تظاهر المئات، مؤخرًا، أمام مجمع "جوهرة بغداد" السكني، جنوبي العاصمة بغداد، تحديدًا في منطقة الدورة، على خلفية عدم التزام الشركة المنفذة للمشروع بعقود البيع الخاصة بأراض اشتراها مواطنون بنظام التقسيط، ودفعوا مبالغ كبيرة من قيمتها على مدى 4 سنوات.
وبحسب الموقع الرسمي للشركة المنفذة، فإن مشروع "مدينة جوهرة بغداد" يعد من "أفخم المجمعات السكنية" في بغداد من حيث موقعه المطل على نهر دجلة، بمساحة 2844 دونم، بواقع 15 ألف وحدة سكنية.
يقول أحد المتظاهرين لـ "الترا عراق"، إنّ "هناك العشرات من المواطنين اشتروا أراض سكنية في مجمع جوهرة بغداد منذ العام 2018، وفقًا لتعاقدات رسمية ومصدقة من قبل الجهات القانونية بينهم وبين الشركة القائمة على تنفيذ المشروع والمالكة للأرض".
باعت الشركة أراض ضمن المشروع بمساحة 200 متر مربع ثم تراجعت عن عقود البيع بعد سنوات
الشركة باعت، وفق المتظاهر، قطعًا للسكن بمساحة 200 متر مربع بسعر 25 مليون دينار، بمقدمة مالية ودفعات شهرية تبلغ 370 ألف دينار، قبل أن ترتفع الأسعار إلى أكثر من 125 مليون دينار خلال العام الماضي.
الأرض بيعت بناءً على إجازة استثمارية رسمية باسم شركة "مسار التنمية"، التي يملكها محمد عباس الجبوري.
ويضيف المتظاهر، أنّ "الشركة أبلغتهم في شهر نيسان/أبريل من العام الماضي، بأنّ الأراضي لم تعد لهم، وعليهم مراجعة مقر الشركة لاستعادة أموالهم"، مبينًا أنّ "المواطنين يمتلكون عقود قانونية تثبت ملكيتهم للأراضي، وجميع الأقساط دفعت وفق وصولات رسمية".
ويؤكّد المتظاهر، أنّ "المستثمر أبلغ المستفيدين من قطع الأراضي أنّ المشروع بيع إلى رئيس تحالف السيادة خميس الخنجر، والأخير قرر رفع الأسعار، لكن ما ظهر لاحقًا أنّ صاحب الشركة الحقيقي هو النائب السابق إياد الجبوري، وقد تنازل عن 51% من اسهم الشركة إلى المستثمر محمد عباس الجبوري، والذي بدوره قام ببيع المشروع مؤخرًا".
تحاول الشركة في الوقت الراهن، بحسب المتظاهرين، تصفية العقود السابقة بسرعة، وإجراء نظام بيع جديد بشكل وحدات سكنية جاهزة مقابل 300 مليون دينار، ما دفع المشترين السابقين إلى تقديم عشرات الدعوى القضائية ضد الشركة أمام مجلس القضاء الأعلى، منذ أشهر، لكن الدعاوى لم تجد تحركًا جادًا "إثر ضغوط سياسية".
لا تحرك قضائي!
في المقابل، لا يملك المشترون، نحو 1200 شخص، سندات قانونية تثبت حقهم في امتلاك الأراضي قانونيًا، على الرغم من دفعهم مبالغ طائلة.
يقول أحدهم لـ "الترا عراق"، إنّ "المستثمر محمد عباس الجبوري، أبلغ المواطنين بعدم قدرته على تسليم الأراضي لهم في موعدها المحدد وفقًا للعقود، كون المشروع بيع إلى جهات سياسية كبيرة في البلاد (عنوةً)، وهي من تتحكم فيه الآن".
ويضيف المواطن، أن "المستثمر ترجى المواطنين فسخ العقود والتنازل عن الأراضي مقابل بيعهم أراضي زراعية في مشروع آخر"، مؤكدًا أنّ "الأرض التي يتحدث عنها المستثمر تعود إلى وزارة الزراعة، وهو من استولى عليها".
حصل فريق "الترا عراق" على وثائق تكشف عن ملكية الشركة وتشير إلى دعوى قضائية بحقها
تلقت الشركة 90 إنذارًا، بتهمة التلكؤ في تنفيذ المشروع، دون إجراء تحقيق أو استدعاء بحق المسؤولين عنها، يؤكد المواطن.
وثائق خاصة
فريق "الترا عراق" حصل على وثائق تشير إلى بيع 51% من أسهم الشركة من قبل النائب إياد الجبوري، إلى المستثمر محمد عباس الجبوري، فضلاً عن التفاصيل الكاملة للعقود المبرمة بين الشركة والمواطنين والدعاوى القانونية المقدمة أمام القضاء.
تواصل الفريق مع المستثمر الذي يملك الأسهم الأكبر في الشركة، محمد الجبوري، لكن الأخير رفض الحديث عن الأمر، واكتفى بالإشارة إلى عدم "إمكانية الحديث عن الموضوع".
وبحسب موقع هيئة استثمار بغداد، فإن مشروع "جوهرة بغداد" السكني يحمل إجازة استثمارية لتنفيذ مجمع سكني أفقي "دور سكنية وفلل"، بأحدث أساليب البناء والمعايير والمواصفات العالمية المعتمدة لدى البلدان المجاورة، ووفقًا لقانون الاستثمار رقم 13 لسنة 2006 المعدل.
وتأسست شركة "مسار التنمية" للاستثمارات العقارية في 20 شباط/فبراير 2022، وهي متخصصة في مجال نشاط الاستثمارات العقارية وممارسة كافة الأنشطة الداخلة ضمن نطاق الاستثمارات العقارية، بما فيها إنشاء مجمعات سكنية مع كامل خدماتها، وإعداد تصاميم الوحدات السكنية وشبكات الخدمات بمواقع المشاريع والمراقبة الفنية في العراق.
"فخ احتيال"
إلى ذلك، يقول مسؤول في هيئة استثمار بغداد، إنّ "المواطنين اشتروا هذه الأراضي من قبل مكاتب أهلية، وليس بشكل مباشر من الشركة، على الرغم من أنّ الهيئة منحت إجازة استثمارية لبناء وحدات سكنية وليست لبيع أراض سكنية".
تقول هيئة الاستثمار إنّ إجراءات البيع جرت عبر مكاتب غير مجازة يجري الآن العمل لإغلاقها
ويشير المسؤول، إلى أنّ "هناك اجتماعًا عقد بين ممثلين عن الشركة والمواطنين في مقر الهيئة لإيجاد الحلول النهائية للازمة"، مبينًا أنّ "الشركة تريد استكمال بناء الوحدات السكنية وبيعها، فيما يصر المواطنين على شراء الأراضي فقط".
المسؤول الذي تحدث إلى "الترا عراق" بشرط عدم كشف هويته، بيّن أيضًا أنّ "الهيئة أبلغت المواطنين بالذهاب إلى نقابة المهندسين من أجل دراسة المشروع ومعرفة تكلفة بناء الوحدة السكنية، ودفع الفروقات المالية للشركة لاستكمال المشروع، إلاّ أنهم رفضوا ذلك أيضًا".
هيئة استثمار بغداد أبلغت قيادة العمليات من أجل الذهاب إلى المنطقة المعنية وإغلاق مكاتب بيع هذه الأراضي بعيدًا عن الشركة المعنية، وفق المسؤول، إذ "لا تمنح الهيئة أي إجازة رسمية لبيع الأراضي، وإنما فقط لبناء مجمعات سكنية".