الترا عراق - فريق التحرير
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش، السلطات العراقية في نينوى ومناطق أخرى باعتقال ومضايقة عاملين في مجال الإغاثة بتهم "مزيفة" بالإرهاب، وإجبارهم على التوقف عن تقديم الخدمات لبعض العائلات، لأهداف ترتبط بـ "الفساد"، فيما كشفت عن فحوى رسالة وجهتها إلى رئيس الوزراء عادل عبد المهدي.
اتهمت منظمة هيومن رايتس ووتش السلطات في نينوى بمضايقة واعتقال عاملين إغاثة لأهداف "فساد" أو منع مساعدات عن عائلات
قالت لما فقيه، نائبة مديرة قسم الشرق الأوسط في المنظمة، في بيان صدر اليوم الإثنين 25 شباط/فبراير، إن عمال إغاثة يواجهون تهمًا بالانتماء إلى "داعش" وقد اعتقلوا، فيما رأت أن توجيه تلك الاتهامات لهم من قبل السلطات المحلية "محاولات مكشوفة لدفع بعض المنظمات إلى تحويل المساعدات إلى سلطات محلية فاسدة أو التوقف عن تقديم المساعدة إلى بعض العائلات المحتاجة المتهمة بوجود أقارب لهم في داعش".
نقل البيان، شهادتين لشخصين كانا يتتبعان "مضايقات واعتداءات جسدية على موظفي الإغاثة من قبل مسؤولين حكوميين"، حيث قالا إنهما "وثّقا ما لا يقل عن 22 حادثة في نينوى، تراوحت بين الترهيب والاعتقال والاعتداء والسطو وحوادث إطلاق للرصاص الحي منذ كانون الثاني/يناير 2018"، كما أشارا وفقًا للبيان إلى أن "مثل هذه التجاوزات لم تقتصر على المحافظة، فقد حدثت حالات مماثلة في أماكن أخرى من العراق".
قالت هيومن رايتس ووتش أيضًا، إنها وثقت حالتين احتجزت فيها السلطات عمال الإغاثة بسبب العمل الإنساني، واتهمتهم بالانتماء إلى "داعش"، إحداهما وقعت في في أوائل كانون الأول/ديسمبر 2018، مستعرضة شهادة محام عراقي يعمل لدى منظمة إغاثة قال، إن "ضباط المخابرات العسكرية اعتقلوه مع سائقين وعدد من النازحين كان يحاول مساعدتهم في الحصول على وثائق هوية"، مضيفًا إنهم "استجوبوا المجموعة مرارًا واتهموهم بالانتماء لداعش على الرغم من تدقيق أسمائهم على قواعد بيانات أمنية والتأكد من أنهم غير مطلوبين".
رفض الضباط الإفراج عن المجموعة حتى بعد أن سمع المحامي قاضيًا اتصل به أحد الضباط يقول له إنه لا يمكن أن يتهم المجموعة بأي شيء، ثم نقلوا إلى مركز للشرطة ليفرج عنهم بعد ذلك، وفقًا للمنظمة.
بينت هيومن رايتس ووتش، أنها وثقت 17 حالة كان فيها المحامون العاملون لصالح منظمات إنسانية في نينوى خلال العامين الماضيين قد شهدوا أو تعرضوا هم أنفسهم لمضايقات أو تهديدات بالاعتقال أو الاعتقال.
نقلت المنظمة، حالة أخرى حدثت مؤخرا، حيث قال عامل إغاثة أجنبي إنه في أوائل يناير/كانون الثاني 2019، رأى زميلا له، وهو حارس في مخيم للنازحين جنوب الموصل، يمنع مجموعة من الشرطة المحلية المسلحة من دخول المخيم بعربتهم المدرعة. وكان هذا الإجراء متوافقا مع المبادئ الإنسانية العالمية المتعلقة بطبيعة المخيمات ومع توجيه صدر في نيسان/أبريل 2017 من رئيس الوزراء آنذاك، حيدر العبادي، والتي تحظر على الأفراد المسلحين الدخول إلى المخيمات. لكن عامل الإغاثة قال إن الشرطة ألقت القبض على الحارس بعد أن ترك العمل، واقتادته إلى مركز شرطة محلي، وضربته وسرقته، واتهمته بالانتماء لداعش. وبعد تدخل الزملاء، أطلقت الشرطة سراحه وأسقطت الادعاءات ضده، ولكن في وقت لاحق من تلك الليلة، قام نفس الضباط بتوجيه تهديدات بالقتل له ولحراس آخرين في المخيم.
وفي حالة أخرى، قالت إحدى عاملات الإغاثة إن العاملين في إحدى منظمات الإغاثة رفضوا إضافة مختار إلى قائمة المستفيدين من خدماتها، لأنه لم يستوف معاييرها. فتقدم المختار بشكوى إلى مكتب محافظ نينوى، قائلا إن المنظمة تدعم "داعش".
