21-نوفمبر-2023
الحلبوسي

أعيد في الأوساط السياسية الحديث بإنشاء "إقليم سني" (ألترا عراق)

مع قرار المحكمة الاتحادية بإنهاء عضوية، رئيس مجلس النواب، محمد الحلبوسي، أعيد الحديث بفكرة "الإقليم السني"، خاصة مع تلويح الحلبوسي أثناء كلمة له في قضاء الكرمة، إنّ "هنالك قانون ودستور وإن لم يلتزموا بهما فنحن في حل من أمرنا معهم". 

هناك انقسام داخلي وإقليمي حول فكرة إنشاء "إقليم سني" في العراق

وينتقد المتحدث باسم مجلس عشائر محافظة صلاح الدين، مروان الجبارة، ترويج بعض الأطراف السياسية لفكرة إقامة "الإقليم السني"، معتبرًا أنها "محاولات يائسة من أطراف خسرت النفوذ السياسي والجماهيري".

فكرة قديمة جديدة

وقال الجبارة في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "الأقاليم حق كفله الدستور العراقي وفقًا للقانون والشروط المحددة، لكن المحافظات كصلاح الدين والأنبار ونينوى وديالى ليست مستعدة لمثل هكذا أفكار في الوقت الحاضر"، مضيفًا أنّ "الطبقة السياسية الحالية التي تمثل المكون السني لا تصلح لإنشاء إقليم، وهو بمعناه الحقيقي إداري وليس بالتسمية المغلوطة كإقليم سني، كما يحتاج الأمر لوقت أطول لنضوجه في أذهان القائمين الحقيقيين عليه، وليس الطارئين على العملية السياسية ويروجون لهذا المصطلح وقت الأزمات فقط وحين تنتفي مصالحهم في الحكومة الاتحادية".

ويروي الجبارة قصة تصويت مجالس المحافظات بين عامي 2010 و2011 على مقترح لـ"إنشاء إقليم إداري يمثل ديالى وصلاح الدين والأنبار، وفي وقتها كانت صلاح الدين هي من طالبت بشكل أساسي بهذا الأمر"، مؤكدًا أنه "في وقتها صوت مجلس محافظة صلاح الدين على فكرة الإقليم، ثم تلته ديالى، ثم الأنبار التي حدثت فيها مشكلة خلال التصويت، ولكن لم تظهر في الإعلام، ما أدى لاختفاء المشروع بالكامل نتيجة تدهور الأوضاع الأمنية وظهور التظاهرات في الساحات".

وقال الجبارة إنّ "محافظة صلاح الدين نتيجة طرح مشروع الإقليم في وقتها للتصويت واجهت ضغطًا شديدًا، لكنها صوتت بأغلبية له، كما في ديالى، حيث حدثت أوامر اعتقال وإلقاء قبض بحق أعضاء مجلس المحافظة نتيجة تصويتهم"، مبينًا أنّ "الأقاليم هي مشروع قديم وجديد بنفس الوقت، ومن حق أي محافظات المطالبة بإقليم إداري لا يكون طائفيًا أو عرقيًا".

وفي الوقت الحالي يعتبر طرح مشروع الإقليم ـ والكلام للجبارة ـ "هروبًا من قبل الأطراف السياسية السنية التي فشلت في الحصول على مبتغياتها وتحقيق مطالب محافظاتها، وأيضًا لكونهم لا يمتلكون النضج الكافي لقيادة المرحلة"، موضحًا أنّ "الإقليم بحال حصوله فهو يقلل هيمنة الحكومة المركزية على كل ما يخص المحافظات المطالبة بالإقليم وأموالها ومشاريعها وفرص إعمارها وجميع استحقاقاتها".

صلاح الدين

وعن إمكانية لعب الفاعل الدولي دوره في إقامة "الإقليم السني" من عدمه، يرى الجبارة أنّ "الدول الإقليمية والعربية المؤثرة في الواقع السني تحديدًا، والعراقي بشكل عام منقسمة حول هذه الفكرة"، مستدركًا بالقول: "لكن الدول الرئيسية الفاعلة مع عدم إقامة هذا الإقليم، لأنها ترى في الوقت الحالي مصلحة العراق في وحدته وحكومته الاتحادية التي تضم جميع الأطراف والمكونات".

"محاولة تعويض للخاسرين"

وفي الأثناء، اعتبر القيادي في تحالف الأنبار الموحد، حكمت سليمان الدليمي، ترويج فكرة إقامة "الإقليم السني" بعد إنهاء عضوية محمد الحلبوسي من رئاسة البرلمان، لا أساس لها في واقع المحافظات السنية، مبينًا أنّ "من خسروا السلطة والنفوذ يحاولون البحث عن مخططات جديدة لتقوية وجودهم".

وقال الدليمي، في حديث لـ"ألترا عراق"، إنّ "الإقليم السني لا وجود لطرحه وسط الجماهير والعشائر وكل من يمثلون المحافظات السنية، باستثناء بعض القوى التي خسرت نفوذها كحزب تقدم برئاسة الحلبوسي".

وأشار الدليمي إلى أنّ "الأحاديث الجدية لم تتطرق أبدًا لفكرة إنشاء إقليم سني، لكن ما يجري هو ردات فعل شعبية وضغوطات ضعيفة من قبل فئة جماهيرية فقط تأمل حدوث تراجع بقرار القضاء بإنهاء عضوية الحلبوسي من البرلمان، لكن الواقع، فإنّ القرار يعتبر باتًا وملزمًا ولا يمكن كسره".

