23-ديسمبر-2023
اقتصاد العراق

تحدث صندوق النقد الدولي عن خطر زيادة التوظيف في العراق  (ألترا عراق)

مع توقعات صندوق النقد الدولي، تراجع نمو الناتج الإجمالي وزيادة العجز المالي في العراق، في العامين الجاري والمقبل، وذلك بفعل "تقليص إنتاج النفط بموجب التخفيضات التي تنفذها مجموعة أوبك، ونتيجة لتوقف خط الأنابيب الواصل مع تركيا، يتحدث العديد من المختصين عن "عدم اتفاق" مع هذا التوقع. 

قال صندوق النقد الدولي إنّ حدوث الزيادة الجوهرية في أعداد المنتسبين للقطاع العام والتقاعد سيشكل ضغطًا على الأموال العامة

وفي ختام مباحثات قام بها خبراء الصندوق مع ممثلين للسلطات العراقية خلال كانون الأول/ديسمبر في عمّان، توقع خبراء الصندوق "اتساع حجم العجز المالي للحكومة بدرجة أكبر في عام 2024 بما يعكس الأثر السنوي الكامل لإجراءات الموازنة". 

والتوسع الكبير في المالية العامة، بما في ذلك حدوث زيادة جوهرية في أعداد المنتسبين للقطاع العام والتقاعد، يخلق "متطلبات دائمة من الإنفاق العام الذي سوف يشكل ضغطًا على الأموال العامة على المدى المتوسط"، وفق بيان صندوق النقد الدولي

وعلّق أستاذ الاقتصاد في جامعة بغداد، والمختص بالشأن المصرفي، علي دعدوش، على بيانات صندوق النقد الدولي وتوقعاته حول زيادة العجز المالي للعراق في العام المقبل 2024، فيما عبّر عن "عدم اتفاقه مع تلك البيانات وفقًا للغة الأرقام على الواقع في الموازنة الاتحادية".

وقال دعدوش لـ"ألترا عراق"، إنّ "المؤسسات الدولية لديها العديد من الخبراء الباحثين والمتخصصين لتحليل وقائع الدول الاقتصادية، فعندما تصدر تقاريرها بخصوص دولة ما، فإنها تعتمد على ما متاح لديها من معلومات تستقيها من نفس باحثيهم لتلك الدولة".

وأضاف أنّ "الكل يعلم بضعف العراق من ناحية البيانات وشفافيتها ويحتل مركزًا متأخرًا وهو 157 من أصل نحو 180 مرتبة"، وبالتالي فإنّ "البيانات التي نشرت اعتمدت على سعر برميل النفط بـ 70 دولارًا والصرف الرسمي 1300 دينار، وهي معلومات ناجمة عن التعقيم النقدي بين وزارة المالية والمركزي العراقي". 

وبيّن أنّ "نتائج تقرير صندوق النقد الدولي أظهرت أن سعر التعادل 112 دولارًا للبرميل، بمعنى جمعت نفقات الحكومة للموازنة الثلاثية بصورة مباشرة حيث تكون نفقاتها 198 تريليونًا *   3 = 594 ترليون دينار، أي ما يعادل 456 مليار دولار، وهذه هي التفصيلة في طرح تقرير الصندوق".

واستدرك دعدوش بالقول: "لكن ربما تناسى باحثي صندوق النقد الدولي بأنّ العراق لم يصرف كافة نفقات الموازنة، ولديه فائض مالي بنحو 48 ترليون دينار، أي نحو 37 مليار دولار، وهذا سوف يسعفه بحال انخفاض أسعار النفط في عامي 2024، وعلى أقل تقدير في الربع الثالث من العام المذكور". 

وبالنتيجة النهائية، فإنّ العراق ـ والكلام للخبير الاقتصادي ـ "لا يعاني من عجز مالي في عام 2024 حتى لو انخفض سعر النفط إلى 60 دولارًا لغاية الربع الثالث من العام".

أما بقية التوقعات والتحذيرات إيجابية كانت أم سلبية، فهي مرهونة على "واقع الدول المصدرة والمستهلكة للنفط وتعتمد على التطورات والمتغيرات التي تحدث في الاقتصادات العالمية، فضلًا عن العوامل الجيوسياسية واستمرار الحروب مثل العدوان على غزه،  والحرب بين روسيا أوكرانيا"، كما يقول دعدوش. 

اعتبر خبراء اقتصاديون أن  الأرقام التي صرح بها صندوق النقد الدولي عن حال العراق غير مشجعة إطلاقًا

وحول خطط السياسة المالية للعراق على أرض الواقع، أشار الأكاديمي إلى أنّ "الموازنة العامة هي من أبرز الخطط خصوصًا الموازنة الاستثمارية، فضلًا عن خطة التنمية الوطنية لوزارة التخطيط المزمع صدورها عام 2024، وهذين تشتملان على جميع المشاريع الاستثمارية الحكومية والقطاع الخاص معًا"، فيما أكد أنها "تعتمد على مدى وجود الإرادة والإدارة السليمة والجادة في تغيير واقع الاقتصاد والتحول عن الريعية في الأداء نحو التنويع الاقتصادي، ومدى التزام الحكومة ببرنامجها الاقتصادي اتجاه الشراكة مع القطاع الخاص من حيث بناء قاعدة إنتاجية وتخفيض الاستيرادات بصورة تدريجية وفقًا لآليات وإجراءات معينة". 

وفي الأثناء، رأى الباحث في الشأن الاقتصادي والمصرفي، مصطفى أكرم حنتوش، أنّ صندوق النقد الدولي في بيانه الأخير قد أوضح الموقف المالي للعراق بشكل صريح، ولم يعتمد على بيانات استقصائية كما في السنوات الماضية.

وقال حنتوش، لـ"ألترا عراق"، إنّ "خبراء الصندوق قد التقوا مع شخصيات عراقية ذات اختصاص ذهبت بوفد رسمي إلى عمان وجرى عقد اجتماعات لبيان الواقع المالي في العراق، وهو ما أدى لصدور تصريحات من الصندوق بكل شفافية، ولأول مرة تحصل بعيدًا عن المعلومات التي كان الصندوق يؤشرها وفقًا لمصادره والاستقصاءات التي يعمل عليها".

وبالنسبة لحنتوش، فإنّ "التواصل بين الصندوق والجانب العراقي خطوة جيدة في هذه المرحلة لإيضاح جميع الإشكاليات".

لكنّ الأرقام التي صرح بها الصندوق عن حال العراق تعتبر غير مشجعة إطلاقًا، كما يرى حنتوش، وذلك لأنّ "الطموح يجب أن يكون في عام 2024 ببلوغ الإيرادات غير النفطية نسبة 5 % مع ضرورة تخفيض التضخم الذي يبلغ 7 %". 

وبحسب حنتوش، فإنّ "المصارحة التي حصلت الآن من قبل العراق لصندوق النقد تمثل خطوة جريئة بتقديم كل البيانات اللازمة كي يعتمدها الصندوق في عمله والتعاون الذي يبديه، والابتعاد عن التحليلات والمصادر"، معتبرًا أنّ "الاعتراف العراقي بالمشاكل وتشخيصها يمثل أمرًا جيدًا من أجل بداية حلها وإصلاحها".