25-يوليو-2023
الدولار في العراق

الحكومة قد لا تمتلك الأموال الكافية (Getty)

لم تستطع حكومة محمد شياع السوداني، حتى الآن، إنهاء أزمة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، إذ عادت الأسعار إلى الارتفاع مجددًا  على خلفية العقوبات الأمريكية التي صدرت مؤخرًا بحق 14 مصرفًا عراقيًا. 

يرى خبراء اقتصاديون أن إجراءات حكومة السوداني لمنع تهريب دولار "شكلية"

وما أن أعلن عن العقوبات، حتى شهد السوق ارتفاعًا في سعر صرف الدولار، حيث تجاوز سعر الصرف حاجز 1530 دينارًا للدولار الواحد وسط توقعات بارتفاع أكبر خلال الأيام المقبلة.

وتتهم الولايات المتحدة مصارف عراقية بتهريب العملة الصعبة إلى إيران وسوريا، فيما لا تمتلك السلطات العراقية أجوبة واضحة عن الكيفية التي يتم تهريب الدولار بها بعد إجراءات عديدة صدرت في الأشهر السابقة. 

وعلى إثر العقوبات الأخيرة، ذكر بيان للبنك المركزي العراقي، أنّ "منع مصارف عراقية من التعامل بالدولار جاء على خلفية تدقيق حوالات المصارف للسنة الماضية (2022)، وقبل تطبيق المنصة الإلكترونية، وقبل تشكيل الحكومة الحالية أيضًا"، مبينًا أن "المصارف المحرومة من التعامل بالدولار الأمريكي، تتمتّع بكامل الحرية في التعامل بالدينار العراقي بمختلف الخدمات ضمن النظام المصرفي العراقي، فضلًا عن حقّها في التعامل الدولي بالعملات الأُخرى غير الدولار الأمريكي".

وأكد البنك المركزي "سلامة معاملات التحويل" للخاجر عبر تطبيق المنصبة الإلكترونية، إذ أن "توسيع قنوات التحويل والبنوك المراسلة المعتمدة" يجعل عمليات التحويل "متاحة ومؤمّنة".

ولفت المركزي إلى أنّ "عدد المصارف المحلية التي تقوم بذلك قادر على تغطية طلبات التحويل كافة، مع قدرة البنك المركزي العراقي على تغطيتها بلا قيود أو سقوف، طالما أنّها تنطوي على عمليات مشروعة، علمًا أنّ المصارف الممنوعة من الدولار لا تشكّل طلباتها سوى 8% من مجموع التحويلات الخارجية".

الدولار

فخ لصيد المهربين

يرى الخبير المالي زياد الهاشمي، أنّ الولايات المتحدة الأمريكية تتعامل مع العراق كـ"ذراع اقتصادي" لدول فرضت عليها العقوبات، كما أشار إلى ضرورة "سد الثغرات التي من الممكن أن تُستغل لتهريب العملة". 

ويقول الهاشمي لـ"ألترا عراق"، إنّ "أسعار صرف الدولار ترتفع (بحرية كاملة) بعد الضربة الأمريكية الموجعة للنظام المصرفي العراقي".

وبالنسبة للهاشمي، فإنّ حكومة السوداني "يجب أن تتفهم أن الولايات المتحدة تتعامل اليوم مع العراق كذراع اقتصادي لدول تحت طائلة العقوبات الأمريكية، وهذا ما يفرض على الحكومة أن تعيد النظر بكافة الإجراءات التي اتخذتها مع المركزي العراقي".

أما عن الإجراءات الحكومية التي أعلنتها الحكومة بالتعاون مع البنك المركزي لمنع تهريب الدولار، يصفها الهاشمي بـ"الشكلية"، مبينًا أنّ "تلك الإجراءات فيها العديد من الثغرات التي تم استغلالها بشكل كامل في تهريب العملة الصعبة، وضرب الدينار والاقتصاد العراقي بمقتل".

ويرى الهاشمي أنّ "مرونة الولايات المتحدة في فترات سابقة بما يتعلق بعمليات بيع وتحويل الدولار، كانت فخًا لرصد الحركات المالية المشبوهة والأطراف التي كانت تدير هذه العمليات، وكان يجب على الحكومة أن تنتبه لذلك ولا تبلع هذا الطُعم".

والحكومة العراقية ـ والكلام للهاشمي ـ "أمام مفترق طرق اليوم، فأما أن تعيد تأهيل وتنظيم القطاع المصرفي وقطاع السوق بطريقة تحفظ فيها أموالها وتخلصها من التبعية الاقتصادية لدول أخرى، أو إبقاء حالة البؤس الاقتصادي كما هي عليه، وتقبل الصفعات الأمريكية بصبر وروح رياضية".

الدولار

سطوة سياسية تمنع المحاسبة

الباحث في الشأن السياسي، أحمد المياحي، يشير إلى وجود صعوبة لمنع بعض المصارف من تهريب العملة الصعبة إلى خارج العراق بسبب "سطوة سياسية" تمنع ذلك.

ويقول المياحي لـ"الترا عراق"، إنّ "العقوبات الأمريكية على بعض المصارف العراقية جاءت نتيجة طبيعية لعدم امتثال تلك المصارف إلى منصة البنك المركزي العراقي والمرتبط بالفدرالي الأمريكي، ما يعني أنّ تهريب العملة يسير على قدم وساق".

ويعتقد المياحي أنّ "هذه المصارف تستحق العقوبات بعد أن عجزت الحكومة عن محاسبتها بسبب السطوة السياسية التي يمتلكها أصحاب هذه المصارف على القرار السياسي والاقتصادي".

وأردف أن "تلك المصارف لم تراعي البنية الاقتصادية للبلد واستمرت بممارسة العمل غير القانوني، مما أعطى مساحة كبيرة للمضاربين بالعبث بالاقتصاد العراقي وإنشاء سوق موازي لسوق الأوراق المالية".

رأى خبراء اقتصاديون أنّ العقوبات الأخيرة ستؤدي إلى أزمتين، الأولى في انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار والثانية في شحة الدينار

ويقول المياحي إنّ الارتفاع الحاصل "سيكون مؤقتًا شريطة أن تقوم الحكومة العراقية بمنع الاستيراد لمدة لا تقل عن ستة أشهر، وهي من تقوم بالاستيراد فقط للمواد الأساسية الغذائية والإنشائية، ومن خلال مبدأ المقايضة لغرض السيطرة على عملية التهريب الممنهجة".

شحة في الدينار

وتحذر الخبيرة الاقتصادية، سلام سميسم، من أن تواجه الحكومة أزمة شحة في الدينار، نتيجة انخفاض مبيعات البنك المركزي من الدولار، مما قد يؤثر على تسديد رواتب الموظفين والالتزامات المالية.

وتقول سميسم لـ"ألترا عراق"، إنّ "العقوبات الأخيرة المفروضة على المصارف ستؤدي إلى شبه شحة في تداول الدولار بالسوق مع انخفاض الكمية المباعة من البنك المركزي وهذا سيؤدي إلى ارتفاع سعره مقابل انخفاض قيمة الدينار".

وترى سميسم أنّ "تلك العقوبات ستؤدي إلى أزمتين، الأولى هي انخفاض قيمة الدينار أمام الدولار والأزمة الثانية هي شحة الدينار، حيث "تصبح الحكومة لا تمتلك الأموال الكافية التي تستحصلها من بيع الدولار نتيجة انخفاض الكميات المباعة من العملة".