ولفت إلى أنّ "كل الأطراف السياسية والعشائر في الأنبار تحديدًا لم تناقش بشكل جدي أو غيره هكذا فكرة"، معتبرًا أنّ "الأطراف التي ربما تأذت نفسيًا من قرار إقالة الحلبوسي هي فقط من يمكن ترويجها لهكذا مشروع ولكنه ليس واقعيًا".

ورأى الدليمي أنّ "قرار القضاء بحق الحلبوسي أفقده وحزبه النفوذ والحجم الأكبر الذي كان يتمتع به كقوة سياسية في الأنبار والمحافظات الأخرى"، معللًا ذلك بأن "قوة الحلبوسي وحزبه كانت محصورة فقط بالسلطة والمال، والآن فقدوا السلطة ولا يوجد لديهم خطاب سياسي حقيقي، كما أصبحت المؤشرات واضحة لخسارتهم ببدء بعض قيادات الحزب بالتفكك والانسحاب منه، مما سيجعل الانتخابات المقبلة في مجالس المحافظات تظهر بنتائج تحمل تغييرًا كبيرًا".

"إقصاء الشخصيات القوية"

ويرى الكاتب والمحلل السياسي، نظير الكندوري، أنّ "الأهوال التي مرت على المكون السني في العراق من سيطرة الأحزاب الشيعية على السلطة قد دفعت ببعض أبنائه للمطالبة بفكرة الإقليم السني مجددًا، معتقدًا أنّ "موضوع إقصاء محمد الحلبوسي من البرلمان رسخ هذه الفكرة بشكل أكبر". 

ويقول الكندوري لـ"ألترا عراق"، إنه "على عكس المكونين العربي الشيعي والكردي في العراق، إذ كانوا من أشد المناصرين لتضمين موضوع إنشاء الأقاليم في الدستور، كان المكون العربي السني من أشد المعارضين لهذه الفكرة على اعتبارها تمهد لتفكيك العراق إلى دول صغيرة متفرقة"، مستدركًا بالقول: "لكن بعد الأهوال التي لاقاها المكون السني طيلة سنوات الاحتلال وسنوات سيطرة الأحزاب الشيعية على السلطة بالعراق، بدأت تظهر للعلن دعوات بين أبناء المحافظات السنية لتشكيل إقليم خاص بهم".

وبحسب الكندوري، فإنّ "المطالبات حاليًا بدأت تتصاعد بتشكيل الإقليم السني، وتأتي كرد فعل على إقالة رئيس البرلمان محمد الحلبوسي، وما يرافقها من خوف من انحدار الحالة الأمنية في مناطقهم إلى ما هو اسوأ"، معتبرًا أنّ "حادثة إقالة الحلبوسي عن منصبه، جعل العرب السنة يستقر في نفوسهم شيئًا فشيئًا أن الأحزاب الشيعية والميليشيات الشيعية، غالبًا ما تعمد على إقصاء الشخصيات السنية القوية، والتي تتوقع منها الخروج عن طاعتها، وهذا حصل مع شخصيات سنية عديدة في فترات سابقة، قد تم إقصاؤها من العمل السياسي، مثل نائب رئيس الجمهورية السابق، طارق الهاشمي، وكثير من الشخصيات السياسية المؤثرة".

رأى باحثون أن الأحزاب التي تقول إنها "سنية" لا تستطيع أن توحد الجماهير  حتى على أساس طائفي

ووفقًا للكندوري، فإنّ دعوات تشكيل "إقليم سني وجدت استحسانًا من بعض الدول الإقليمية التي تصب الخطوة في مصلحتها، وذلك لأن تشكيل الأقاليم في الدولة العراقية من شأنه إضعاف السلطة المركزية في بغداد، وهذا ما تريده تلك الدول الإقليمية التي لا تريد للعراق أن يكون دولة مركزية موحدة ذات قوة، بالإضافة إلى أن تلك الدول تطمع بالاستفادة من الإقليم السني الوليد لعقد الصفقات الاستثمارية، لا سيما وأن الإقليم السني المنشود، يحتوي على ثروات كبيرة من الغاز الطبيعي والفوسفات وغيرها من الثروات، التي يمكن استثمارها من قبل تلك الدول".

ويستبعد الكندوري استعداد المحافظات المحرّرة لتشكيل إقليم، وذلك "بسبب الصراعات بين الكتل السياسية السنية وعدم توحدها على هدف واحد، بالإضافة إلى اختلافها، وعدم امتلاكها حاضنة شعبية حقيقية تستطيع السيطرة من خلالها على حكم الإقليم، إذ أن غالبية تلك الأحزاب، ما هي إلا عبارة عن تجمعات لشخصيات من رجال الأعمال، يشترون الولاءات بأموالهم ويحاولون الاستفادة من المناصب الحكومية لتمرير صفقاتهم التجارية والاقتصادية، ولهم تاريخ طويل بالفساد حالهم كحال معظم الكتل السياسية العراقية".

ولا تستطيع "الأحزاب السنية أن توحد الجماهير  حتى على أساس طائفي، كما تفعل الأحزاب الشيعية التي لديها حاضنة شعبية باسم الطائفة، والأحزاب الكردية تمتلك حاضنة شعبية باسم القومية الكردية"، بحسب الكندوري.