تستمر أزمة ارتفاع الدولار مقابل الدينار في العراق، وسط تأثيرات جمة على الأسواق وحركتها داخل المحافظات، فيما أطلقت وزارة الداخلية، حملةً قالت إنها لـ"دعم العملة الوطنية في السوق المحلية ومحاسبة المخالفين"، كما دعت المواطنين إلى ضرورة "عدم التداول بالعملة الأجنبية"، وذلك لما لها من "أضرار على قيمة العملة الوطنية".
تقول وزارة الداخلية العراقية إنّ الدينار العراقي أصبح أقوى من السابق
وتشترك جهات عدة بهذه الحملة، بما فيها جهاز الأمن الوطني ووزارات الداخلية والتخطيط والتجارة، إضافة إلى البنك المركزي.
وبحسب التداول في البورصة، فقد وصل سعر صرف الدولار أمام الدينار في بغداد والمحافظات عند حاجز 1470 دينارًا، مرتفعًا عن الأيام السابقة.
عملة موازية
وتشدّد وزارة الداخلية، على ضرورة عدم وجود عملة موازية في السوق، لأنها "تسبب ضعفًا للدينار العراقي، مؤكدةً أن حملتها الأخيرة "ستكون توعويةً لا عقابية".
المتحدث باسم وزارة الداخلية اللواء خالد المحنا، رأى أنّ "هناك تقليدًا كان في الأسواق المحلية وهو التعامل بالعملات الاجنبية، إضافة إلى الدينار العراقي، وهذا التقليد ناتج عن فترة طويلة من الفترات التي حصلت فيها خلل اقتصادي وحصل فيها تضارب بأسعار صرف الدينار العراقي وأزمات مالية وغيرها".
ويقول المحنا لـ"ألترا عراق"، إنّ "هذا التعامل أدى إلى أن يكون هنالك عملة توازي العملة المحلية، وبالطبع هذا يحدث فقط في الدول التي تعاني من مشاكل اقتصادية كبيرة، أما بالنسبة للدول ذات الاقتصاد الثابت والمدعوم فتتعامل بعملتها الوطنية لا غير".
وكما تزعم الحكومة بذلك، تقول الداخلية أيضًا إنّ "الدينار العراقي أصبح اقوى من السابق"، كما تشير إلى أنّ "هنالك غطاء كبير كافي لتثبيت وتدعيم قيمة الدينار العراقي".
وبالنسبة لوزارة الداخلية، فقد "أصبح الآن غير مبرر وجود عملة ثانية توازي الدينار العراقي والتعامل بها خارج نطاق الضوابط والتعليمات وقوانين البنك المركزي العراقي"، مبينًا أنّ "الحكومة أطلقت في الوقت الحالي حملة بصدد تنفيذها من قبل وزارة الداخلية والتوعية عليها من خلال مديرية الشرطة المجتمعية والعديد من مديريات الشرطة التي ستقوم بالتثقيف والتوعية بإيصال الرسائل إلى كل المواطنين بضرورة أن يكون هناك تدعيم للدينار العراقي".
تعاني الأسواق العراقية من عدم الاستقرار منذ بدء أزمة الدولار
وحول إنفاذ القانون على المخالفين لقرار منع التعامل بالدولار، يوضح المتحدث باسم الداخلية، أنّ "الوزارة مكلفة بإنفاذ القانون وهنالك قوانين لا تسمح التعامل بالعملات الأجنبية، كما أنّ "التاجر الرئيسي أو المستورد الرئيسي هو من يحتاج العملة الأجنبية وفق السياقات التي حددتها الحكومة والبنك المركزي العراقي لذلك لا مبرر لوجود تعامل ثاني يوازي التعامل بالدينار العراقي".
تشجيع العملة المحلية
وحول الحملات الحكومية التي أطلقت مؤخرًا، يقول الخبير الاقتصادي، أحمد عبد ربه، في تصريح لـ"ألترا عراق"، إن "هذه الإجراءات ضمن خطوات تشجيع الدينار العراقي على حساب الدولار"، مضيفًا: "لا يمكن أن تستمر معارض السيارات وشراء بعض السلع عبر التعامل في الدولار".
ويقول عبد ربه إنّ "عملة الدينار هي في الوقت الحالي أقوى من الدولار لأسباب معينة"، مشيرًا إلى أنّ "رصيد العملة في العراق يتجاوز الـ 115 مليار دولار، كما أنّ إجراءات البنك المركزي جيدة"، لكنه يطالب البنك المركزي بـ"إزالة أو رفع بعض الغرامات على المصارف الأهلية التي انسجمت مؤخرًا، ومع الامتثال هذه الخطوة ممكن أن تسهم بإعادة الاستقرار إلى الأسواق المحلية".
استنزاف العملة الصعبة
وخلال الأشهر الماضية، أصبح تحويل الأموال من العراق إلى الخارج لأغراض التجارة والاستيراد مثار جدل، بعد الكشف عن مصارف عراقية تمارس عمليات غسيل الأموال بتهريب العملة الصعبة إلى خارج البلاد.
ورأى خبراء أن ما يحصل في السوق من التعامل بعملة الدولار يؤشر إلى وجود أعمال ممنهجة لاستنزاف الدولار، حيث يبيع البنك المركزي أضعاف ما يحتاجه التجار العراقيين للتجارة من الخارج.
يرى مراقبون أن تهريب العملة الصعبة من العراق لا يزال مستمرًا
ويقول المحلل السياسي، ماهر عبد جودة، إنّ "الأرقام التي تُباع في البنك المركزي تقارب الـ 300 مليون دولار في حين كل ما يحتاجه العراق ليستورد بضاعة من الخارج لا تتجاوز 50 أو الـ 75 مليون دولار، مؤكدًا: "إذًا هناك تسلط على المال العراقي".
ورأى جودة أن "هناك استنزاف للعملة الصعبة مقابل غياب واضح لمراقبة هذه الأمور بشكل تام"، كما يتساءل: "كيف تحتاج الأسواق للعملة الصعبة في حين يضخ البنك من 250 إلى 300 مليون دولار؟".
"مطاردة الصغار والتجار"
ويعتقد جودة أنّ "قضية ارتفاع الدولار فيه غسيل أموال واضح وفيه تهريب للعملة، قائلًا إن "العراق أصبح كأنه إن لم يكن هو من يصدر هذه العملة، فهو محطة واضحة ومنتجة في قضية أزمة السوق".
وأعرب جودة عن أمله، في "تطبيق ما توعد به السوداني لأن تكون هناك معالجة لهذه المشكلة في الأيام المقبلة".
وبحسب جودة، فإنّ "الصيرفات الصغار وأصحاب الأكشاك ممن يبيعون الخردة لقضية عملة الدولار ليسوا مؤثرين"، موضحًا أنّ "الخلل ليس في قضية مطاردة أصحاب البورصات الصغيرة وإنما محاسبة المصارف الكبيرة التي ينبغي أن تصل ما يحتاجهُ العراق أو على الأقل تسري وفق احتياجه وليس أن تؤخذ وتخزن أو ربما أن تذهب لدول الجوار".