23-يوليو-2023
التصحر

دعوات لاتخاذ موقف واضح من تركيا (Getty)

من أكثر تأثيرات أزمة المياه والجفاف في العراق كانت على الزراعة التي شهدت إهمالًا أصلًا قبل الأزمة، لكنّ الشح الأخير، أدى إلى انخفاض نسبة الأراضي الزراعية من 80 مليون دونم إلى 14 مليون دونم فقط، إثر تراجع مناسيب المياه من تركيا وإيران. 

أقرّت وزارة الزراعة بأن كل المحاولات لم تفلح لإعادة نسب إطلاقات المياه الطبيعية من تركيا إلى معدل 500 متر مكعب في الثانية

ويشهد الموسم الحالي، تراجعًا مفزعًا من ناحية زراعة العديد  من المحاصيل التي كان يشتهر بها العراق، وفيما يؤكد المتحدث باسم وزارة الزراعة، محمد الخزاعي، حاجة البلاد لكميات كبيرة من المياه لتحسن القطاع الزراعي مجددًا، فإنّ وزارة الموارد المائية تقول إن الخزين المائي الحالي هو الأقل بتاريخ العراق. 

الأراضي الزراعية

ويقول المتحدث باسم الزراعة، محمد الخزاعي، إنّ "الخطة الزراعية الصيفية تم تحديدها بمليون و100 ألف دونم للبساتين ومليون دونم للاراضي الصحراوية و 5 آلاف دونم لزراعة الشلب تقسم إلى ثلاثة آلاف دونم لمحافظة النجف وألفي دونم لمحافظة الديوانية".

وأضاف الخزاعي لـ"ألترا عراق"، إنّ "إطلاقات المياه من إيران في نهر الكارون ستحسن الوضع الحياتي في مناطق شط العرب وانحسار اللسان الملحي، ما سيؤدي إلى عودة الحياة الذي سيؤدي لتحسن الأراضي الزراعية بالقرب منه"، مستدركًا "لكنّ تحسن الأراضي الزراعية بشكل عام في العراق يتطلب كميات مياه كبيرة ومعالجات للمشاكل المزمنة مع دول المنبع وأبرزها تركيا". 

ويقرّ الخزاعي بأنّ "كل المحاولات لم تفلح لإعادة نسب إطلاقات المياه الطبيعية من تركيا إلى معدل 500 متر مكعب في الثانية"، مبينًا أنّ "الإطلاقات الموجودة حاليًا هي 75 متر مكعب في الثانية الواحدة، وهي لا تكفي أبدًا لسد حاجة العراق الذي يعاني نقصًا حادًا في المناسيب".

ويؤكد رئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، النائب فالح الخزعلي، تراجع نسبة الأراضي الزراعية، حيث "انخفضت من 80 مليون دونم إلى 14 مليون دونم فقط، وذلك "نتيجة تراجع مناسيب المياه من دول المنبع تركيا وإيران".

وبحسب الخزعلي، فإنّ "تركيا تمتلك نفوذًا سياسيًا وقواعدًا عسكرية في العراق تجعلها متمكنة مما تمارسه ضد مصالح العراق"، حيث يكشف أنّ "عودة تركيا لإطلاق مناسيب المياه في الفترة الأخيرة جاء كصدقة ولمدة شهر واحد فقط". 

ويعتقد المسؤول النيابي، أن "تركيا تعود لتخفيض حصة المياه لعدم وجود حلول دائمية مستمرة مع العراق"، لافتًا إلى أنّ "تركيا غير جادة بمنح العراق استحقاقه المائي طوال السنة".

جفاف

وبالنسبة لرئيس لجنة الزراعة والمياه والأهوار النيابية، فإنّ الخلل أيضًا يكمن في السياسة المائية للعراق، حيث "يتم العمل بطريقة الري كما في زمن الملك حمورابي، ما يؤدي إلى هدر كميات كبيرة تؤثر على الأمن الغذائي في البلاد".

واعتبر الخزعلي أنّ "التجاوزات التي تحصل على مصادر المياه تجري في كل المحافظات وهناك خشية من صراع سكاني نتيجة المشاكل المائية".

ويؤكد الخزعلي على أهمية "إعادة النظر من قبل الحكومة في منظومات الري والاتجاه للمرشات المحورية التي يتم العمل بها الآن بنسبة 5 % فقط"، مضيفًا لـ"ألترا عراق"، أنّ "شح المياه تسبب بهجرة مئات الآلاف من سكان المناطق الريفية والأهوار، كما تأثر ما نسبته 20 % من الثروة الحيوانية خلال العامين الماضيين".

تعبر لجنة نيابية عن خشية من صراع سكاني بين المحافظات نتيجة المشاكل المائية

دراسات متعددة تتطرق لأبواب الهدر في المياه، مشيرة إلى أنّ الجزء الأكبر منه تتحمله الجهات الحكومية المسؤولة في العراق، وفي تقارير سابقة تطرّق "ألترا عراق" للهدر الذي يجري بين الطرق المتخلفة للسقي، فضلًا عن الكميات التي تتبخر من المسطحات المائية والخزنية في العراق، حيث أظهرت الحسابات أن العراق يهدر ماءً يعادل 145% من الكمية المقطوعة عبر جيرانه.

وفي تقرير آخر، توصل "ألترا عراق"، إلى أنّ العراق يرمي 15% من إيراداته المائية السنوية إلى البحر، في محاولة "بدائية" لإيقاف زحف وتمدد اللسان المحلي من الخليج العربي إلى داخل شط العرب في محافظة البصرة، وهو باب آخر من أبواب الهدر المائي، والذي يعدّ من أهم مؤاخذات الجانب التركي على العراق بدعوى ترك مياهه تذهب إلى البحر دون فائدة.

رئيس لجنة المياه النيابية، فالح الخزعلي، دعا رئيس الحكومة محمد شياع السوداني إلى "اتخاذ موقف واضح تجاه تركيا وسياسة التعطيش التي تمارسها تجاه العراق عبر تطبيق مقترحات كثيرة يمكن العمل عليها، كزيادة التبادل التجاري مقابل توقيع اتفاقية مائية ملزمة".

وشدد الخزعلي على "ضرورة الاتجاه نحو المشاريع الإروائية الحديثة وبناء سد واحد في شط العرب لمنع دخول اللسان الملحي أكثر من الآن".