05-أبريل-2022

حين خرجت تظاهرات تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، برز تعديل الدستور كأحد المطالب الرئيسية التي رفعها الشبان والناشطون. تم القفز فوق هذا المطلب والذهاب لتعديل قانون الانتخابات وتشكيل مفوضية انتخابات جديدة، ثم الاكتفاء بلجنة نيابية جلست لتعديل مواد الدستور وأنهت عملها دوت إعلان شيء، لتظل التعديلات في رفوف مجلس النواب لغاية اليوم.

تعديل الدستور هو الحدث الرئيس للحوار والخروج بصيغة حلّ لجميع المشاكل الحالية

الانسداد السياسي الذي وصل اليه البلد اليوم، هو نتيجة طبيعية لتهميش موضوع تعديل الدستور، الذي كان في وقته مناسبًا تمامًا، رغم عدم علمنا إلى الآن بشأن المواد التي تم تعديلها. ولكن لو تم كشفها سابقًا أو سيتم كشفها ستكون الحدث الرئيسي للحوار والخروج بصيغة حل لجميع المشاكل الحالية.

الجميع في الطبقة السياسية، وحتى القضاء الأعلى، متفقون على أنّ التعديل الدستوري ضروري جدًا من أجل إيجاد خطوات سلسة وواضحة للاستحقاقات الدستورية، وتكليف الرئاسات وتشكيل الحكومات وتشريع القوانين وتنظيم كيان الدولة في السنوات المقبلة.

هذا المطلب يجب أن يعاد دفعه إلى الأعلى. يجب أن يطفو على السطح من جديد، ويجب أن يبدأ به من ينادي بالإصلاح. إنّ من الضروري أن يتجه نحوه كل من يطلق شعارات الإصلاح في المنصات والمواقف الإعلامية، فلا حلّ قبل هذا الحلّ.

ويجب أن نقول، إنّ تهميشه ونسيانه وركنه بعد انتهاء عمل اللجنة التي قامت بكتابة التعديل، متعمد بشكل لا يقبل الشك، لكونه لو ظهر لكان الحال غير الحال اليوم، ولكان الانسداد السياسي على إجراء استفتاء شعبي من عدمه ورضا بعض الأطراف ورفض غيرها لبعض المواد الدستورية، أفضل مما يحصل الآن من انسداد حول قسة المناصب والبحث عن وزارات ورئاسات.

إنّ المشكلة التي يمكن أن تواجه التعديل الفعلي وطرحه للنقاش، تتمثل بتمسك بعض الكتل السياسية بالمواد التي حققت مكاسب لها، وبالتالي، تعتقد هذه الكتل أنّ المكاسب المتحققة لها في الدستور الحالي لا يمكن التخلي عنها خاصة فيما يتعلق بالمادة 140 للمناطق المتنازع عليها، وقانون النفط والغاز وما نشهده من سنوات بشأن الكتلة النيابية الأكثر عددًا، وما يحدث الآن حول ثلثي البرلمان لتمرير رئيس الجمهورية.

المشكلة الأخرى أيضًا، أنّ المادة (142-رابعًا) نصت على أنّ التعديل الأول للدستور يتطلب عدم رفض ثلثي المصوتين في ثلاث محافظات وهذا الشرط واجب التحقق لكي تمرر التعديلات الدستورية الأولى، وهو ما يصعب تحققه في ظل التجاذبات السياسية الحاليّة.

كما أنّ هناك خلافات أخرى تتعلق في طبيعة نظام الحكم، فيما إذا كان سيظل برلمانيًا أم سيتحول إلى رئاسي، فضلاً عن صلاحيات رئيس الجمهورية، وخلافات بشأن إبقاء مجالس المحافظات أو إلغائها وغيرها.

يفترض أن يتصدر مطلب تعديل الدستور حديث من يطالب بالإصلاح في العراق 

يتمثل الحلّ ربما في تشكيل لجنة من خبراء في القانون تتولى مهمة مراجعة الدستور، وإعادة كتابته على ضوء وضع العراق الحالي، مع الأخذ في نظر الاعتبار ما حصل من معوقات لتطبيق بعض مواده في سن بعض القوانين وخاصة، ليعرض على البرلمان والشعب بهدف المناقشة المستفيضة تمهيدًا لمسودة مقبولة تعرض للاستفتاء بهدف التخلص من كل المشاكل التي اصطدم بها مسار إدارة البلاد منذ 2003 وإلى اليوم.