وقالت عاملة الإغاثة إن الرجل اتصل بأحد أعضاء الفريق وقال إنه سيسقط الشكوى إذا أضافوا اسمه إلى القائمة. رفض عامل الإغاثة. قالت موظفة الإغاثة إنها تلقت مكالمات من 3 منظمات أخرى أخبروها أنه في اجتماع مع محافظ نينوى، قال نائبه إن منظمتها "تدعم الإرهاب" وأن مكتبه فتح تحقيقا كاملًا.
ومنذ ذلك الحين، استدعى مساعد إداري في مكتب محافظ نينوى العديد من موظفي منظمة الإغاثة لاستجوابهم. وفي أوائل تشرين الأول/أكتوبر، اتصل مكتب المحافظ بعاملة الإغاثة مرة أخرى، طالبًا الحصول على قوائم المستفيدين في المنظمة "للتدقيق فيها لاستبعاد عائلات داعش". وقالت إن مكتب المحافظ طلب من المجموعة أيضا توظيف 3 أشخاص محددين، ملمحًا إلى أن تعيينهم سينهي هذه الاتهامات.
وقالت عاملة الإغاثة إنه نتيجة للتهديدات والمطالب، التي وصفتها بأنها روتينية في عدة مناطق تعمل فيها المنظمة، اضطرت إلى وقف 3 مشاريع رئيسية في نينوى، وقد هدد المانحون بسحب تمويلهم نتيجة لذلك.
وقد بينت هيومن رايتس ووتش، أن "المحاولات المحلية لاستخدام مزاعم الإرهاب من أجل إرغام المنظمات على تغيير قوائم الأشخاص الذين يحق لهم الاستفادة من خدماتها نجحت في بعض الحالات"، فيما نقلت عن عامل إغاثة أجنبي آخر قوله، إن "وكالته ترسل مهندسين لتحديد منازل المدنيين التي تحتاج إلى إعادة تأهيل في المناطق التي تضررت من القتال، لكن محافظًا أخبره أنه يُحظر على المنظمات التي تعيد بناء الممتلكات الخاصة، إعادة تأهيل منازل العائلات المشتبه انتمائها لداعش".
في أوائل تشرين الثاني/نوفمبر، قال عامل الإغاثة، وفقًا لبيان المنظمة إن "مختارًا اتصل بفريقه في الموصل وقال إن المنظمة لا تستطيع العمل في 20 منزلا محددًا، لأنه كان لديه معلومات جديدة بأن هذه العائلات لديها أقارب من أعضاء داعش. وأضاف عامل الإغاثة إنه طالب بتقديم أدلة على هذه المزاعم، لكن منظمته كانت قلقة من أنه إذا ثبت وجود هذه العلاقات، فإن السلطات ستعرقل عملها، لكنها استمرت في أعمالها في تلك المنازل.
سبق أن وثقت هيومن رايتس ووتش، منع قوات الأمن عائلات معيّنة من تلقي مساعدات إنسانية أو قانونية إذا اعتبرت السلطات أو المجتمعات المحلية أنها لها صلات بتنظيم "داعش"، مبينة أن "وكالات الإغاثة قالت إنها أثارت هذه الحوادث مع مكتب رئيس الوزراء، لكنها لم تستلم معلومات حول الخطوات الملموسة المتخذة للتصدي للهجمات ومنع المزيد من المضايقات".
في 21 فبراير/شباط، أرسلت هيومن رايتس ووتش رسالة إلى رئيس الوزراء، تطلب فيها معلومات عن الخطوات التي اتخذها مكتبه للتحقيق في مزاعم الهجمات على عمال الإغاثة، ومعاقبة ضباط الأمن المسؤولين عن الهجمات، ومنع الهجمات المستقبلية، وفق بيان المنظمة، مشددة على ضرورة أن "تدرج قوات الأمن العراقية، بدعم من شركاء التحالف، المعلومات المتعلقة بحماية العاملين في المجال الإنساني والمبادئ الإنسانية في مناهج التدريب، وأن تضع إجراءات تشغيلية موحدة للتحقيق ومعالجة حوادث الاستهداف أو التدخل في العمل الإنساني".
كشفت رايتس ووتش عن توجيه رسالة إلى عبد المهدي تطلب فيها معلومات عن خطوات معاقبة الضباط المسؤولين عن الاعتداء على عمال الإغاثة
دعت المنظمة أيضًا، الجهات المانحة التي تموّل العمليات الإنسانية في العراق، وشركاء التحالف، والقادة في الوكالات والمنظمات الإنسانية إلى "إثارة حالات الاستهداف والتدخل مع مكتب رئيس الوزراء ومع قوات الأمن المتورطة، والضغط على الحكومة لوضع حد للهجمات ومحاسبة المسؤولين"، فيما طالبت المانحين بـ "انتهاز جميع الفرص للتأكيد على المبادئ الإنسانية ومبادئ البرامج القائمة على الاحتياجات للمسؤولين الحكوميين".
قالت فقيه في ختام البيان، إنه "ما لم يكن هناك استجابة قوية للانتهاكات بحق العاملين في مجال الإغاثة ومحاولات تقويض عمليات الإغاثة، فسيصبح من الأصعب والأكثر خطورة بالنسبة لهم مساعدة العراقيين الذين يحتاجون إلى مساعدتهم، بما في ذلك العائلات ذات الانتماء المزعوم لداعش".