حمولة من النفايات ينقلونها من الشوارع إلى أماكن الطمر الصحي، لينقسم رأي المواطنين هناك بين مؤيد ومخالف، ذهب بعضهم إلى رؤية أن المياحي كان "جديرًا" بأن يكون رئيسًا للحكومة الاتحادية القادمة، وآخرون أكدوا له عبر صفحته على "فيسبوك" أن مبادرته "شكلية" وتبدد جزء من موارد المحافظة وميزانيتها بلا مبرر، مع وجود دائرة حكومية مختصة ولديها عمّال واجبهم التنظيف ورفع النفايات، في وقت تحتاج فيه واسط إلى مدارس ومستشفيات جديدة وإكمال مشاريع خدمية متوقفة.
اقرأ/ي أيضًا:
ما هو تأثير "التسويات السياسية" على القضاء؟.. من مشعان الجبوري إلى الهاشمي!